رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي محاصر باكثر من دائرة شائكة، ومن الصعب عليه تجاوزها، هناك اولا الصراع الايراني / الامريكي& داخل العراق نفوذا واستحواذا على الجيش والداخلية& وأكثر المناشط والمجالات الحيوية في بنية الدولة، وفي الصميم الاختلاف بين رؤيتي كل من واشنطن وطهران حول& استراتيجية القتال ضد داعش، هناك ايضا الصراع الايراني& / التركي، الايراني / السعودي، صراع يكاد يكون شاملا، صراع على النفوذ والاستحواذ والسيطرة والحضور الموجِّه، ولكل من عناصر هذه الصراعات اجندتها الخاضعة بكل طوعية ورضا داخل العراق، اجندة عسكرية واقتصادية ومخابراتية، بل لا مبالغة اذا قال محللون ان هناك اجندة شعبية عريضة لكل عنصر من عناصر هذه الصراعات، موزعة على الطوائف والقوميات.
رئيس الوزراء العراقي يريد ان يكون صاحب الكلمة الاولى في القرار السياسي والاقتصادي في العراق ، وهذا من حقه بطبيعة الحال، لانه رئيس السلطة التنفيذية، والقائد العام للقوات المسلحة، وهناك علائم تكشف عن قناعته بان يكون العراق سيد نفسه، ولعل سفراته المتناوبة بين طهران وواشنطن، وتصريحاته الملحة على ان العراق هو المسؤول عن العراق حصرا تؤكد مثل هذا التوجه، واصراره على ان يكون لواشنطن دورها الفاعل في تسليح العراق ودعمه ضد داعش، وعدم تنكره للدور الايراني للعراق في محاربة داعش، تدعم كونه& يتطلع الى عراق سيادي وليس عراق تابع.
المشكلة الكبيرة التي تواجه العبادي في مشروع& العراق السيادي تكمن في ضعف العراق، ضعفه اقتصاديا وامنيا وعسكريا، فهذا الضعف يجعله خاضعا لسياسة التردد والحذر القاتل بين& ارادات وسياسات& هذه القوى المتصارعة ، خاصة اذا اخذنا في نظر الاعتبار، ان هذه القوى المتصارعة على ارض العراق من اجل القوة والنفوذ والثروة& متضاربة تماما، وليس هناك قدر مشترك يجمعها سوى ان يبقى العراق ضعيفا.
السبب الآخر الكامن وراء عدم قدرة العبادي في تخطي& هذا الشراك المؤذي الصراعات الاخرى بين مفردات وعناصر العملية السياسية، بين السنة والشيعة، بين العرب والاكراد والتركمان، وفي داخل كل مكون من مكونات الشعب العراقي توجد صراعات فرعية، تتواصل بشكل وآخر مع مهمة رئيس الوزراء، خاصة ـ وهو ينتمي الى حزب الدعوة، ومن ثم التحالف الوطني العراقي، وهذه الصراعات قد يعجب المراقب عندما يعلم ربما على مواقع بسيطة في جسم الحكومة، على مواقع وزارية ووجاهية وحكومية، حيث المتضرر الحقيقي وراء كل ذلك هو الشعب العراقي اساسا.
السبب الثالث& في هذه المشكلة الكبيرة التي يواجهها العبادي هي استقلالية وزير الداخلية ابراهيم الجعفري الخاصة، استقلالية لا بمعنى حياديته تجاه مكونات الشعب، وقواه، بصرف النظر عن الانتماء الديني والمذهبي والقومي، بل بمعنى انه يتحرك ويعمل حسب رؤية هو يمتلكها وليس كجزء من الحكومة، فهو ـ اي وزير الخارجية العراقي ـ لا يرى نفسه ملزما بمشاورة السيد العبادي في السياسة الخارجية، بل هناك معلومات تفيد انه يستصغره لانه كان مسؤوله الحزبي في الدعوة الاسلامية، ثم كان احد العاملين على طرد المالكي والمجيء بالعبادي، ويبدو ان الاخير ليس له من القوة والشجاعة لانهاء هذه المفارقة.
رئيس الوزراء حيدر العبادي يبذل كثيرا من الجهد للتوفيق بين مصالح ومطامح اقرب الناس اليه، اي التيار الصدر والمجلس الاعلى، فكلا الكيانين كانت له اشتراطاته على العبادي قبال دعم ترشيحه لرئاسة الوزراء، وبموازاة ذلك يعاني كثيرا من الصراعات الحادة داخل حزبه، حيث تفيد المعلومات ان الحزب يمر بمرحة استقطاب شديدة بين كل من المالكي من جهة والعبادي من جهة اخرى.
السؤال المطروح اليوم في اروقة المشهد السياسي العراقي، تُرى هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان يتحرر ضغوطات وازعاجات ومفارقات كل هذه الصراعات ؟
لا أعرف