الثامن من آذار عيد المرأة العالمي وحركة "أنا أيضا" : الحصيلة التاريخية لمنجزات الحركة الفمنستية تشير اليوم إلى أن المرأة ما تزال تعيش تحت سطوة القانون الذكوري السلطوي القمعي. ما تزال المرأة تتعرض للاغتصاب والقمع والعنف المنزلي والتحرش الجنسي في العمل، في البيت، وفي الطريق. كما قد تتعرض للقتل إذا خرجت عن العرف السائد اجتماعيا. مثال: شاب كندي من أصول شرقية حمل الخنجر وقتل طليقته في تورنتو هذا الشتاء.

الحركة العالمية التي قامت منذ سنوات "أنا أيضا" مثال واضح على ذلك، والشواهد كثيرة شرقا وغربا. هارفي واينستين، المخرج السينمائي الهوليودي، تعرض لمحاكمة طويلة ومعقدة وانتهى به الحال مؤخرا إلى السجن في امريكا بعد أن تم التثبت من صحة الادعات ضده، كالاغتصاب والتحرش الجنسي. المتحرش جنسيا يجب أن يعاقب قانونيا، ولكن الغريب في الشرق أن نجد أحيانا في حال اغتصاب طفلة أو امرأة، أن المغتصب يحلل له-أو يجبر- على الزواج من الضحية. كانت وما زالت الحركة النسوية الاجتماعية تسعى لتمكين المرأة من حقوقها ومساواتها مع الرجل في فرص العمل وحرية التعبير واتخاد القرار فيما يخص حق الإنجاب والإجهاض، وحق السفر بحرية، حق الكتابة والقراءة والتعليم العالي، وحق تقرير المصير في الزواج والطلاق وحضانة الأولاد إذا حصل الانفصال أو الطلاق بين الزوج والزوجة.

في الثامن آذار أردد مع نساء الأرض: ما زلنا نحن النساء-نساء نريد الخبز كما نريد الورد، كما نريد الحرية والعيش بكرامة وسلام في كل مكان. ونريد للحرب أن تتوقف عن قتل أبنائنا وبناتنا وأحلامهن الشاسعة الانسانية التي لا جنس لها.

الجنس الآخر. الجنس الهجين. الجنس المتحول
المفكرة الروائية الفرنسية سيمون دو بوفوار، في كتابها الذي بعنوان "الجنس الآخر كانت تبحث في أسباب تصنيف جنس المرأة-(الاخر) وجنس الرجل(المركز) والدور الاجتماعي المناط بكل منهما وجذوره تاريخيا وطبقيا ودينيا. "الجنس الآخر" الكتاب الذي صدر لها عام 1946 ناقشت فيه أيضا المراجع الفلسفية والفكرية التي كانت وما تزال تلعب دوراً كبيراً في فهم ذلك التقسيم الطبقي والاجتماعي الجندري بين الجنسين- المرأة والرجل. كان كتابها ثورة في تلك الحقبة. لكننا في الآونة المعاصرة وفي العقد الثاني من القرن 21 صرنا نواجه تصنيفات وتقسيمات جندرية مختلفة فيزيزلوجيا وجنريا، وصيغة خطاب بحاجة إلى قراءة وتحليل مغاير وتشريعات. فمن يقرأ التاريخ يعرف أن المثلية الجنسية في التاريخ القديم مسألة قائمة وتخضع للحكم الجمعي الديني والأعراف. يمارسها أفراد في الشرق والغرب من كلا الجنسين ويجري التكتم عليها وأحيانا معاقبة الذين يشتبه بهم وبهن.
في الحقبة المعاصرة، نسمع عن لاجئين يهربون من بلادهم( نساء-رجال) الى الغرب ويعلنون عن توجههم الجنسي نحو الجنس المثلي وليس الغيري.

فلسفة وقراءة سيمون دو بوفوار للدور الاجتماعي لكلا الجنسين لن تكفي لقراءة وتحليل الوضع القائم في الخلية الأسرية وما يخص الطبقات والرغبات والتوجهات الجنسية. اليوم نرى فرداً في ثوب امرأة، ولكنها تعرف عن نفسها ب(هو-المذكر) كما نسمع ونواجه فردا جنسه البيولوجي، ذكر، ولكنه يعرف عن نفسه ب(هي-المونث). وبناء عليه يقيم رجلان أو امرأتان علاقة تربطهما بعقد زواج رسمي، أو بالتعايش معاً كزوج وزوجة. بعضهم يتبنى الأطفال ويشكل عائلة قوامها امرأتان أو رجلان. الجنس الآخر صار هجينا-متحولا، مثليا، وشديد الالتباس على نفسه والآخر. هنا نرى نساء لسن نساء، ورجالاً لسن رجال وصيغة الخطاب بناء عليه تصبح مختلفة. في جلسات عمل مع حالة مثلية جنسية، قالت المرأة التي لها شكل امرأة أنها تفضل أن يخاطبها الآخرون ب ( السيد فلان) وليس السيدة فلانة. لأنها أساساً لا تشعر بأنها امرأة بل تتألم لأنها كانت تحيض كل شهر إلى أن أخذت ما يكفي من الحقن والهرمونات الذكورية حتى تغير صوتها وشعر وجهها...

بعض الهموم في بيوت المهاجرين العرب: رغم أن البيوت أسرار إلا أنك ستقرأ وستتعرف على عائلات فيها البنت التي تخرج من البيت لتعيش مع صديقتها أو حبيبتها المرأة. وكذلك ستجد بعض الأفراد الذكور ممن يعلنون ارتباطهم العاطفي والجنسي بشخص آخر(ذكر في الظاهر). ولا تستغرب إذا عرفت أن الرجل كان متزوجا في السابق من امرأة. وكذلك تجد نساء صرن مثليات الجنس وكن متزوجات سابقا وأنجبن أطفالاً ثم قررن الخروج عن هذا النسق والدخول في صنف مثلي الجنس. هناك بعض الكتب(سيرة ذاتية) صدرت بالانكليزية في السنوات الأخيرة عن هذا الجانب من العلاقات.

بعضهم وبعضهن لا يمكن التعرف عليه (عليها) من المظهر الخارجي وطريقة التصرف وفيما بعضهم يتكتم ويخاف من الإفصاح عن ذاته. بعضهم يلبس ثيابا مختلفة ويتصرف بطريقة لافتة للنظر وتناقص النسق المتعارف عليه لدى الرجل والمرأة. بعضهم يخضع لعمليات جراحية وحقن بالهرمونات كي يتم التحول التدريجي.

حالات واقعية وصدمات: تخيل حال أب في السبعينات من عمره، قضى حياته يعمل ويقدم لأبنائه وبناته ما يستطيع من زعاية ومال، وتساعده الأم-الزوجة في ذلك. ذات يوم يفتح صندوق البريد فيجد رسالة من ابنه الذي في يدرس في دولة مجاورة. يفتح الأب الرسالة فيجد بطاقة دعوة لحضور عرس ابنه. ولكن العريس في هذه الحالة ذكر آخر، وليس امرأة كما يأمل أي أب أو أم.

جاكلين سلام: شاعرة وكاتبة ومترجمة سورية كندية.