على&هامش أحد المؤتمرات العلمية في دولة غربية تعرفت على أستاذة من العلماء البارزين في علم الرياضات البحتة حيث كانت من الأساتذة المدعوين للإلقاء محاضرة في المؤتمر.&بعد انتهاء أول يوم في المؤتمر دعوتها على فنجان قهوة ولبت الدعوة وكنت متلهفا لهذا اللقاء لأنها أثناء المحاضرة تكلمت وفسرت بعض المعادلات عن علاقة المادة بالزمان والمكان وتطرقت إلى مفهوم عكس المادة باعتبارها طاقة من الممكن أن تكون ذات صفات سلبية بدرجات&متفاوتة&أو صفات إيجابية بدرجات&متفاوتة. وكنت قد&فهمت من محاضرتها أنها&كانت تقصد من وراء ذلك ما يسمى بالروح وتوقعت إنها&ملحدة. وكنت صائبا في هذا التفكير.&بعد حوالي ربع ساعة من الحوار العلمي الهادئ وكنا قد&بدأنا في التعرف على بعضنا البعض وعن بلداننا وثقافاتنا.&سألتها لماذا أنت ملحدة؟فأجابت أنا هكذا سعيدة. فسألتها أيضا&وهل قرأت عن الأديان؟فأجابت بكل تأكيد فأنا لست لا دينية&وإنما ملحدة بمعنى أنني ضد كل مباديْ الأديان وشرائعها؛&السماوية منها والأرضية. &فالأديان تعاليم وفروض وحرام وحلال وأنا إنسانة حرة&في التفكير والتصرف&لا أخضع للمؤثرات أيا كانت&ولا أتقيد بأية موروثات أو عادات أو تقاليد ولا أعيرها أي اهتمام. المهم أنني لا&أخالف قوانين الدولة التي أعيش فيها. فقلت لها أجد تناقضا في كلامك لأن القوانين أيضا هي مؤثرات خارجية يجب أن تخضعي لها فكيف تقولين&إنك&حرة؟&أجابت&عندما أخطئ&يحاسبني القضاء وهذا إجراء منطقي ولكن عندما أخالف الشرائع الدينية يحاكمني القاضي ويعاقبني الناس وينتظرني عقابا آخر فيما تسمونه الآخرة. ولذا اخترت أن أحترم القوانين التي وضعناها نحن البشر لأننا نحن الذين وضعناها وبإمكاننا تغييرها إن أردنا ذلك. أما القوانين والشرائع الدينية فهي مقدسات&ومحرمات&لا يمكن&تغييرها حتى وإن لم تتوافق مع ثقافتي وتربيتي وتعليمي وطريقة تفكيري.&وأنا لا أحب الدخول في صراعات مع ذاتي.

ثم&بادرت هي بسؤالي وهل أنت مؤمن؟&فأجبت بنعم. فقالت بماذا تؤمن؟ فقلت&لها أنا مسيحي العقيدة&أؤمن بوجود خالق لهذا الكون خلق كل شيء وأمدنا بكتب سماوية فيها تعاليم تساعدنا على أن نصل للحياة الفضلى. فسألتي ولماذا خلق الله الكون؟ فأجبت من أجل الإنسان؟ ولماذا خلق الله الإنسان؟ قلت لها لكي نعبده أي نشكره لأنه خلق لنا كل ما نحتاجه في هذا الحياة. فسألتني وهل يحتاج الله إلى عبادتك وشكره؟&فقلت لها هو ليس بحاجة إلى أحد وليس بحاجة إلى عبادتنا بل نحن الذين بحاجة إلى عبادته. فقالت كلامك فيه تناقض....&إذا كان الله ليس بحاجة إلى الإنسان ولا إلى عبادته فلماذا يعاقبك إن&لم تعبده،&أو إذا&تركت&الصلاة أو&رفضت&الصوم مثلاً؟&وقبل أن أجيبها بادرتني بسؤال سريع: وهل أنت سعيد بأيمانك؟ &فقلت نعم.&فبادرتني بالإجابة بقولها "أنت كاذب". فقلت لها أنت بهذه العبارة تهينني فقالت&أبدا لم أقصد إهانتك&بل&أردت توضيح&عدم صدقك لأنك لو كنت سعيدا بإيمانك بالله ما كنت لتنحني أمامه وتتوسل طلبا للنجدة عندما&تشعر يظلم أحدهم لك،&أو طلبا للزق، أو طلبا لما تريد وتبغى. لو كنت سعيدا بهذا الإيمان&لكان عليك أن تفرح إن ظلمك أحدهم لأن الله يعمل ما هو في صالحك&كما تؤمن&وما تعتقد أنه ظلما ربما يكون خيرا.. ولو كنت سعيدا بإيمانك لما توسلت لله أن يوسع في&رزقك وكنت&شكرته عما لديك لأنه يعرف احتياجاتك التي ربما أنت لا تعرفها... لو كنت سعيدا بإيمانك&لكان عليك أن تسعد الآخرين &بما&تملك من سعادة&وليس العكس&فتكرههم وتقتلهم لأنهم لا يؤمنون كما تؤمن أنت... &قلت لها الحوار معك شيق لنكمله في وقت لاحق وانتهى اللقاء ولم نلتق&ثانية. بيد أنني لازلت أفكر فيما قالت وكيف أن الملحد له منطق كما أن المؤمن أيضا له منطق.&ولا&يمكن أن يلتقي كل من المنطقين!! لكننا يمكن أن نتعايش ونقبل الآخر كما هو وليس كما نريد نحن له أن يكون.&

[email protected]