&

لا يمكن الجزم بأن سد النهضة الإثيوبي لا يقصد به الإضرار بالمصالح المصرية بهذا الوقت بالذات، ومعروف أنه جاء التزامن مع قلاقل الربيع العربي، وكانت مصر أول مرشحة للذبح على مذبح الثورات، وها هي اليوم تدافع عن اليمين وعن الشمال، وربما كان الإضرار بمصادر مياهها الذراع الموجعة لمصر. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها مصر في سبيل إنعاش اقتصادها، إلا أنها إذا تلقت ضربة في مصدر مياهها، ربما تكبو.&
&
ويعود اختيار موقع سد النهضة وتحديد مساحته من قبل دائرة استصلاح الأراضي الأمريكية خلال مسح النيل الأزرق في الفترة ما بين 1956 و 1964، ثم تم تقديم تصميم السد في نوفمبر 2010 ثم أعلن عن المشروع بتاريخ 31 مارس 2011. ونظرا لأن الموضوع يعتبر من الأمور السياسية والسيادية الحساسة، فلم تسمح الحكومة الإثيوبية بتناوله من الناحية الفنية بشكل تفصيلي، وعندما قامت الصحفية الإثيوبية ريوت اليمو بإثارة المخاوف المقترنة بالسد اعتقلت، كما تلقى موظفو منظمة الأنهار العالمية تهديدات بالقتل.&
&
إن تأثير سد النهضة على مصر كارثي، لإنه يعني تراجع حجم التدفق أثناء فترة ملء حوض السد ومن ثم تراجع الكمية فيما بعد بسبب التبخر من ذلك الحوض، كما أن الماء الذي سيتم تخزينه يبلغ حجمه ضعف حجم الماء المتدفق سنويا عبر مصر والسودان، (نحو 65.5 مليار متر مكعب) وهذا الوضع سيمتد إلى سنوات قادمة. كما سيؤدي السد إلى انخفاض منسوب بحيرة ناصر وسوف يؤدي إلى نقص في توليد الكهرباء من الماء في السد العالي في أسوان. ومع ذلك، فهناك نظرية أخرى تقول أن تدفق الماء من سد النهضة إلى السودان ومصر بشكل مضبوط وتحت السيطرة قد يؤدي إلى زيادة في تزويد مصر من الماء بنسبة 5%.&
&
شكلت لجنة خبراء في عام من إثيوبيا ومصر والسودان لتقييم تأثير السد مكونة من عشرة أعضاء منهم 6 من الدول الثلاث و4 خبراء دوليين وقد قامت بتسليم تقريرها الأولي إلى الحكومات الثلاثة في نهاية مايو 2013 ولم تعلن تفاصيل ذلك التقرير، لكن الحكومة المصرية قالت أن التقرير أوصى بتغيير وتعديل أبعاد وحجم السد.&
&
في يناير 2014 غادر المفاوضون المصريون المفاوضات حول السد متذرعين بالتعند الإثيوبي وقالت إثيوبيا أن مصر طلبت الوقف الفوري لبناء السد وزيادة حصتها كشروط مسبقة للبناء وقد وصفت إثيوبيا تلك المطالب بأنها غير معقولة ثم قامت مصر بتنفيذ حملة دبلوماسية لإضعاف التأييد لبناء السد. وقد أرسلت وزير خارجيتها نبيل فهمي إلى تنزانيا والكونغو لحشد التأييد لمصر.&
&
إن المطلوب من الدول العربية هو التضامن المطلق مع مصر، ولي الذراع الإثيوبية بكافة ما يمسها من مصالح إذا هي تجرأت واعتدت على حصة مصر من مياه النيل، وهذا ليس بمثابت إعلان حرب، ولكن من منطلق المعاملة بالمثل، فمصر هي العمود الفقري للأمن العربي، وعلى الجميع دعمها بالسلاح الذي استخدم ضدها، ألا وهو المصالح الإثيوبية المنتشرة هنا وهناك.&