بعد مرور ثلاثة أشهر على جريمة خطف و قتل آلاف الجنود العراقيين وهم عزل من السلاح على يد عصابات إرهابية مسلحة، و إضطرار الحكومة العراقية للخضوع لإرادة الجماهير وإجراء تحقيق عاجل فيما تم من إنكسار رهيب للجيش العراقي أمام جحافل إرهابية بسبب سوء التخطيط وفشل القيادة والخيانة والتواطيء على اعلى المستويات، بات من الواجب و الضروري تحديد المسؤولية ومحاسبة من تسبب في الوصول لتلكم الهزيمة المروعة والكارثة البشرية الرهيبة التي لم يكن لها أي سابقة في تاريخ الجيش العراقي الطويل و الحافل بالعديد من الصفحات الرمادية، ماحصل من إنهيار تكلل بسقوط محافظة الموصل وهيمنة الإرهابيين على مقدراتها حتى اليوم وكذلك سقوط صلاح الدين ( تكريت ) و تهديد تخوم أربيل التي كانت على وشك السقوط لولا تدخل الطيران الأمريكي وماحصل من مجازر لليزيديين و المسيحيين ولعموم مكونات المنطقة هو من المحن الكبرى التي مر بها العراق و يمر بها حاليا بعد أن تسيدت الفوضى الموقف و بات العاجزين من المسؤولين العراقيين غير المؤهلين هم من يتحكم بسيناريوهات المشهد العراقي الدموية.
&
لقد عقد البرلمان العراقي جلسة إستماع لبعض المسؤولين العسكريين وكان في طليعتهم وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وبعض الضباط و لكن القائد العام للقوات المسلحة وهو جنرال حزب الدعوة والقائد السابق نوري المالكي لم يحضر تلك الجلسة وتغيب عنها عمدا ومع سبق الإصرار ولأسباب غير معروفة لايمكن تفسيرها إلا بإحتقار الجماهير و التعالي على البرلمان و بروحية الغطرسة التي عرف بها المالكي و تميز من خلال سنوات قيادته الفاشلة العجفاء!، فالقائد العام هو وحده من يتحمل المسؤولية المباشرة فيما حصل، وهو وحده من ينبغي عليه توضيح و مناقشة ملابسات ماحدث، وهو وحده الذي تقع على عاتقه مسؤولية الهزيمة بشقيها السياسي و العسكري، فهو ومكتبه العسكري المسؤول الأول عن إختيار الضباط و القيادات العسكرية، وهو وحده من يقرر في ملفات الأمن و العسكر و المخابرات و الإقتصاد، وهو في طليعة من ينبغي أن يدفع ثمن الهزيمة المريرة و التي لن تقتصر نتائجها على زمن وحدث معين بل ستكون لها تداعياتها الحتمية على مستوى مستقبل حالة السلم الأهلي و التعايش الطائفي في العراق، فالجريمة للأسف ذات أبعاد طائفية مريضة وخطيرة للغاية وهي تيار صاعق و مدمر لو لم تتم السيطرة عليه ففيه النهاية الحقيقية للعراق كبلد موحد و بما تمتد مؤثراته لدول المنطقة و للجوار الإقليمي أيضا، جريمة معسكر سبايكر النكراء يتحمل المالكي مسؤوليتها المباشرة أمام التاريخ، لقد حدثت هزائم عديدة ومريرة و نكراء في تاريخ العرب بقيت نتائج التحقيق فيها للأسف حبرا على ورق و لم يتم حتى اليوم تحديد المسؤولية المباشرة عنها، فهزيمة 5 حزيران/ يونيو 1967 على الجانب المصري وضياع سيناء و تدمير الطيران المصري ظلت حتى اليوم مجالا للتكهنات و التفسيرات المختلفة وتمت محاكمة بعض القادة العسكريين دون التطرق أبدا لمسؤولية القيادة السياسية العليا المسؤولة عن إندلاع الحرب ثم إدارة المعركة بعقلية معارك العشيرة وليس وفقا لأسلوب إدارة المعركة، ولن نذهب بعيدا في المقارنات مع الوضعية العراقية القيادية الرثة التي أوصلت البلد لهذا الخراب العظيم و المقيم، فالقادة الفاشلين ومن أهل الشهادات العلمية المزورة لايمكن لهم أن يقدموا أي عطاء سوى التزوير و الذي هو مهنتهم الحقيقية وسر وجودهم، ولعل إستمرار فشل الجهد العسكري الحكومي العراقي في تنظيف البلد من العصابات الإرهابية مرده الرئيس لكون من يقود العمليات الميدانية هم أهل الميليشيات وليس قيادات عسكرية كفوءة فلا وجود لجيش عراقي محترف، بل أن ذلك الجيش وبقيادة المالكي وشركاه قد تحول لملحق و تابع للميليشيات الطائفية التي تسيرها خطط الحرس الثوري الإيراني و أساليبه القتالية وبما إنعكس على معنويات عناصر الجيش الحكومي المفتقد لعقيدة قتالية وللروح التي تدفع للعمل الجدي، لذلك نرى طوابير الهاربين من الجيش العراقي تسد الآفاق إلى الدرجة التي يعلن فيها وزير الدفاع وكالة عن أن عدد المفقودين من جيش بلغ تعداده 20 ألفا قد وصل إلى 11 ألف؟ وكلمة مفقود تعني مجهول المصير، بين القتل و الأسر أو الهروب و التسرب..! مثل هكذا إدارة لابد أن تحاسب وفورا ووفقا للقوانين العسكرية وإلا فأقرأوا على العراق السلام... فلاخير في وطن يكون السيف عند جبانه، والمال عند بخيله و الرأي عند عديمه!!... و تلك و أيم الله قاصمة الظهر.
&
&

&