امتازت العلاقات المصرية الصينية والتي من المقرر أن يحتفي الجانبان المصري والصيني هذا العام بمرور 60 عاما عليها بالحميمية والدفء، حيث المشتركات الكثيرة والخلافات المحدودة للغاية والتي لا تكاد تذكر حيال بعض القضايا الإقليمية والدولية، واعتبار عام 2016 بمثابة عام الثقافة المشتركة المصرية- الصينية.

فمنذ إعلان قيام الجمهورية المصرية العربية في يوليو 1952، والتي سبقها تأسيس جمهورية الصين الشعبية الأول من أكتوبر 1949، شرع الجانبان في التلاقي فوق جسور المشتركات التاريخية والثقافية العميقة الضاربة في جذور تاريخ الكون، حيث تعد الحضارتان المصرية والصينية أقدم حضارتين عرفتهما الأرض.

ونظرا للرغبة الحثيثة والدوافع المتواصلة لدى الحكومتين المصرية والصينية عبر تاريخهما الحديث من القرن الماضي وحتى اليوم في التقارب والتعاون، فقد امتازت علاقتهما بالتطور الدائم. فالصينيون يرون مصر بوابة إفريقيا الكبرى نظرا لدورها التاريخي فيها على كل المستويات، وبخاصة الثقافية والسياسية والصناعية والعسكرية، كما رأى المصريون الصين نموذجا لدولة نامية كبرى، تفردت بخطواتها الوثابة الواثقة على الصعيد الآسيوي والعالمي سياسيا واقتصاديا.

الصين ومصر حديثا

سارعت مصر عقب إعلان الجمهورية إلى إقامة علاقات صداقة مع العديد من الدول والتي جاءت الصين في مقدمتها، وقد ساهم في تمهيد الطريق وتذليل العقبات بين الدولتين كثيرا انضمامهما في أبريل 1955 إلى حركة عدم الاتحياز، فكانت مصر في طليعة الدول الداعمة لحق الصين في استعادة مقعدها الشرعي بالأمم المتحدة، وعبرت قيادة الثورة المصرية عن دهشتها لموقف الولايات المتحدة المتجاهل لجمهورية الصين الشعبية.

وفي 30 مايو 1956 أصدرت الحكومتان المصرية والصينية بيانًا مشتركًا حول إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين البلدين.

وعقب قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 26 من يوليو عام 1956 بتأميم شركة قناة السويس وجعلها شركة مساهمة مصرية، بادرت الصين بتأييد هذا القرار في 4 أغسطس عام 1956، حيث أوضح رئيس مجلس الدولة الصيني شو اين لاي أن الصين تدعم دعمًا تامًا تأميم مصر لشركة قناة السويس، ثم أصدرت الحكومة الصينية في الخامس عشر من أغسطس بيانًا حول قضية قناة السويس أكدت فيه على دعم الصين، حكومة وشعباً، للخطوة التي اتخذتها الحكومة المصرية من أجل حماية سيادة الدولة واستقلالها. وفي شهر سبتمبر جددت الصين تأكيد موقفها بالنسبة لتأميم القناة في مذكرة جديدة سلمتها للحكومة المصرية، وأضافت رفضها واستنكارها لمحاولات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة شن حرب ضد مصر لإجبارها على الرجوع عن هذه الخطة والسيطرة بالقوة على القناة.

وفي الأول من نوفمبر 1956، أصدرت الحكومة الصينية بيانًا أدانت فيه العدوان الثلاثي على مصر من قبل (بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل)، ووصفته بأنه وحشي همجي، وأكدت على موقفها الثابت الداعم للنضال العادل الذي يخوضه الشعب المصري من أجل حماية سيادة الدولة والاستقلال الوطني.

وفي عهد الرئيس محمد أنور السادات في منتصف عقد السبعينات الأول من القرن الماضي، سحبت الصين في هذه الفترة كل سفرائها في المنطقة للمشاركة في حركة الثورة الثقافية، باستثناء سفيرها لدى مصر، وكان ذلك إشارة بالغة الوضوح للمكانة التي تحتلها مصر في السياسة الخارجية الصينية. وقد تجسدت هذه المكانة المتميزة لمصر، من خلال الموقف الصيني من حرب أكتوبر 1973، التي سارعت فيه بإعلان تأييدها التام للجهود المصرية لاستعادة أراضيها المحتلة.

وفي النصف الثاني من السبعينات كرست مصر جهودها لإعادة البناء والتعمير وتعزيز القدرات الاقتصادية، منذ انتهاجها عام 1974 سياسة الانفتاح الاقتصادي وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ مصر، وفي نفس الفترة كانت الثورة الثقافية في الصين قد وضعت أوزارها عام 1978.

لكن ربما الرغبة الساداتية في التوجه غربا ونفض يد الروس من مصر سياسة وثقافة جعلت هذه الحقبة أقل ثراء بين الصين الحليف الأقوى للروس في آسيا، وبين مصر، حتى جاء عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والتي تعد الأكثر ثراء في مسيرة التعاون بين البلدين نظرا لكون مبارك أكثر من جلس فوق كرسي حكم مصر.

&

يتبع..