تركيا تستغل عضويتها في حلف الناتو لانتهاك سيادة دول المنطقة وقتل الأبرياء : يحاول النظام التركي , وتحديداً رأسه اردوغان , هذه الايام , واكثرمن أي وقت مضى , الظهور بمظهرالسلطان المؤمن والقوي المتماسك القادرعلى الامساك بزمام امور بلده وبلدان المنطقة , ومن موقع القوة والاقتدار, حسب الاسطوانة المشروخة التي دأبت أبواق السلطان الاعلامية على ترديدها وازعاج شعبه وشعوب المنطقة بها, بمناسبة أو بدونها.

وتزداد وتيرة الزعيق هذه طبعاً , كلما تعرض النظام التركي إلى مخاطر وصعوبات حقيقية وخانقة داخلية وخارجية , كما هو الحال اليوم , فبالاضافة إلى الحالة الاقتصادية والسياسية ( الصراعات الداخلية في محيط اردوغان وحاشيته ) والامنية الصعبة التي تعيشها تركيا في الوقت الحالي , تتصاعد وتيرة تهديدات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، ضد تركيا، يوماً بعد يوم، بعد ان اعتبر ماكرونقبل أيام ، أن ​تركيا تستغل في تحركاتها العسكرية في المنطقة وضعها ضمن ​حلف الشمال الاطلسي ) NATO) مشددةً على أن هذا أمرترفضه ​باريس وسوف تناقشه مع أعضاء الحلف الفاعلين في الملف. ونوّهت ماكرون بأن النظام التركي يتصرف بطريقة غير مقبولة من خلال الإستفادة من ​الناتو, و​فرنسا لا يمكنها التغاضي عن هذا,كما وصف تحركات السلطان اردوغان في ليبيا بالطموح الإقليمي التركي في المنطقة.

واتهم ماكرون إردوغان، بخرق تعهداته وانتهاك نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا، من خلال إرسال مرتزقته وسفن حربية لدعم ميليشيات حكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج ، وهو ما يزيد من تأجيج الصراع بين الأطراف الليبية المتحاربة ، ويطيل أمد الصراع. وأضاف الرئيس الفرنسي أن ما تقوم به تركيا يهدد أمن جميع الأوروبيين وحتى سكان بلدان الساحل الأفريقي.

ومن جانب اخر , أكد وزير الخارجية الفرنسية Jean-Yves Le Drian, ان تركيا تعرّض الامن الاوروبي للخطر بإرسال الارهابيين والاسلحة الثقيلية عبر البحر المتوسط لطرابلس, إضافة إلى استخدام اردوغان ليبيا كنقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين إلى اوربا من خلال جزيرة لامبيدوزا الإيطالية والتي تقع جنوب إيطاليا وتعتبر بوابة المهاجرين الأولى إلى أوروبا

وخاصة بعد سقوط طرابلس في عام 2011 والتي سقطتوتبخرت معها جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية منها معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون بين ليبيا وإيطاليا , والتي نصت المادة 19 من المعاهدة على النقاط التالية :

1 ـ يكثف الطرفان التعاون القائم بينهما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية طبقا لما نصت عليه الاتفاقية الموقعة في روما بتاريخ 13-12-2000 بالخصوص، واتفاقيات التفاهم الفنية اللاحقة، من بينها على الخصوص ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية وبروتوكولات التعاون الموقعة في طرابلس بتاريخ 29-12-2007 .

2 ـ بالنسبة لموضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية، يعمل الطرفان على إنجاز منظومة لمراقبة الحدود البرية الليبية تسند إلى شركات إيطالية تتوفر لديها الاختصاصات الفنية اللازمة، وستتحمل الحكومة الإيطالية 50 % من التكاليف، بينما سوف يطلب الطرفان من الاتحاد الأوروبي أن يتحمل الـ 50 % الباقية، أخذاً في الحسبان التفاهم الذي تم في حينه بين الجماهيرية العظمى والمفوضية الأوروبية .

3 ـ يتعاون الطرفان في تحديد مبادرات ثنائية وإقليمية، في بلدان مصدر الهجرة للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية .

والسؤال المهم هنا هو : هل تستطيع فرنسا وايطاليا لجمّ النظام التركي وإيقاف عملياته العدوانية والتوسعية ضد دول المنظقة وحتى بعض الدول الاوربية؟!

اردوغان ونظرية تصديرالازمات وإدارة الأزمة بالأزمة :

ان المتمعن في حقيقة الأمر يرى ان كل الاجراءت الاستفزازية والممارسات الارهابية والعمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق واخرها جريمة( مخلب النسر Pençe-Kartal Operasyonu) و( مخلب النمر ـ Kaplan Operasyonu Pençe ),والمعلوم انها ليست الإعتداءات التركية الأولى وقد لاتكون الأخيرة في اطار تطبيق إردوغان نظرية ( تصديرالازمات وإدارة الأزمة بالأزمة ) , أن هذه الممارسات الارهابية تدللّ على ضعف النظام التركي وخوفه من معارضيه ومن غضب الشعب , الذي ينتظر بفارغ الصبر , الفرصة السانحة للقضاءعلى هذا السرطان الذي ينخر في جسد المجتمع التركي.

ومن يدقق جيداً في خطاب اردوغان بمناسبة بدء جريمة مخلب النسر ومخلب النمر , يجد ان الهشاشة والضعف والتخاذل هي السمات الطاغية عليه. ان هذا الضرب من التملق والتخاذل الذي ظهر به اردوغان افندي من خلال خطابه الاخير, إنما يدعو إلى الاستخفاف والسخرية والاحتقار , لأن الشعب التركي يعرف جيداً , من هذا الذي يتضرع اليه الان؟! وما الذي فعله ويفعله بخيرة ابنائه وبناته على امتداد حكمه المقيت.

المسألة واضحة وضوح الشمس وهي ان اردوغان خائف من الشعب مرتعد من انفجار نقمته. وما إجراءاته الاحترازية وعملياته التعبوية وغزواته التي يقوم بها هو واركان حكمه الظالم وعلى كل الاصعدة ( الداخلية والخارجية ) ومنها تدخلاته العسكرية السافرة في سوريا والعراق وليبيا واليمن ,الا بهدف الاستعداد لمنازلة الشعب والحفاظ على نظامه الدموي والقضاء على معارضيه خارج واداخل تركيا بحجج واهية . اردوغان خائف ان تفلت الامور من يديه , وهذا ما سيحصل فعلا ساعة ينفجر الغضب الشعبي العارم , ليحرق بناره كل الهياكل والقلاع التي يظنها الطاغية حصينة , والمخصصة لحمايته وبقية شلته المجرمة.

ولعل الامر الاخر الملفت للنظر في خطاب اردوغان البائس ,هو استنجاده بالدين , والاسلام , والفتوحات كما فعل قبله الدكتاتور صدام حسين , الامر الذي يكشف بجلاء عدم ثقته بكل هذه الاجهزة القمعقية , التي بناها بأموال الشعب , لتكون رأس الحربة والدرع الواقي له ولنظام حكمه الدموي والقمعي .

ان اردوغان وكعادته عندما يتلبسه الوهم السلطاني , يظن ان ازدحام خطابه بالايات القرأنية والشواهد الدينية والاحاديث النبوية , سوف يخدع شعبه والشعوب الاخرى , ويجعلهم يصدقون بانه يريد الخير لهم , وان الحكمة والموعظة ستكون لصيقة به وبغزواته وانفالاته وتدخلاته السافرة في شؤون الدول العربية والإسلامية وحتى الاوروبية .

ان الاستعدادات العسكرية والامنية الهائلة والرشاوي التي زادها اردوغان افندي هذه الايام , لمرتزقته وجلاوزته واعوانه داخل وخارج تركيا , ويحاول ان يغري بها حتى ضباط القوات المسلحة وغيرهم , والمناورات السياسية والعسكرية التي يمارسها بشكل مكشوف خارج تركيا , ان هذا كله لن يخدع أحداً وسوف لن ينقذه من مصيره المحتوم , الذي اضحى يلوح في الافق , لبيشرالجميع بفجر أت لامحال , فجر يحمل للشعب التركي والشعوب الاخرى الحرية والسلام الحقيقي و الالتزام بعلاقات حسن الجوار بين تركيا والدول المجاورة لها وفق الاتفاقيات الدولية وعدم اللجوء لما من شأنه زعزعة الاستقرار في المنطقة .

الأعتداءات التركية الايرانية :

بعد قيام الطيران التركي باستهداف مخيمات للاجئين قرب مخمور وقضاء سنجار والمناطق القريبة منه في إطار عمليةمخلب النسر وعملية مخلب النمرالبرية العسكرية المدعومة من قوات الكوماندوز التركية تؤازرهم مروحيات قتالية وطائرات مسيّرة, قصفت الجارة السيئة إيران القرى التابعة لبلدة حاج عمران تحت غطاء الجوي التركي , واسفر القصف عن إصابة مزارعين وإلحاق أضرار مادية كبيرة بممتلكات القرويين الابرياء وحرق مساحات واسعة من المزارع والمراعي المحيطة بالقرى الحدودية المغدورة .

ومن المضحك ان الخارجيّة العراقية بدل ان تقدم شكوى لدى مجلس الأمن الدولي وإلزام تركيا وإيران بوقف هجماتهم واعتداءاتهم السافرة تجاه الاراضي والسيادة الوطنية العراقية , استدعت الخارجيّة العراقية سفير أنقرة لدى بغداد وسلمته مذكرة احتجاج وعبرت عن (قلقها الشديد والعميق جداً) للتدخلات العسكرية التركية في الأراضي العراقية بعد ان اصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. وبعد ان أعربت الخارجيّة العراقية عن قلقها من التدخل العسكري التركي في الشأن العراقي ,طالبت جميع الأطراف بتحمل المسؤولية وضرورة وضع الآليات اللازمة لحسم (ملف القصف) وفي أسرع وقت لان استمرار الجارة الصديقة تركيا والجارة الوفية ايران بقصف الأراضي العراقية يسبب (إحراجاً ) للقوى السياسية العراقية بأكملها وللحكومة العراقية الرشيدة جداً كذلك!

لماذا الكيل بمكيالين؟!

ليس دفاعاً عن الحكومة العراقية الفاسدة والقمعية والفاشلة بامتيازولكن دعونا نفترض جدلاً : لو قامت بغداد بقصف وتدمير وحرق قرى وجبال ووديان إقليم كوردستان بدلاً من تركيا او إيران , لتظاهرمع إطلاق اول صاروخ الاف من أنصار ومؤيدي الاحزاب الكوردية المتنفذة في الإقليم مطالبين برحيل الحكومة العراقية واتهامها بالاجرام ونعتها بشتى النعوت والأوصاف,ولكن عندما يتعلق الامر بتركيا الجارة ,ليس فقط يصيبهم صمت مطبق , وإنما يقمعون ويعتقلون كل من يخرج إلى الشارع ويندد بجرائم النظام التركي والإيراني , بالضبط كما حصل اليوم 18 / 6 / 2020 في السليمانية وقبل يومين في اربيل عندما اعتقلت قوات الامن اكثر من 43 ناشطاً مدنياً امام مبنى الامم المتحدة وهم ينددون بمجازر وجرائم النظام التركي ,بحجة أن الوقفة الاحتجاجية كانت غير مرخصة، ولكن حرق وتدميرالقرى وقتل الابرياء وحرق المزارع والبساتين مرخص لسلطان اردوغان ولأغاي روحاني.

نكتة حقيقية صارخة :

اختتم مقالي بنكتة الموسم الحقيقية والتي تعبرعن غروروأوهام السلطان المهووس أردوغان الذي يعتبر نفسه وريث الإمبراطورية العثمانية المتهالكة, تقول النكتة : هاتف أردوغان , الرئيس الامريكي دونالد ترامب اثر الاحتجاجات الواسعة التي شملت أنحاء الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد الذي مات خنقا بعدما جثم شرطي بركبته على رقبته لتسع دقائق تقريباً في مدينة منيابوليس يوم 25 أيار الماضي , عبراردوغان خلال مكالمته الهاتفية عن مساندته القوية للرئيس دونالد ترامب وقال له بأن : وحدات حماية الشعب الكوردية ( YPG ) تقف وراء أعمال الشغب في أمريكا وعليه يجب القضاء عليهم فوراً !