نشهد منذ مدة تصعيدا منذ مدة لمواجهة بين منابر دينية(مسيحية إسلامية-إسلامية)، تتسم بلهجة تغلب عليها لغة التعصب و التقوقع و الانغلاق، وهو مايخدم تأجيج روح التعصب و الحقد والکراهية، وهو أمر يضفي المزيد من التوتر و التصعيد على الاجواء التي هي اساسا مشحونة بفعل التطرف الديني الذي يلقي بظلاله الداکنة على منطقة الشرق الاوسط.
المنبر الديني، من أي دين کان، لابد أن يبقى على الدور الإيجابي المعهود و المعروف له بين الناس، أي إرشاد و توجيه الناس و دعوتهم للتسامح و للإستقامة و الصلاح و حب الخير و التضحية و الإيثار، کما ان من ضمن الواجبات التي تقع على عاتق المنبر الديني، إبعاد الناس جهد الامکان عن کل مامن شأنه إثارة الفتن و الضغائن والفرقة و الاحقاد التي تٶدي للمواجهات الاستثنائية و إراقة الدماء، وان إذکاء نار الفتنة الدينية و الطائفية، هو أمر لايخدم جميع الاطراف و کل الاديان بل هو حتى لايخدم الانسانية و کل مايمت له بصلة و السماء براء منه.
المنبر الديني، بمثابة سيف ذو حدين، إذ بإمکانه أن يکون مثل مدرسة روحية أخلاقية، تهذب النفوس و تقومها و تنقيها من شوائب و ادران الحقد و الضغائن و تدفعه للإنفتاح على اخوانه في الانسانية والتسامح و عدم التصادم و التعارض معهم، لکن بإمکان المنبر الديني أن يصبح أيضا على النقيض من ذلك تماما، أي يصبح معترکا لعزل البشر عن بعضهم البعض و زرع روح الکراهية و التنافر و الاختلاف و رفض الآخر فيما بينهم، أي بتعبير آخر، يجعلون من الواقع الاجتماعي أشبه ببرکان قد ينفجر في أية لحظة و لايعرف حدود لثورته العاصفة، وان الذي يراهنون على الصنف الثاني من المنابر، فإنهم يراهنون على لغة اراقة الدماء و الفوضى و الدمار و الفتنة التي لايعلم سوى الله سبحانه و تعالى نهايتها، ولهذا فإنه من الاجدر برجل الدين وقبل أن يقف على المنبر ليخطب أن يعلم بأنه سيکون مسٶولا عن کل مايبدر عنه أمام الله و الانسانية و التأريخ. فلسفة الاديان في جوهرها و مضمونها الاساسي، تدعو البشرية للمحبة و التصافي و السلام و حب الخير و روح المساعدة و النصرة لکل محتاج و مظلوم، وان أي مجتمع ملتزم بالقيم و المعايير الدينية من دون تطرف او غلو، هو مجتمع محب للخير و تهيمن عليه قيم و أفکار التسامح و العفو و مساعدة الآخرين، ولذلك فإن على جميع رجال الدين من مختلف الاديان أن يتذکروا دائما الامانة السماوية و الانسانية و الاخلاقية التي في أعناقهم و لايجعلون من ألسنتهم أبواقا للشر و المفتنة و إراقة الدماء، کما يريد و يتمنى دائما الشيطان الرجيم.
اننا نرى اليوم الحاجة أکثر من ماسة لتقارب ديني من أجل التفاهم، وحتى أن يتخذ قرار ديني مسيحي إسلامي وإسلامي إسلامي بوجوب الاطلاع على الخطب الدينية قبل إلقائها، وبنفس الوقت مراقبة و محاسبة أي رجل دين من أي دين کان إذا خرج على النص و دعا لأي تحريض او تأليب او دعوة علنية للتعصب و الکراهية.
&
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
&
- آخر تحديث :
التعليقات