تسابق البعض من سياسي العراق وربما في مقدمتهم ائتلاف المالكي على تشبيه مهمة رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي بسلسلة الافلام التشويقية التي تحمل اسم (المهمة المستحيلة) مع توضيح مع فارق ان بطل السلسلة توم كروز ينجح في نهاية كل فلم وان العبادي ليست لدية الفرصة لانه في الحياة الحقيقية وليست هوليود.
والناظر الى الامر بشكل عام لايجد سبباً لمثل هذا التشاؤم والسوداوية الا اذا كان لغاية في نفوس مروجيه والداعين لنشره لان مهمة العبادي تختصر في مبدأ واحد وهو (سلامة النية وصدقها) في التعامل مع كل الشركاء وبغياب هذا المبدأ فان كل عمالقة ونجوم صناعة السينما لن يستطيعوا ان يفعلوا شيئاً للعبادي.
وليس من الاستعجال في شيء لو قلنا ان العبادي تأخر حتى الان في القاء كلمة اولية لتطمين كافة ابناء الشعب العراقي وعرض خطوط بسيطة من المنهج الذي يعتزم السير عليه والخطط الموجودة في جعبته والمخصصة لمعالجة كافة اشكال التراجع الذي اصاب جميع مفاصل الدولة العراقية بلا استثناء.
والرهان الاكبر لدى المواطن اليوم هو ان يكون العبادي قد تعلم من اسلافة في المنصب بعض الدروس في المجالات الامنية وتتضمن المهنية في بناء القوات والتشكيلات والحيادية في ادائها وفي الجوانب الاقتصادية فأن ارثاً كبيراً من الفقراء والعاطلين يأملون خيراً في المرحلة المقبلة وعلى المستوى الاجتماعي فان الحاجة ملحة لترميم الاضرار الكبيرة التي اصابت جسد المواطنة العراقية واول الغيث هو في النظرة المتساوية للجميع ولا يفوتنا ان نذكر ملف السياسة الخارجية وحاجته لخلق توازن حقيقي في التعامل مع مختلف دول العالم بشكل عام والجوار العراقي على وجه الخصوص.
ان تجربة السنوات العجاف الماضية علمتنا قاعدة اساسية في ان الصوت العالي والخطابات المتشنجة ولغة التهديد والوعيد والتلويح بالانتقام والانتقام المضاد لم ينتج منها سوى زيادة طوابير العراقيين الواقفين في ابواب السفارات طمعاً في تأشيرة دخول او المتوسلين على شبابيك الامم المتحدة لاستجداء فرصة هرب ولجوء الى اي بقعة من العالم.
ولانطالب العبادي بالاعتذار عن حماقات سلفه الذي وعدنا بفتح (ابواب جهنم) ولكننا نريد منه موقف شجاع يراجع فيه سياسات (صاحب الفقاعه وبحور الدماء) وان يصارح الشعب بحقيقة الاوضاع القائمة حالياً وان يسعى للعمل الفعلي في مجال الاصلاح والتغيير الذي يستبشر به العراقيون اليوم ويعدون انفسهم بغد افضل.
نعم ايها السيد العبادي ضع امام عينيك ان المالكي ذهب مغضوباً عليه من اغلب الشعب (باستثناء دائرة المستفيدين) وانك تملك فرصة ذهبية في الانتقال التدريجي بهذا الشعب نحو واقع تحقيق المطالب المشروعة وتقديم الخدمات والتعامل المتوازن قدر الامكان مع ابناء هذا الشعب الذي يمن عليه الحكام من اقدم الازمان بانهم يتفضلون عليه بتركه يشم الهواء.
ليس مستحيلاً يارئيس الوزراء ان تستمع الى الشركاء بصدق وان تستعين بذوي الخبرات الحقيقية وان تبعد المتملقين واصحاب الهتافات الكاذبة وان تتحاور مع اشد الخصوم وان تخاف الله في هذا الشعب خصوصاً وانك من خلفية اسلامية تؤمن بانه (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة) فأتقي الله فينا يارئيس الوزراء.
التعليقات