&

قرأت يوما كتابات للشاعرة العراقية "لميعة عبّاس عمارة" عن مواقف طريفة حدثت بسبب الاختلاف في اللهجات العربية.

ولقد عشت في الامارات 13 عاما، تعرفت خلالها على أناس من كل أنحاء الارض و سمعت فيها جميع اللهجات العربية و استمعت الى الكثير من الطرائف و شهدت العديد من المواقف الطريفة التي حدثت وتحدث بسبب اختلاف اللهجات.&

و لقد عملت في التدريس عدّة سنوات في احدى الجامعات الأهلية، و كان يعمل فيها عدد كبير من الأساتذة العراقيين، بحيث اعتاد العرب في الجامعة من طلبة و أساتذة على اللهجة العراقية و تعلموا منّا بعض الكلمات العراقية "الصميمية". نحن العراقيين أصبحنا نفخر بلهجتنا خصوصا بعد انتشار اغنية "البُرتقالة" التي نالت استحسان الجمهور بشكل فاق التوقع، بحيث استعملها عدد منهم "رنّة للموبايل".

طبعا، السلام المعتاد بين العراقيين هو "الله يساعدك" و لكن هذا الكلام يُزعّل اللبنانيين و الفلسطينيين منّا, فيردّون مستاءين "و ليش عم تقول هيك؟" حيث هذا ما يقولونه هم للمجانين و من لديهم مشاكل عقلية، بينما سلامهم لبعضهم هو "يعطيك العافية" وهذا السلام – بدوره - يُزعّل اخواننا المغاربة، فـ"العافية" تعني "النّار" في اللهجة المغربية.

و أذكر عندما كنّا في لجنة يرأسها أحد الأساتذة العراقيين، وكان خشنا في تعامله، فقال لأستاذ آخر – بعد أن قاطعه - "لا تخبُصني" فزعل الاستاذ الفلسطيني منه قائلا " شو تخبّص و ما تخبّص عيب هيك احنا كبار، ما يصير"، حيث "تخبّص" تعني بلهجتهم "تخربط" و تقال عادة للاطفال، و عبثا ذهبت محاولات رئيس الجلسة ارضاءه، بينما "لا تخبُصني" تعني "لا تشغلني:" في اللهجة العراقية.

اللهجة الاماراتية قريبة من اللهجة العراقية كثيرا و اختلافاتها البسيطة محببة للعراقيين، كان صديق أخي الاماراتي اذا سؤل "هل الأكل طيّب؟" أجاب على الفور – مازحا - "لاء شرّير" فهم يقولون "للأكل حلو"، و كلمة "طيّب" صحيحة لغويا، ففي القران الكريم " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" المؤمنون (51)

كذلك كلمة "لذيذ" التي يستعملها المصريون و كلمة "زاكي" لاخواننا الاردنيين و الفلسطينيين.

اعرف ان العراقيين الذين يعيشون لفترة طويلة في الامارات يستعملون اللهجة الاماراتية عند التحدث لبعضهم، فهي قر يبة الشبه باللهجة العراقية مع اختلافات بسيطة تُحبّبها اليهم و تمكن اللهجة منهم، فقد كان أبنائي يتحدثون الانكليزية فيما بينهم عندما كانوا في "المدرسة الكندية" و صاروا يتحدثون العربية بلهجة اماراتية عندما انتقلوا بعدها لمدرسة غالبية طلابها من المواطنين (الاماراتيين).&

و كنت أسمع حديثهم لبعضهم، الأطفال الصغار يقول أحدهم للآخر "لا يا ريّال" أي "لا يا رجل"، وعبارة "أو أنّك كوي؟" (گ - الكاف المضخّمة) تعني "هل تحسب أنّك قوي؟ و هناك كلمة لا زالوا يستعملونها الى الان و بعد ست سنوات من مغادرتهم الامارات هي "ّكفّطتك" (گ - بالكاف المضخّمة)، أعتقد أنها تشبه كلمة "جيّستك" (چ - بالجيم ذات الثلاث نقاط) و لا زال أولادي أحدهما "يكفّط الاخر" يوميا.

في الامارات تستعمل كلمة "سِيده" كثيرا بمعنى "الى الأمام" و من قبل كل الجاليات العربية و الاسيوية، نسمعها بالذات من سائقي التاكسي الآسيويين"، و لقد سمعتها هنا في انكلترا من احدى الفتيات الاثيوبيات. في الحقيقة لا أعرف أصلها و قد سمعت قصة طريفة لأحد العراقيين – حديثي التواجد في الامارات – و هو استاذ في اللغة العربية، حين كان يُجري امتحان السياقة، حيث اتجه يسارا حين سمع كلمة "سِيده" من الشرطي الممتحن، فاعتبره الممتحن راسبا، و كتب في خانة السبب (لأنه لا يجيد اللغة العربية).&

بعضنا يعرف الفرق في معنى كلمة "مبسوط" في اللهجتين العراقية و المصرية، و البعض يذكره في تسجيلات المونولوجست "محمود شكوكو" حين يقول "حـ ابسطك بسطة عراقية تمام" يقصد "حـ أضربك ضربة عراقية تمام". كنت قد خرجت يوما مع الجامعة في رحلة بصحبة بناتي الطالبات الى "دبي"، يرافقني ابني ذو الاربعة اعوام، و بعد عودتنا سألت احدى الطالبات ابني: انت مبسوط؟ فأجابها مستنكرا!!: لا: و لسان حاله يقول: "ليش يا ظالمة تتمنّين ان اكون "مبسوط" بينما انا "متونس". تعجبت الفتاة منه و ردّت قائلة: "امرك غريب كل هذا و مش مبسوط؟ّ!!". و للحديث بقية.