التغيير الذي طرأ مؤخرا على مواقف الدول الغربية بخصوص الأسد و دوره في المرحلة الانتقالية لم يأتي من الفراغ بل جاء نتيجة لجملة من العوامل منها:
&1- طبيعة التحولات التي حدثت على الأرض السورية، التي صدّرت و لا تزال موجة عارمة من اللاجئين تغزو القارة الأوروبية و تشكل عامل ضغط قوي عليها.
2- غياب المعارضة السياسية التي لم ترتقي إلى مستوى الصمود الذي أبداه السوريون،عانت منذ نشأتها من التأثير على مجريات الأمور في الداخل وبقيت شخصياتها القيادية في الخارج مجرد هياكل مستهلكة دون نشاط سياسي فعال يؤثر على الرأي العام في الشارع الأوروبي, بل على النقيض من ذلك خضوع البعض من تلك القيادات للجماعات الاسلامية المتشددة و على رأسها جبهة النصرة.
&3- تردد ادارة أوباما الضعيفة في اتخاذ قرارات مجدية و افتقادها لإستراتيجية الحل في سورية، فشلها فشلا ذريعا في خطتها الهزلية حول تدريب عناصر من المعارضة المعتدلة حيث استسلم أولى طلائعها لجبهة النصرة تاركة لهم الجمل بما حمل.
4- اصابة تركيا العدالة و التنمية بالإحباط ووصولها إلى مرحلة يائسة من حلفائها لعدم تعاونهم معها بشأن اقامة منطقة آمنة و اطلاق أيديها في المناطق الكردية السورية.
&5- هذا بالإضافة إلى الضبابية الأيديولوجية التي تحيط بعموم المعارضة المسلحة حيث معظمهم جهاديون اسلاميون يحملون أعلاما سوداء تعكس انطباعا من الصعوبة بمكان على الأوروبيين أن يميزوا بينهم و بين تنظيم الدولة و القاعدة أو أن يتكهنوا بحجم عدائهم لغير المسلمين اذا ما آلت إليهم مقاليد الأمور في المنطقة.
&نظام الأسد يبقى أحلى الأمرّين، حسب (بير يونسون ) محلل سياسي في معهد السياسة الخارجية في ستوكهولم اذ يقول: بأن وضع زعماء الغرب شبيه بالموقف الذي كان فيه كل من روزفلت و تشرشل إبّان الحرب العالمية الثانية في أن يختاروا مابين هتلر و ستالين كحليف.
&روسية و سورية المتشابهتين بالأسماء تتشابهان أيضا في أنظمتهما المافيويتين مع حفظ الدرجات, بوتين لديه مجلس الدوما و بشار مجلس الدمى، المجلسين يفتقدان لحق الحل و الربط, الأمر الذي سهّل على بوتين اتخاذ اجراءات التدخل العسكري بالسرعة التي يريدها كما أن الأسد له مطلق الصلاحيات بتسليم أية منطقة من الأراضي التي يريدها لتخضع لنفوذ حلفاءه.
كل الدلائل تشير إلى أن نية القيادة الروسية هو ارغام السوريين على القبول بحل على الطريقة المصرية التي أتت بمبارك جديد ( السيسي) مع فارق أمرين:
1-القفز على مرحلة الانتخابات الأولى التي جاءت بمرسي&
&2- إعادة تأهيل الأسد بدلا من الإتيان بشبيه له.&
تغيير الموقف تجاه الأسد يعتبر نفاقا في السياسة الدولية فالمجتمع الدولي بأكمله على يقين بأن النظام الذي لا يهتم لمصير نصف شعبه الذي شرّد من دياره لن يكون بأي حال من الأحوال قادرا على احلال السلام و الاستقرار في البلاد.
مرة أخرى تردد ادارة أوباما المتكرر شجع موسكو على التدخل أكثر فأكثر في الشأن السوري و قد اختار بوتين التوقيت في التدخل في عهد الإدارة الحالية للتحكم بزمام الأمور و هو متأكد بأنه لن تأتي ادارة أمريكية أضعف من الادارة الحالية فيما اذا بقي الوضع السوري على ما هو عليه عاما آخر.
استقواء نظام الأسد بالتواجد العسكري الروسي سوف يؤدي إلى استمرار النزيف السوري و على عكس ما قد يتصوره البعض فان حالة الحرب في شكلها الحالي هي في صالح النظام فمعظم اللاجئين يهربون من مناطق المعارضة،هربا من براميله المتفجرة و التغيير الديموغرافي يُبقي في سورية شعب النظام المختار.
&إيران و روسية هما أهم أسباب بقاء النظام في دمشق, ايغاله في قتل السوريين، تحويل ثورة الشعب ضد حكمه إلى حرب أهلية و تركيز هجماته على المناطق المأهولة بالسكان بهدف معاقبتهم على احتواء المعارضة و ترك المناطق الأخرى التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الارهابي لتنمو كالبديل الأسوأ في حال سقوطه.
الجدير بالذكر بأن موسكو بتدخلها العسكري المباشر في سورية و إقامة غرفة عمليات عسكرية مشتركة في الأمس مع كل من حكومة العبادي, إيران و نظام الأسد تكون قد أقحمت نفسها طرفا في متاهة حرب مذهبية خطيرة كانت روسية حقا بغنى عنها.&
&
ستوكهولم
التعليقات