ملاحظة:
أبشر السادة القرّاء بان هذا المقال هو المقال الأخير في سلسلة مقالاتي عن الاٍرهاب وأشكر الذين أعجبوا بتلك المقالات كما اشكر الذين أبدوا الاستياء من هذه السلسة الطويلة من المقالات ثقيلة الدم والبعيدة عن مقالاتي الساخرة، ولا أستطيع ان اشكر القرّاء الذين استغلوا باب تعليقات القرّاء لتمرير فاصل من الردح الديني والذي لا علاقة له بالمقال من بعيد او قريب، وهم بالطبع احرار فيم يكتبون وايلاف بصفتها جريدة ليبرالية تنشر ما يصلها من القرّاء، ولكني كنت أتمنى ان يكون تعليقات القرّاء تخص موضوع المقال ولا تستغل مساحة الحريّة لكتابة هذه الفواصل المقيتة من الردح الديني والتي اثبتت لي بما لا يدع مجالا للشك ان داخل كل منا داعش صغير ينتظر الفرصة لكي يدمر الاخر، وان امامنا مشوار طويل جدا قبل ان نتقبل الاخر، وهذا هو بيت القصيد في مقاومة الاٍرهاب وهو ان نتقبل الاخر..
....
ذكرت في اول مقال لي في تلك السلسة بان الحلول الأمنية والعسكرية وحدها لا تكفي لمقاومة التطرّف والارهاب، بل على العكس احيانا الحلول الأمنية والعسكرية تنتج جيلا من الإرهابيين اكثر شراسة، فنحن نعرف ان تنظيمات الجهاد والجماعات الاسلامية الأكثر شراسة من الاخوان المسلمين ولدت داخل غرف التعذيب في سجون عبد الناصر للإخوان في الستينيات، واعتقالات تنظيم القاعدة في العراق توالدت منها تنظيم داعش، والله اعلم ماذا سوف تولد لنا الاعتقالات والإعدامات بالجملة في مصر حاليا؟
...
ورغم عدم اقتناعي بفاعلية الحلول الأمنية والعسكرية لأَنِّي مؤمن تماما بان الحرب ضد الاٍرهاب هي حرب أفكار، الا انني لا اعتقد ان الحلول الأمنية والعسكرية المتبعة الان هي حلول غير ناجحة تماما بدليل اننا نرى اضطراد وزيادة في إعداد الإرهابيين وإعداد الضحايا. فكما ذكرت من قبل فانه في تاريخ الحروب، لم يسبق لجيش نظامي ان حسم الحرب ضد الميليشيات او حرب العصابات والأمثلة أمامنا كثيرة فها هي امريكا بجلالة قدرها بعد ١١ سنة من الاحتلال لم تستطع هزيمة طالبان في أفغانستان بل توسعت طالبان وفتحت لها فرعا في باكستان، وفشلت اسرائيل في هزيمة حماس والقضاء عليها، وفشلت مصر ايام الستينيات في هزيمة رجال العصابات في اليمن، وما زالت مصر تعاني في حربها ضد الإرهابيين في سيناء.
الارهابيون ورجال العصابات والميليشيات يتوهون وسط المدنيين، ويختبئون وراءهم ويتخذون الأطفال والنساء دروعا ويخزنون الأسلحة في المساجد، ولا يتورعون عن القيام باي عمل ولا يعترفون بمعاهدات جنيف في الحروب ولا يعترفون بشيء اسمه حقوق الانسان، وهدفهم هو احداث اكبر عدد من الخسائر وسط العسكريين والمدنيين على حد سواء، بينما الجيوش النظامية تحاول قدر الإمكان تجنيب المدنيين اهوال الحروب مثلما فعل عبد الناصر عندما قام بحماية المدنيين من اهوال الحرب مع اسرائيل وذلك عندما قام بتهجير كل سكان مدن قناة السويس في اكبر عملية هجرة في تاريخ مصر.
لذلك لا بد من محاربة الإرهابيين بطريقتهم، والكلام سهل ولكن السؤال هو كيف يمكن هذا؟
الارهابيون يهاجمون بإعداد قليلة وعملياتهم فردية، لذلك لا بد من محاربتهم باقل عددممكن تجنبا للخسائر
الارهابيون عادة مدربون على مستوى عال لذا يجب ان يتولى محاربتهم أفضل القوات تدريبا لدينا
الارهابيون لهم عقيدة قتالية لا نظير لها، وهم يتمنون الموت بل ويسعون اليه، لذا يجب ان يكون هناك عقيدة قوية لمحاربيهم وهي انهم يحمون الوطن واهلهم من مستقبل مظلم اذا انتصر الاٍرهاب .
الارهابيون أصبحوا يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت في البروباجاندا لأنفسهم ، فلا بد من ان يكون محاربوهم على نفس المستوى.
...
وما اقترحه في هذا المجال هو:
اولا: التوقف عن الاعتقالات العشوائية قدر الإمكان، لانه ليس اقسى على إنسان من ان يعتقل وربما يعذب بدون ان يرتكب اي شيء لان هذا الانسان عندما يخرج من المعتقل سيُصبِح قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي مكان.
ثانيا: يجب عمل محاكمات سريعة لمن اعتقل وثبت تورطه في اعمال ارهابية، لان العدالة البطيئة تعتبر ظلما في كثير من الأحيان .
ثالثا: يجب على القضاه مراعاة ضمائرهم في الأحكام ويقلعون عن احكام الإعدام العشوائية التي جعلتنا مسخرة في العالم كله.
رابعا: على رجال الأمن ان يعلموا تماما ان مهمتهم الاساسية هي أمن المواطن وان محاربتهم الاٍرهاب هو امر طاريء حتى وان طال، لذا يجب ان تكون هناك فرق خاصة لمحاربة الاٍرهاب بحيث لا يؤثر هذا على مهمة الأمن الاساسية وهي امن المواطن.
خامسا: تجميع المعلومات عن أماكن الإرهابيين وخططهم المسبقة هي نصف النجاح ، ويجب المبادرة بالهجوم دائماً بدلا من رد الهجوم او رد الفعل.
سادسا: يجب تكوين قوات خاصة من الجيش والشرطة على اعلى مستوى وفي مجموعات صغيرة، وترتدي هذه القوات الملابس المدنية ولها تسليح خفيف، ويمكن ان تقوم بإطلاق الذقون ان لزم الامر حتى يمكنها اختراق المنظمات الإرهابية، ويمكن مساندتها جوا ان لزم الامر.
سابعا: يجب رصد مكافات ضخمة للمدنيين الذين يدلون بمعلومات صحيحة عن أماكن اختباء الإرهابيين او عن اي عمليات متوقعة او عن أماكن تخزين أسلحتهم ومفرقعاتهم.
ثامنا: الاعلام له دور رئيسي في تجييش الجيوش ضد الاٍرهاب وليكن لنا في قناة الجزيرة أسوة حسنة حيث تقوم بتجبيش الجيوش الارهابية.
...
والحرب ضد الاٍرهاب طويلة وقد تستغرق عدة اجيال، ولكن يجب الا ننسى انها حرب أفكار : فكر متخلف ضد فكر تقدمي والنصر فيها سيكون للفكر التقدمي لان التاريخ لا يرجع للوراء حتى وان تعثر في الاٍرهاب .
...
Twitter:
@samybehiri
التعليقات