نبذة تأريخية سريعة:

١. حرب الخليج الاولى عام ١٩٩١

خرج نظام نظام صدام حسين من حرب الخليج الاولى وتحرير الكويت عام ١٩٩١ منهك ومهشم الجسد. انتفض الكورد في الشمال والشيعة في الجنوب ضد صدام ونظامه البعثي الذي استعمل كل الوسائل الوحشية ضد معارضيه السياسيين.

تحرر اقليم كوردستان العراق في الشمال بعد انتفاضة اذار ١٩٩١ بفضل قوات البشمركة، فاضطر صدام ان يسحب الادارات والمؤسسات المركزية وخلق هذا الانسحاب الكلي للمؤسسات العراقية فراغا سرعان ما ملئه الجبهة الكوردستانية. انتقل السلطة الى الجبهة الكوردستانية التي نظمت انتخابات فازت بها الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة الرئيس مام جلال الطالباني والحزب الديمقراطي بقيادة مسعود البارزاني، واقر البرلمان الكوردي ١٩٩٢ الفيدرالية لاقليم كوردستان العراق. كان هذا الانتزاع للسلطة انتقال للنضال من الجبال الى المدن الكوردية التي كانت بحاجة ماسة الى كل الخدمات. تخلل المنافسة على السلطة شوائب كاد ان تقود اقليم كوردستان الى الهاوية لولا اتفاقية واشنطن بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي أنهى كليا الحرب الاهلية في الاقليم المتطلع الى المستقبل.

أما الشيعة في الجنوب فقد انتفضوا ضد نظام صدام في الثورة الشعبانية عام ١٩٩١ بعد انتهاء حرب الخليج وتوقيع وقف اطلاق النار بين القوات المتحالفة واالحكومة العراقية. واجه نظام صدام الثورة الشعبية في الجنوب بوحشية وقساوة شديدة وصلت الى حد قصف الاماكن المقدسة التي اتخذت منها العوائل كمأوى ومكان أمان للنساء والاطفال، فكانت بداية النهاية له ولنظامه.

&

٢. حرب الخليج الثانية وولادة عراق جديد:

انهار نظام صدام حسين والبعث بعد حرب تحرير العراق عام ٢٠٠٣ وادخل العراق تحت البند السابع للامم المتحدة. عادت الاحزاب المعارضة الى العراق وعادت الحياة السياسية والتعددية، وبعد عدة سنوات تم تثبيت الفيدرالية في الدستور العراقي الذي صوت له حوالي ٨٠٪ من الشعب العراقي، وبموجبه تحول اقليم كوردستان العراق الى منطقة استثمار ومنطقة استقرار.

أما المناطق الشيعية فقد بقيت كما هي محافظات تابعة مباشرة للحكومة المركزية. ورغم المحاولات العديدة لانشاء اقليم البصرة، الا أن المشروع الفيدرالي في الجنوب لم ير النور بعد.&

أما المناطق السنية فهي تعيش في حالة سبات وشبه تهميش منذ سقوط نظام صدام. والخلل ربما يعود الى وجود نشاطات مكثفة للتنظيمات الارهابية فيها فضلا عن عدم قدرة السياسيين السنة من المحافظة على استقرار مناطقهم وانتزاع مكتسبات سياسية واقتصادية واستيعاب المرحلة الراهنة التي يمر بها البلاد.&

&

اقليم كوردستان: الاستقرار والانتعاش الاقتصادي

تمتع اقليم كوردستان العراق بهدؤ تام في وقت كانت المناطق العراقية الاخرى تلتهب بنيران التفجيرات والعمليات الارهابية. استقراره وأمانه جعله من طليعة المناطق التي يتوجه اليه المستثمرون المحليون والاجانب بحد سواء. ومن جانب آخر السياسة العقلانية التي انتهجتها قيادات الاقليم قد قاد السفينة الكوردية الى بر الامان. فمن جهة اصبح اقليم كوردستان العراق البوابة الاقتصادية التي تمر منها أكثرية الشركات المستثمرة في العراق ومن جانب آخر اصبحت أربيل وصالوناتها السياسية مكان ادارة الازمات الداخلية والخارجية العراقية، تجتمع فيها الاحزاب العراقية لكي تتفق أو لا تتفق مما جعل من الاقليم نقطة ارتكاز التوازن العراقي.&

&

تضاريس الخارطة السياسية العراقية:

١- لم يطرأ تغيير ملموس في الخارطة السياسية العراقية، فأكثرية القوائم الشيعية خرجت من الانتخابات بمقاعد برلمانية قريبة عدديا من ما كانت لديها في السابق، وكذلك الحال للقوائم السنية وخاصة قائمة النجيفي التي اصبحت بشكل أو بآخر القائمة الرئيسية للسنة. والخاسر الكبير في هذه الانتخابات باعتقادي هو د. أياد علاوي وقائمته التي لم تحصل عدديا على نفس المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات السابقة.&

٢- بالنسبة للقوائم الكوردية، خرج الاتحاد الوطني الكوردستاني من الانتخابات أكثر قوة من قبل، ولم يعد الحزب الديمقراطي الكوردستاني العمود الفقري للتحالف الكوردستاني في بغداد. هذا التغيير في موازين القوى بين القوائم الكوردية يؤثر بشكل أو بآخر على سياسة التحالف الكوردستاني في بغداد. هبوط شعبية الاتحاد الوطني الكوردستاني في انتخابات الاقليم شهر نهاية شهر سيبتمبر الماضي كانت بسبب تعالي الاصوات داخل صفوفه بتبني اصلاحات سياسية داخل الحزب والحكومة، وانشقاق حركة التغيير منه. استقطبت حركة التغيير المنشقة في بادئ الامر شرائح من المجتمع الكوردي وخاصة في معقل الاتحاد التأريخي مدينة السليمانية. لكن الحركة سرعان ما فقدت زخمها الجماهيري لاسباب كثيرة، منها عنادها ومحاربتها المستمرة للاتحاد الوطني الكوردستاني الأم وكأنها اسست فقط لهذا الغرض، وكذلك تحالفها المبكر مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني لكسب بعض المناصب الحكومية التي كانت تقلل من شأنها وأهميتها وهي اليوم تخوض المعارك من أجلها.

السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو، ما هي شكل وقالب الحكومة العراقية المقبلة؟

وهل ستمدد القوائم الفائزة أربع سنوات أخرى لنظام التوافق لتأليف الحكومة العراقية القادمة، أم ستتبنى نظام الاكثرية البرلمانية كما يناشد له البعض هنا وهناك؟

أسئلة كثيرة أخرى نترك اجابتها لخيال القارئ في الوقت الحاضر، وسنجيب عليها قريبا في مقالة اخرى باذن الله تعالى.

&

باريس