&
&
تاريخ التعاون المصري الصيني في القرنين العشرين والحادي والعشرين كبيرا ليس على الصعيد السياسي وحسب، بل والاقتصادي أيضا، وكما اتضح من خلال تناولنا العلاقات السياسية أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان الأوفر حظا في التأسيس لعلاقات عميقة على كل المستويات بين الدولتين الصديقتين.
فقد تعددت الزيارات على كل المستويات بين الجانبين المصري والصيني، حيث زار الرئيس الأسبق مبارك الصين 6 مرات أثناء فترة رئاسته كما سبق وأشرنا، وكذلك زار مصر الرئيس الصيني هو جين تاو في يناير 2004، كما قام رئيس مجلس الوزارء الصيني "ون جياباو" بزيارة إلى مصر في نوفمبر 2009 لحضور الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي بشرم الشيخ، حيث أجرى مباحثات مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء تناولت سبل تعزيز مجالات التفاهم السياسى والتعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر تجاه أهم القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
كما زار، محمد كامل عمرو، وزير الخارجية المصري الأسبق بكين في مارس 2012 وتباحث مع نظيره الصيني يانج جي تشي، إضافة إلى الزيارات البرلمانية.
لكن كانت الزيارات على المستوى الوزاري هي الأكثر والتي نتج عنها العديد من الاتفاقيات الاقتصادية ودخول الاستثمارات الصينية إلى مصر .
فزار وزير الاستثمار المصري ، محمود محيي الدين الصين عامي 2009 و2010، تم خلالهما بحث سبل تشجيع وزيادة الاستثمارات الصينية في مصر، والعمل على سرعة التوصل لاتفاق لتشغيل المنطقة الاقتصادية الخاصة بشمال غرب السويس في ضوء ما يواجهه هذا المشروع من صعوبات، بالإضافة لتطوير جنوب مصر ومنطقة البحر الأحمر، كما تم بحث التعاون في مجال الاتصالات من خلال توسيع أنشطة الشركات الصينية العاملة في مصر.
كما قام وزير البترول، سامح فهمي، بثلاث زيارات للصين أعوام 2006 و2007 و2010 أسفرت عن إرساء عدة محاور للتعاون بين البلدين تشمل التصنيع المشترك للحفارات والتنقيب والتصنيع المشترك للمواسير، بالإضافة إلى مجالات أخرى غير البترول مثل الوقود الحيوي وبدائل الغاز الطبيعي، وتشمل مجالات التعاون هذه نقل التكنولوجيا وتدريب العمالة والكوادر البشرية، وقد شهدت الزيارة الأخيرة التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء أكبر مصفاة تكرير في تاريخ مصر بطاقة 15 مليون طن سنوياً كمرحلة أولى (تمثل 40% من طاقة التكرير الحالية في مصر) تضاف إليها 15 مليون طن كمرحلة ثانية وإضافة وحدات تحويلية متطورة لإنتاج منتجات عالية الجودة (البوتاجاز، والسولار، والبنزين، والمازوت، ووقود الطائرات) لتأمين احتياجات السوق المصري وتصدير جزء منها (النافتا) للجانب الصيني على أن يكون نظام التمويل والبناء ونقل الملكية بنظام BOT وبتكلفة مبدئية حوالى 2 مليار دولار كحد أدنى للمرحلة الأولى.
كذلك زار وزير الكهرباء والطاقة الصين في أبريل 2009 وتعرف خلالها على الإمكانيات الكبيرة للشركات الصينية في إنتاج معدات توليد الطاقة التقليدية والمتجددة التي حققت الصين فيها تقدماً كبيراً بالإضافة لمحطات توليد الكهرباء، حيث أبدى اهتماماً كبيراً بدخول الشركات الصينية في المناقصات التي تطرحها مصر بشأن مشروعات الطاقة التقليدية والمتجددة، وقد قامت بالفعل عدة شركات صينية بالدخول في عدد من المناقصات إثر الزيارة.
وكذلك قام وزير البيئة بزيارة للصين خلال الفترة 4 إلي 8 يوليو 2010 لمراجعة التقدم المحرز في التعاون في المجالات البيئية ولبحث سبل التعاون في مجال تغير المناخ والتخلص من النفايات الصلبة والنفايات الخطرة، حيث أن هناك عدداً من المجالات التي يهم مصر التعاون مع الصين بشأنها منها مجال الاستمطار الصناعي وتدوير قش الأرز والمخلفات الزراعية والحد من التلوث الناتج من مصانع الأسمنت واستخراج الطاقة من النفايات وسبل تدويرها.
وقام وزير النقل أيضا بزيارة الصين خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس 2010 حيث بحث مع وزيري السكك الحديدية والنقل سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات النقل والطرق والنقل البحري والطرق والكباري والمواصفات الفنية وتدريب الكوادر، بالإضافة إلى إمكانية الاستعانة بالخبرات الصينية في مجال القطارات فائقة السرعة.
العلاقات الاقتصادية والتجارية
بوابة التجارة كانت منذ آلاف السنين هي فاتحة العلاقات والصداقات بين الدول، والعلاقات المصرية الصينية ليست بدعا في ذلك، فقد كانت التجارة جسرا حقيقيا للتلاقي والتعاون بين البلدين.
وإذا كنا نؤكد أن نظام الرئيس الأسبق مبارك كانت لديه الفرصة الكاملة لتعميق وتكثيف العلاقات مع الصين؛ غير أن هذا لا يمنعنا من التعريج ولو سريعا على إرهاصات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
فقد بدأت العلاقات التجارية بين مصر والصين الجديدة عام 1953، وقبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين بعثت مصر مسئولاً تجارياً يبحث المسائل التجارية بين البلدين، ويعرض على الجانب الصيني استيراد القطن المصري، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1953 حوالي 11 مليون دولار أمريكي، منها 10.4 مليون دولار صادرات مصرية إلى الصين و600 ألف دولار صادرات صينية إلى مصر.
وفي 22 أغسطس 1955، تم توقيع اتفاقية وبروتوكولاً تجارياً في العاصمة الصينية بكين، وفي بداية عام 1956 تكثفت لقاءات المسئولين التجاريين في البلدين، وأدي اعتراف مصر في السادس عشر من شهر مايو 1956، رسمياً بجمهورية الصين الشعبية إلي فتح الباب واسعاً أمام مزيد من التبادلات الاقتصادية والتجارية.
وفي الرابع والعشرين من فبراير عام 1960 وقعت حكومتا مصر والصين على بروتوكول ملحق الاتفاقية التجارية في بكين وتم تجديد البروتوكول التجاري بين البلدين لعام 1961، في الخامس عشر من نوفمبر، ثم في السابع عشر من مارس عام 1962.&
وفي الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1964 وقعت الحكومتان المصرية والصينية في بكين على اتفاقية تعاون اقتصادي وتقني، وواصل البلدان تجديد البروتوكول التجاري بينهما سنوياً وتبادل زيارات الوفود التجارية. وفي 26 من يونيو عام 1972، أخذ التعاون الاقتصادي المصري الصيني توجهاً جديداً حيث تم الاتفاق على إنشاء مصنع للطوب في مصر بمساعدة صينية.&
التعاون التجاري في عهد مبارك
في أكتوبر عام 1982 تأسست اللجنة المصرية ــ الصينية المشتركة للتعاون الفني والكهربائي في القاهرة.
وفي الفترة من الثامن إلى العاشر من مارس عام 1987عقدت في القاهرة اجتماعات الدورة الأولى للتعاون العلمي والتقني بين مصر والصين وتم خلال الندوة التوقيع على أكثر من 10 اتفاقيات تعاون بين البلدين، منها اتفاقيات في تبادل الخبرات والأبحاث في مجال صناعة الأدوية وصناعة الأجهزة والمعدات الطبية، والصناعات التقليدية والفنية والصناعات الزراعية والاتفاق على توسيع مجالات التعاون. وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1987، إلي 135مليون دولار أمريكي منها 125 مليون دولار صادرات صينية إلى مصر و10 ملايين دولار صادرات مصرية إلى الصين.
يتبع.....

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية