&
مرة أخرى تثبت الأحداث أن الأمم المتحدة قائمة لبث الفوضى ونشر الفساد وليس لضبط النظام الدولي. وها هو بان كيمون يدعي أنه تعرض لضغوطات وتهديد بسحب التمويل السعودي من بعض برامج الهيئة إذا لم يسحب اسم المملكة من القائمة السوداء. وهذا الموقف جدير بجعل الأمم تثور على هذه المنظمة الفاشلة التي تتلاعب بمصائر الشعوب وتصنف على هواها وتشن الحروب وتفرض السلام حسب رغبة الولايات المتحدة.&
لو كان إدراج السعودية على القائمة السوداء مستندا إلى أدلة، لما استجاب كيمون للضغوطات لإلغائه ولو لم تكن الضغوطات مورست عليه لإدراجها في البداية، لما استجاب للضغوطات اللاحقة إذا كان ادعاؤه صحيحا. فالموقف واضح وضوح الشمس، ويبدو أن ايران تمكنت من شراء ذمة الهيئة العالمية، من خلال التقارب الذي نشأ بينها وبين واشنطن. وها هي تتحكم بالدول العربية المحاذية لها وتتعمق بالتدريج إلى الداخل. فما هي مصلحة واشنطن بمساندة ايران وافلات يدها والتشويش على قوات التحالف في اليمن؟ لقد أوضح المسئولون الأمريكيون أكثر من مرة أن استراتيجيتهم في المنطقة تغيرت، ولكن لم يفكر أحد أنهم يقصدون أنهم سينقلبون ضد العرب وسيساعدون ايران على الهيمنة عليهم.&
إن هذا التركيز على السعودية تارة بتمرير قانون يدينها في احداث الحادي عشر من سبتمبر وتارة اخرى بإدراجها في القائمة السوداء بزعم انتهاكات ضد الأطفال لهو دليل دامغ على أن واشنطن تتململ للإيقاع بالسعودية، على الرغم من التحالف الذي استمر لعقود بين البلدين، وعلى الرغم من الجهاديين هم صنيعة أمريكا ولم يكن للسعودية دور فيه، وعلى الرغم من شرعية قتال قوات التحالف في اليمن.&
لقد بات واضحا أن واشنطن ترغب في هيمنة ايران على المنطقة العربية، وهذا يعني مزيدا من الحروب والاقتتال الطائفي حتى لا يبقى في المنطقة أية قوة أو عزم وتصبح البلاد العربية بلادا مشلولة، أما الهدف النهائي من كل هذه الفوضى، فلا أحد يعلم على وجه التحديد، وربما يكون ضمان أمن إسرائيل وتوسعها، ولا يوجد أي هدف آخر مفهوم لكل هذه الفوضى. بعض التحليلات تعزو هدف واشنطن إلى الوصول نفط المنطقة الأور-آسيوية وبعضها تعزوه إلى إعادة التقسيم على أسس عرقية وطائفية، وبعضها إلى أمن إسرائيل. ولكن لا يمكن الجزم بهدف واحد دفع واشنطن إلى هذا الإصرار على تدمير الدول العربية الواحدة تلو الأخرى.&
إن ما ألفناه لعقود من الزمن هو حالة عداء مستحكمة بين ايران وواشنطن، وفجأة حدث التحول الكبير الذي جعل واشنطن تقف في صف ايران وتطلق يدها في المنطقة وتحاول إرباك قوات التحالف وربما يكون هناك بنود في الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى تعطي ايران الحق في التوسع والتوغل في المنطقة العربية. إن الموقف برمته محاط بالغموض والأمور الخفية أكثر من المعلنة.&
لا شك أن الخطر الداهم يقتضي تحركا من الدول العربية قبل أن تتفاقم الأمور ويصبح الوقت لا يسعف أحدا للتحرك، ولا يفسح مجالا للتفكير والتخطيط.&
&
التعليقات