يمكن تعريف القيم الإنسانية على أنها الأخلاقيات والمبادئ السامية التي نشأ عليها الفرد والتي تضع له القواعد الرئيسية لتعاملاته مع الآخرين. وتتعدد هذه المبادئ ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. ولهذه القيم أثر عظيم على الأفراد فهي تدعو لنشر المحبة والود بين أبناء المجتمع الواحد، وتحض على نبذ الشر والحقد والظلم والكراهية. وتدفع الفرد إلى المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية، والوقوف بجانب الآخرين في السراء والضراء. وتدعو الفرد إلى الالتزام بحسن الخلق في تعاملاته مع البشر جميعهم دون تفرقة بينهم على أساس الأصل أو الدين أو اللون أو العرق أو الجنس.

يؤكد الفلاسفة والمختصين في علوم النفس والاجتماع ان القيم الإنسانية لها خصائص معينة، وهي:

إنسانية: أي تختص بالإنسان فقط دون غيره من الكائنات.

ذاتية: فعلى الرغم من عموميتها واتفاق المجتمعات عليها، إلا أن شعور الفرد بها يختلف من انسان إلى آخر، وطريقة أدائه لها، وطريقة احساسه بها تختلف بين الأشخاص.

نسبية: بعض القيم – وليس جميعها - تختلف من زمن لزمن آخر، ومن مكان لآخر، حتى في المجتمع الواحد تجد ما يصلح في مكان لزمن بعينه قد لا يصلح في مكان غيره.

قابلة للقياس: يمكننا قياس القيم من خلال الملاحظة والاستبيانات، وهذا ما تهتم به علوم الفلسفة والنفس والاجتماع.

متغيرة: القيم لا تتغير كمبدأ اخلاقي، ولكن مفهومها وممارستها قد يتغيران من عصر إلى عصر، ومن وقت لآخر.

مكتسبة: القيم يكتسبها الإنسان من المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يرثها ولا يورثها.

مترابطة: القيم يكمل بعضها البعض، فلا تجد قيمة بمفردها، وغالبا ما يجتمع الصدق والأمانة، والخير والإيثار، ويترابطوا جميعا، وتخلو من التناقضات.

لا ينكر احد أن عالمنا اليوم يواجه تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية كبيرة، نتج عنها في بعض البلدان كوارث وأضرار جسمية، وحروب أهلية تكاد تأكل الأخضر واليابس. ولو أمعنا النظر في معظم تلك المشاكل لوجدنا أن حلها يكمن في التزام البشرية بالقيم الإنسانية الغائبة عن العديد منهم، فغياب تلك القيم هو أحد الأسباب الرئيسة التي ساهمت في تفاقم تلك المشكلات ووصولها إلى حد الخطر. لذلك لا بد من نثر بذور القيم من جديد ومحاولة غرسها في عقول وقلوب الأجيال القادمة للحد من انهيار المجتمعات.

تعمل القيم الإنسانية على التقريب بين الأمم والشعوب عن طريق ترسيخ الاحترام المتبادل، والتفاهم وقبول الآخر، ونبذ الصراعات القائمة على أساس التمييز بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو المعتقد الديني، حيث تعمل القيم الإنسانية على الحد من هذه الاختلافات والحث على رؤية أوجه التشابه والتقارب لتعميق الاتصال بين الشعوب والأمم. كما ان للقيم الإنسانية أهمية كبيرة في بناء شخصية الفرد القوية والناضجة والمتماسكة، وفي حمايته من الوقوع في الزلل والخطأ، حيث تشكل هذه القيم درعا واقية له. وتجعل الفرد كذلك يشعر بالسلام الداخلي والطمأنينة والاستقرار والتوازن في الحياة الاجتماعية، كما تساعده على كسب ثقة الناس واحترامهم ومحبتهم، والقدرة على التأقلم مع الظروف برضا وقناعة، وتشكيل نمط عام للمجتمع وقانون يراقب تحركاته.

تزيد القيم الإنسانية من احترام الفرد لذاته، فحينما يتلقى الفرد المعاملة الحسنة والاحترام ممن حوله، ويرى تقديرا لدوره واحتراما لكرامته، فإن هذا يزيد من احترامه لنفسه واحساسه بالانتماء للمجتمع الذي يعيش فيه. في هذا الوقت العصيب حيث جائحة الـ "كورونا" تعصف بالكرة الأرضية، نحن بحاجة ملحة لتفعيل هذه القيم الإنسانية بالوقوف صفا واحدا ومساعدة بعضنا البعض.

أقوال في القيم والمبادئ الإنسانية:

• يصبح الانسان عظيما بالقدر الذي يعمل فيه من اجل رعاية أخيه الانسان.
• إذا خانتك قيم المبادئ فحاول ألا تخونك قيم الرجولة .
• دعاة السلاطين يدعون إلى وحدة الجماعة، بينما يدعوا المعارضون إلى مبادئ العدالة والمساواة.
• انسان بلا مبادئ كساعة بلا عقارب.
• المبادئ ليست شيئا ميتا يرقد في بطون الكتب، و لكنها شيء حي يسكن في كيانك دون أن تدري.
• المبادئ ليست بذات قيمة في نظري بغير الاشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها.