&منذ أن سقطت الطائرة الروسية في سيناء المصرية، وراح ضحيتها 224 راكباً، والدول الغربية تنشر شائعات حول أسباب سقوطها عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، بعيداً عن أي تقرير رسمي موثق من أي جهة استخباراتية، ودون دليل قاطع، على ما تشيعه هذه الدول، خاصة بريطانيا وأمريكا..

فقد زعمت بريطانيا أن الطائرة من المحتمل أن تكون سقطت نتيجة عمل إرهابي، ومن ورائها أمريكا تسير على نفس النهج، وتسلك ذات الطريق، رغم أن أسرار سقوط أي طائرة دوماً تتكشف للقاصي والداني بعد تفريغ "الصندوق الأسود" الذي يسجل كل شاردة وواردة تحدث داخل الطائرة قبل وأثناء السقوط، الأمر الذي أثار الكثير من الشبهات والشكوك حول نوايا هذه الدول السيئة تجاه مصر..

البلبلة التي أحدثتها انجلترا بمزاعمها الجوفاء الخالية من الأدلة.. واتجاهها إلى ترحيل رعاياها من مصر وبالتحديد من شرم الشيخ، أدت إلى اتخاذ دول أخرى نفس القرار، ومنها ايرلندا وبلجيكا والدنمارك والسويد، وغيرهم، وكأن هذه الطائرة هي الوحيدة التي سقطت على مستوى العالم، ولم يحدث أن سقطت طائرات من قبل..

هذا السعار الذي أصاب الغرب لا يخلو من التآمر على مصر، بمحاولة إثارة الرعب بين السياح، حتى يستبعدوا مصر من خريطتهم السياحية، وبذلك يتم ضرب السياحة، ما يؤثر على الاقتصاد على المدى القريب والبعيد، خاصة وأن الفترة القادمة كانت ستشهد وصول آلاف السياح للاستمتاع بأجواء الشتاء الدافئة.. ما يؤكد أن هناك دولاً تريد توجيه ضربة استباقية لمصر بغض النظر عن نتائج التحقيقات التي ستفصح عن أسرارها بعد تفزيغ الصندوق الأسود..

نحن في مصر، لا نستعبد أي احتمال بما فيه إسقاط الطائرة نتيجة عمل إرهابي، عن طريق وضع قنبلة داخل الطائرة أو تفخيخ الطائرة، لكن هذا يعتمد ويتوقف على نتيجة التحقيقات التي لا تقوم بها السلطات المصرية منفردة، بعد مشاركة وفد استخباراتي روسي في تحديد أسباب هذا الحادث الجلل..&

جميعنا يعلم أن الغرب، خاصة أمريكا وانجلترا، ساعد الإخوان المسلمين في الوصول إلى رأس السلطة في مصر، في مقابل وبهدف تنفيذ مخططاتهم في تقسيم الوطن إلى دويلات صغيرة، بعد سقوطها في مستنقع النزاعات، لتتحول إلى نموذج لا يقل سوءاً عن العراق وسوريا وليبيا واليمن، لكن لأن مصر فهمت هذه اللعبة القذرة مبكراً، نجحت في حماية نفسها ولم تسقط، ولن تسقط طالما أن الشعب يلتف حول جيشه، أمام دول استعمارية لم تقرأ التاريخ جيداً، ولم تستوعب دروس الماضي التي تؤكد قدرة مصر على المواجهة وقهر أعدائها مهما طال الزمن..

إذا كانت كل الخيارات مطروحة أمام أسباب سقوط هذه الطائرة، فإن الدبلوماسية المصرية ظهرت "عرجاء" في مواجهة هذا الافتراء الغربي ضد مصر، ولم تتحرك بالأسلوب الأمثل لدحض هذه الافتراءات، وآثرت الصمت الرهيب الذي يزيد من تفاقم المشكلة.. فلماذا لم يواجه وزير الخارجية المصري سامح شكري هذه المزاعم ويدحضها، ليخرس هذه الألسنة التي تطاولت على مصر قبل ظهور نتائج التحقيقات..؟، لماذا لم يدين تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون..؟، لماذا لم يرد على ما نشرته جريدة الديلي ميل البريطانية من صور ادعت فيها كذباً أن موظفي مطار شرم الشيخ يحصلون على رشاوي من الركاب..؟ لماذا لم يرد على مزاعم بريطانيا بأن إحدى طياراتها تفادت صاروخاً خلال مرورها فوق سيناء أغسطس الماضي، وكأن الطيار البريطاني الذي نجح بمهارته في تفادي الصاروخ كان مشاركاً في لعبة "فيديو جيم" الصبيانية..؟

أسئلة كثيرة وعديدة تحتاج إلى إجابة من الخارجية المصرية، التي رسبت في اختبار سقوط الطائرة، واختارت السكوت الذي دفع هذه الدول الاستعمارية للتهجم والتبقح في حق مصر..

إذا لم نتحدى هذه الإدعاءات الآن وبكل قوة، متى نواجهها، هل ننتظر حتى نجد مصر متهمة بتفجير الطائرة، ويتكرر حادث لوكيربي مثلاً..؟، هل ننتظر حتى تنجح هذه الدول في نصب «فخ» لإسقاط مصر وتدمير إقتصادها وتشويه سمعتها السياحية على مستوى العالم، انتقاماً منها لأنها أزاحت الإخوان عن الحكم.. وانتقاماً منها لأنها أحبطت مؤامرة بيع سيناء لحماس.. وانتقاماً منها لأنها لا تزال تقف على قدميها بعد أن تساقطت من حولها دول شقيقة مثل أوراق الخريف، والتي تحتاج إلى سنوات لتستعيد قوتها وتقف على قدميها من جديد، بعد أن نجح لاستعمار في تنفيذ مؤامراته ضدها.

دبلوماسية مصر القوية يمكنها تخطي هذا المأزق، لكنها تحتاج لقليل من الدهاء، وكثير من الجرأة.

&

كاتب مصري

[email protected]