أعجبني قول أحد المفكرين المتنورين المتخصصين بتجديد الخطاب الديني: إنَّ المعرفة المتعمِّقة بواقع الخطاب الديني تشترط القدرة على الوصول إلى الخلفية الثقافية التي يحملها "صانعو الخطاب"، وتلك الخلفيةُ تشتمل على معتقداتهم ومبادئهم ورؤيتهم للتحدِّيات والفرص والإمكانات المتاحة، كما تشتمل على مجموعة الملاحظات والانطباعات والخِبْرات التي تراكَمَت لديهم من خلال ممارسة العمل الديني والإصلاحي والتربوي.
إنَّ صانعي الخطاب الديني يعتقدون أنَّ لدى الناس قدرةً كبيرةً على الاستجابة لدعوة الخير؛ ولذلك لا يعطون أهميةً لتطوير خطابهم الديني -فضلاً عن تطوير الفكر الديني- ولا يدرسون الظروف والأوضاع التي تساعد الناس على الاستجابة، ويشعرون بنوعٍ من الخوف والنُّفُور من الوقوع في مصيدة تعقيدات "الإصلاحيين" ومجازفاتهم ومناوراتهم -على حدِّ تعبيرهم- ورؤيتُهم غالباً ما تكون محدودةً وغائمةً غيرَ واضحة، ولهذا كلِّه يتصف خطابهم بالسَّطحية والبساطة، وهو أبعدُ ما يكون عن التخطيط والرؤية المستقبلية الاستراتيجية.
وغالباً ما يعتمدون على الخطاب العاطفي الذي يحقِّق التأثُّر السريع الذي سرعان ما يزول؛ لأنه لم يؤسَّسْ على العقلانية والعمق.
والوعيُ بالخطاب الديني لا يتمُّ من غير الفهم الدقيق لمكونات ذلك الخطاب وفهم القضايا التي يشتغل عليها والنُّظُم والقوانين التي تحكُمُ المسائلَ التي يعالجها، وهذا يحتاج إلى إثراء "البُعْد الفلسفي" في ثقافة الدعاة وعلماء الدين والمصلحين، فالفلسفةُ هي فَنُّ صناعة المفاهيم، وفَنُّ وضعِ التعريفات، وفَنُّ كشفِ العلاقات والتداعيات المنطقية.
ولذلك فإنَّ "الطابَعَ المباشِرَ" الذي يتَّصفُ به معظمُ الخطابات الدينية هو نتيجةٌ طبيعيةٌ لافتقار تلك الخطابات إلى الاهتمام بالتنظير وفَهْم الأسبابِ الموجِبة والنتائج المنبثقة عنها، فنحن بحاجةٍ إلى فَهْم المقاصِد التشريعية، والسُّنَن الكونية، وطبائعِ الأشياء، ولا سيما الطبيعة البشرية، وإدراكِ الترابط بين المسائل والقضايا التي نعمل على إصلاحها والنهوض بها، كما أننا بحاجةٍ إلى تحديد المصطلحات التي نستخدُمها، وبغير هذا كلِّه لن نستطيع أن نُبْصِرَ مواقع أقدامنا، وهذا كُلُّه بحاجةٍ إلى "إثراء البُعْد الفلسفي" لدى رجال الدِّين، ولا يتحقَّقُ الوعيُ المطلوبُ للخطاب الديني من غير فهمٍ للنتائج التي يمكن أن نحصل عليها.
فعلى سبيل المثال: هناك أسئلةٌ هامَّةٌ يجب أن نطرحها:
1- لماذا قادَ المسلمون العالَمَ قروناً طويلةً ثم صاروا يبحثون عن مكانٍ لهم في ذيل الحضارة ولا يجدونه؟
2- نحن نعتقد أننا نملك أفضلَ نظريةٍ اقتصاديةٍ لرخاء العالم، ومع ذلك فلماذا معظم الشعوب العربية والإسلامية هم من الفقراء؟
3- منذ قرنٍ ونصف ونحن نشخِّصُ الدَّاء ونَصِفُ الدواء، ثم لا نجد تقدُّماً في حالة الأمة، فلماذا لم يطرأ أيُّ تطوُّرٍ على صعيد تشخيص داء الأمة ولا على صعيد الدواء الذي عليها أن تتناوله؟
4- لماذا فَقَدْنا رُوْحَ المبادرة على الصعيد العالمي في نشر الوعي وثقافة الإنسانية ونحن ندَّعي أنَّ ديننا دينٌ عالميٌّ؟
5- دينٌ عنوانُهُ: ((وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)) لماذا انبثَقَ منه متطرِّفون ومتشدِّدون قتلوا الناس باسم الدِّين؟ وعلى فرضية "المؤامرة" بأنَّ هذه الجماعات الإرهابية صناعةٌ أجنبية لماذا وجدَتْ آذاناً صاغيةً لدى كثير من الشباب فتبعوها؟ من يتحمل المسؤولية؟
6- ماذا عن الشباب الذين تركوا الإيمان والدين ودخلوا في الإلحاد؟ ولماذا استطاعت التيارات الفكرية المختلفة أن تؤثِّر في عقولهم؟
7- لماذا استطاعت الأمم والشعوب أن تؤسِّسَ اتحاداتٍ تجمعُ تفرُّقها -كالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة- وما زالت هذه الأمة مبعثرةً بين سني وشيعي، ويَفُتُّ الضَّعْفُ في عَضُدها ويجعلها أشلاء ونسيت أهمَّ فريضة في الدِّين ((إنَّ هذه أمتكم أمةً واحدةً))؟
وغيرُها من الأسئلة كثيرٌ.
وأنا لا أزعم أنَّ مسؤولية هذه المصائب كلّها يتحملها دعاة الدِّين ورجاله، أو أنَّهم السببُ المباشرُ في كلِّ ذلك، ولكن أبيّن مدى الحاجة الملحة إلى تجديد الخطاب الديني ليكون على مستوى هذه التحديات، وليعتني دعاة الدِّين بالبُعْد الفلسفي الذي يمكِّنهم من الوقوف على الأسباب وتحليل الواقع ورَسْم الرؤية الاستراتيجية.
والإجابةُ عن الأسئلة السابقة لا يكون عن طريق الارتجال والعيش في الخيال، وإنما عن طريق البحث والدرس والحوار، وقبل ذلك إنتاج المفاهيم التي تساعد على ملامسة المعاني العميقة لتلك الأسئلة، والحقيقةُ: أننا إذا قمنا بذلك سنكتشف قلةَ بضاعتنا في هذا المجال، وسنكتشف كذلك التَّصدُّعات الكثيرة في خطابنا الديني التي ينبغي علينا أن نعمل لِنَرْأَبَها.
إنَّ خطابنا الدينيَّ اليوم يعاني من الانغلاقِ على الآخر والنُّفُور منه ومن الخوف من الانفتاح عليه، فالآخرُ الغَرْبيُّ أو العلماني أو اليساري أو الليبرالي أو الملحد نختلف معه في الرُّؤَى والتوجُّهات، ولكن لا يجوز بأيِّ حال أن يتوجَّه خطابُنا لذمِّه والازدراء به، بل لحواره حواراً عقلياً ينتجُ عنه التفاعُلُ الذي يرتقي بخطابنا إلى العالمية، كما لا يجوز لنا أن نستهين بما لديه أو أن نشعر بعدم الحاجة إلى قراءة الآخر ومحاورته بحجَّة أنه ليس عنده شيءٌ نستفيد منه أو يستحقُّ النَّظَر؛ لأنَّ هذه النظرية خاطئة، فليس كلُّ ما عندي هو الحقّ، وما عند الآخر هو الباطل.
والمشكلةُ أنَّ هذا الانغلاق على الآخر يأخذ بُعْداً آخر عند البعض يتمثَّلُ في الخوف على أتباعه والمحسوبين عليه من التأثُّر بهذا الآخر، فيوجِّهُهم إلى عدم قراءة كتبه أو متابعة ما يقولُه أو ينشرُهُ.
أو يكونُ هذا النُّفُورُ من الآخر لأنَّنا كوَّنّا عنه صورةً ونحن باستمرارٍ نحاكمُهُ على أساس تلك الصورة، ونحنُ غيرُ مستعدين لمراجعتها أو تعديلها.
ويسيرُ الكثيرُ من دعاة الدِّين ورجاله على قاعدةٍ عامَّة: الآخرُ المغايرُ أو الخَصْمُ يُشكِّلُ تحدّياً، وهذا التحدّي يشكّل خطراً، ولكنَّ الحقيقة أنَّ هذا الآخرَ هو جزءٌ من الحَلّ لِمَا نُعاني منه؛ حيثُ إنَّ الإقصاءَ جَلَبَ العِداء، والعِداءُ -من خصمٍ قويّ مع ضعفي- جَلَبَ لنا مزيداً من المشكلات والتحدّيات.
في حين أنَّ الحوار "يفتح باب التعارف"، ويبدِّدُ الخوفَ الموجود عند الآخر من دعاة الدِّين ومن الفكر الذي يحملونه إذا كانوا على مستوى القضية، وبالتالي: يحصُلُ "التقارُب"، ولا يشترط "التوافق"، فالاختلاف سنةٌ كونيةٌ، وهو يؤدي إلى "التكامل"، ولكنَّ المذمومَ هو الخلاف لا الاختلاف.
والتَّحدَّي الذي يُواجه "صُنَّاع الخطاب الديني" هو "النقد الذاتي" لذلك الخطاب؛ حيثُ إنَّ تجديده يتطلَّبُ وعياً كبيراً وشعوراً بالمسؤولية، ولن نحصل على هذا الوعي إلا بممارسةٍ نَقْديةٍ حرَّةٍ وجريئةٍ، نكشف من خلالها عن إنجازات الخطابِ وإخفاقاته، ونقاط قوته وضعفه، والممارسةُ النقديةُ الإيجابيةُ تتطلب نوعاً من الاختراق والنفاذ إلى قَلْب القاعدة الثقافية التي ينطلق منها.
ومن المؤسف جداً أننا لا نُعير قضيةَ النقدِ هذه اهتماماً، فدعاة الدِّين ورجاله بعضُهم مشغولٌ بمديح الذات، وبعضُهم ببيان المكاسب والانتصارات التي حقَّقَها من أجل جَذْب المزيد من الأنصار والأتباع، وبعضُهم ببيان فضائل الرُّمُوز والمرجعيَّات، وبعضُهم بالردّ على الخصوم وتَفْنيد افتراءات المخالفين وهكذا دواليك ....
ربما يجدُ البعضُ في هذا الكلام قسوةً، ولكنَّها الحقيقة، والحقيقةُ مُرَّةٌ في كثير من الأحيان، وأنا لا أعمِّمُ الكلامَ على الكُلّ، ولكنني أتكلَّمُ عن ظاهرةٍ يجدُرُ الوقوفُ عليها ومناقشتُها.
وربما يعزو البعضُ هذا الضعفَ في عملية النَّقْد -إنْ لم نقل: انعدام النَّقْد الذاتي- إلى الظروف والضغوط التي تجعلنا دائماً في حالة الدفاع، وهذا الفهمُ غيرُ صحيح؛ لأنَّ الضغوط اشتدَّتْ علينا بسبب ضعفنا، ولا بُدَّ لقوةِ الخطاب الديني من "النقد الذاتي"، فخيرُ وسيلةٍ لمواجهة الضغوط الخارجية هي تحصينُ الداخل، أي: الكشف عن العيوب؛ ووضع حدّ للأخطاء المتكررة.
ومما يعاني منه الدعاة الخَلْط بين مفهوم "الولاء" ومفهوم "الوفاء"، فلكي يكون وفيّاً يجب أن يقبَلَ كلَّ ما قالَهُ أستاذُهُ وشيخُهُ، ولو لم يكن مقتنعاً به، ولو كان مخالفاً له في قرارة نفسه، وإلّا سيوصَفُ بالجحود والنكران للجميل، ويجب أن يحمل دائماً "الولاء" المطلق، وهذا خلطٌ للمفاهيم، فـــــ "الولاء" دائماً للحقّ والصواب، و"الوفاءُ" والتقديرُ والاحترامُ للأستاذ والمعلِّم، وعندما يتعارض الوفاء والولاء فإنه من الواجب تقديمُ الولاء للحق وإن لم يكن مع الأستاذ والشيخ.
ولذلك عندما قال واحدٌ من الناس لسيدنا عليّ رضي الله عنه: أتدَّعي أنَّك على الحقّ وفلانٌ وفلانٌ وفلانٌ من الصحابة يخالفك؟ قال له سيدنا علي: مِنْ هاهنا أُتِيْتَ يا أخي، اعرف الرجالَ بالحقّ، ولا تعرف الحقَّ بالرجال، واعرف الحقَّ تعرف أهله.
وهذا ناتجٌ عن التقليد الأعمى الذي رُبِّيَ عليه كثيرٌ من الدعاة، وتعطيلِ العَقْل الذي مَيَّز الله عز وجل به الإنسانَ على سائر المخلوقات.
ومن المشاكل التي يقع بها الكثيرون إغلاق باب الاجتهاد، وحَمْلُ الناسِ على تقديسِ أقوال الفقهاء، والارتقاء بها إلى درجة العصمة، وعدمُ القبول بمناقشتها أو المساس بها، وهذا ناتجٌ عن الخَلْط بين "الثوابت والمتغيرات"؛ فالثوابتُ كالعقائد الأساسية وأركان الإسلام، وكليات الشريعة، والقيم والمبادئ الأخلاقية، وأحكام العبادات...الخ، وما عدا ذلك فيسوغُ الاجتهادُ فيه، ويجب إعمالُ العَقْل في إيجاد الحُلُول للمستجدَّات، وإنَّ التكلُّسَ الذي خيّم على العقول يجب أن نقوم بإزالته، فما كان فقهاؤنا الكبارُ الذين كانوا أعظمَ مثالٍ على تجديد الفكر والفقه الإسلاميّ في زمانهم ليرضَوا بهذه العقلية الخانعة، فعلى دعاة الدين أن يعلِّموا تلاميذهم قواعد الاجتهاد الصحيح، ويأخذوا بأيديهم دائماً إلى المحاكمات العقلية التي تجدِّد الفكر، وتخرجه من الظلمات إلى النور.
ومما يقعُ به الدعاة وأصحاب الخطاب الديني أيضاً الخَلْط بين الدعوة إلى الله والدعوة إلى النفس، واعذروني إنْ كنت جريئاً في مناقشة هذه الفكرة، فبعضُهم همُّه الأكبرُ أن يكثر أتباعُهُ ومُريدُوه، ويجعل لنفسه مكانةً كبيرةً بينهم تصل أحياناً إلى درجة التقديس، ولا يقبل النَّقْد ولا المخالفة، ونَصَّبَ من نفسه وكيلاً عن الحقِّ للخَلْقِ، في حين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لمن ارتعدَتْ فرائصُهُ عندما التقى به: ((هوِّن عليك فإنّما أنا ابنُ امرأةٍ كانت تأكل القديد بمكة))، وليس لأي داعية مهما علا شأنُهُ أن يصل إلى درجة النبيّ المرسل.
وأنا لا أدعو هنا إلى التنكُّر للمعلم والأستاذ، وترك تقديره واحترامه، فهذا واجبٌ في كلّ الشرائع السماوية والوضعية، ولكنْ جانبُ الإخلاص في هذه الرسالة يجب أن يكون هو الدافع، فهذا العملُ هو لنشر القيم والأخلاق والمبادئ والرحمة والتسامح والحب، وهي رسالة الشرائع السماوية، وليس للنفس والشُّهْرة.
ومما يُؤخَذُ على الكثير أيضاً أنهم يقولون: إنَّ هذه الرسالة عالميةٌ لكلّ الناس، وينشرون ذلك في دروسهم وخطبهم ومحاضراتهم، في حين أنَّ ممارساتهم في الواقع تقول خلافَ ذلك، ويتوجَّسُون من المخالف لهم في العقيدة والمنهج، ولو من أبناء الوطن الواحد، مما يفتح باباً لا يُغلَقُ من الطائفية البغيضة التي أدَّت إلى تمزُّق الأوطان والبلاد، ولا يركزون على الوحدةِ الوطنيةِ، والحقوقِ والواجباتِ المنوطةِ بكلِّ فردٍ من أفراد المجتمع على اختلاف عقيدتِهِ ومبدئِهِ.
وإلّا فما هذا العنف والدمار الذي شهدته بعض البلدان العربية والاسلامية ، ألا يتحمَّل دعاة الدِّين ورجاله جزءاً من المسؤولية في تقصير الخطاب الديني في التركيز على هذا الجانب؟!
ولكي يكون الداعية مواكباً لعصره ومسايراً للتطوُّر والانفتاح العالمي ألا يجب عليه أن يطلع على مقارنة الأديان والمذاهب الفلسفية والتاريخ الحديث المعاصر والقضايا الفكرية المعاصرة؟ مدركاً لما تحملُهُ "العولمةُ" في ثناياها من إيجابياتٍ وسلبياتٍ؟ عارفاً بمبادئ وأسس الحوار؟ مطلعاً على حوار الحضارات والتيارات المختلفة، والعلاقات الدولية، والتطرُّف الديني (أسبابه، ونتائجه)، والاقتصاد السياسي؟!
أنا لا أزعم أنَّ دعاة الدِّين ورجاله يجب أن يتخصَّصوا في هذه العلوم؛ ولكنَّ داعية الدِّين المثقَّف الناجح يجب أن يكون مطَّلعاً على ما يجري حوله، آخذاً من هذه العلوم بطَرَفٍ يمكِّنُهُ من مخاطبة الجماهير بخطابٍ ديني متجدِّدٍ دائماً، ينطلق من معالجة الواقع، ويرسم رؤية استراتيجيةً مستقبليةً، هدفُها الارتقاءُ بخطابه إلى الإنسانية جمعاء، والانفتاح على الآخر، وترسيخ الوحدة الوطنية، واستبدال خطاب الكراهية بالحب.
وختاماً: فإني أودُّ التنويه إلى أنني لا أعمِّم هذا على كلِّ دعاة الدِّين ورجاله، فإنني أقدّر كثيراً من القامات العلمية التي تُعَدُّ قدوةً في هذا المجال، ومنظِّرةً لتأسيس منهجٍ متكاملٍ في تجديد الخطاب الديني، ولهم مني الاحترامُ والتقدير، ولكنني أتكلَّمُ عن ظاهرةٍ ينبغي معالجتُها ووضعُ الحُلُول لها.
وإني لأدعو إلى إحداثِ أكاديمياتٍ متخصصة، ومراكز تأهيلية في كلِّ بلدٍ، تُعنَى بتهيئةِ الدعاة والوعّاظ والارتقاء بخطابهم الديني، ولا يجوز أن يتصدَّى لخطاب الجماهير إلّا مَنْ خضع للتأهيل والتدريب، وعرف أسس الخطابِ الناجح، وإلّا سنشهد مزيداً من عُزُوف الشباب الناشئ والجيل الصاعد عن هذا الخطاب الديني، ونجعلهم عُرْضَةً لتجاذب التيارات الفكرية المختلفة، وما أسهل الوقوعَ في فخِّ كثيرٍ منها، وخصوصاً من فئة الشباب الذين لا يملكون حصانةً ذاتيةً راسخةً من خطابٍ عقلانيٍّ مؤثِّر.