مشهد من قناة الجزيرة مؤخرا.. صائب عريقات يزبد ويرعد حول خطوة الامارات الأخيرة من اتفاق السلام مع اسرائيل.. كلام نضالي ثوري لو أن "غيفارا" أو "مانديلا" حضرا مشاهدته، لصاحا: "بالروح بالدم نفديك يا عريقات"!

ولكنني من منطلق المثل المصري: "أسمع كلامك يعجبني.. أشوف فعلك أتعجب"! أعلم علم اليقين بأن (م) صائب عريقات وحدها للإسرائيليين كانت ولم تزل فوائد! ويكفيك مصيبة "اتفاق أوسلو" الذي أعطى لإسرائيل 78% من الأراضي التي تمتلكها اليوم، وكان ممن بصم بالعشرة عليها عريقات نفسه لا الامارات!

لم يسئ أحدهم لعدالة القضية الفلسطينية كما أساء لها كلا من حركتي فتح وحماس بدء من تشرذم جهودهما وعدم التخندق في خندق واحد على قلب رجل واحد لخدمة القضية، ثم مطلوب منا ومن العالم أن نتحد دعما للقضية بينما أصحابها وأهل البيت في شتات فاق وطال عن شتات قوم موسى في تيههم! من تخدعون؟ ومن في العالم سيحترم أصحاب قضية منقسمون فيما بينهم على طريقة "كل حزب بما لديهم فرحون"؟! وطبعا العالم ونحن سنستثني من بين تجار القضية، ضحايا الاحتلال الصهيوني ومناضلو القضية الشرفاء منذ أن كانت القضية.. هؤلاء قطعا لهم منا ومن العالم الحر كل الاحترام والدعم والتعاطف.

اسرائيل قبل قيامها، ومنذ محادثات رودس 1947، وأصحاب قضيتها يصلون الليل بالنهار متحدين في سبيل قضيتهم وإقامة دولتهم، وهو ما كان.. بإخلاص أصحاب مشروع قيام اسرائيل لمشروعهم.. واليوم انتزعت اسرائيل بهذا الاخلاص اعتراف 163 دولة من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة، كدولة طبيعية عضو كامل الأهلية في الأمم المتحدة، بينما فلسطين لم تزل تحمل صفة "عضو مراقب" في هذه المنظمة.. ولا عجب فالعالم يحترم الأفعال، لا الشعارات من على وزن "ويلك يلي تعادينا يا ويلك ويل"!

هل هناك أقسى وأنكى من سخرية عدوك من عجزك؟!.. ذاك شمعون بيريز في مذكراته يروي بأنه طوال سنين مفاوضاته مع الفلسطينيين وتحديدا فريق فتح للمفاوضات.. وهنا الحديث على لسانه: "كنت وكأني أتحدث مع نفسي"!.. وقصد بأن فريق للمفاوضات الفلسطيني كان أقرب في خدمة اسرائيل من خدمة القضية الفلسطينية.. وعودة هنا إلى أن (م) صائب عريقات كانت ولم تزل لإسرائيل فوائد!

يكفيني من نشر غسيل فتح، بأن جدار الفصل العنصري الذي أقامته اسرائيل بني من اسمنت تم تصنيعه في مصنع يملكه أحد قيادات فتح بتسهيلات من حكومة السلطة الفلسطينية.. هذا ليس كلاما مرسلا.. بل هو نتيجة تقرير لجنة التحقيق المكلفة من قبل المجلس التشريعي في السلطة الفلسطينية!

وطبعا صاحب هذا المصنع لم يكن يقل عن عريقات في تصريحاته في وسائل الإعلام "الثورية والنضالية" ضد اسرائيل ! أما حماس فيكفيك في اساءتها للقضية الفلسطينية بأنها نقلتها من عالمية حضورها إلى حزبية ضيقة اخوانية متطرفة على القريب والصديق أكثر من العدو.. يعيش قياداتها وعائلاتهم في ترف خارج غزة.. بينما يغررون بأطفال غزة ويرسلونهم لمواجهة عدو مدجج بالأسلحة أو باستخدامهم كأدرعة بشرية – ونعم الشجاعة!-، بينما هذه القيادات في قرى محصنة (تركية وإيرانية وقطرية) ومن وراء جدر.. كحال الفتحاويين..

أمام وسائل الإعلام يذرفون الدمع على هؤلاء الأطفال وضحايا الجبن الحمساوي، ويطلقون التصريحات الثورية والجهادية.. ولك أن تتأمل في مثل شهادة المنشق عن حماس، "صهيب حسن يوسف" شقيق "مصعب حسن يوسف" أحد أبرز قيادات حماس.. الذي لم يحمله نفاق حركة حماس والمتاجرة بالقضية الفلسطينية وأهل غزة، على الانشقاق فقط بل والارتداد عن الاسلام والتعاون مع اسرائيل!

جاء في أكثر من أثر تاريخي، بأن النبي داوود كانت تمد له سلسلة لفصل القضاء، وكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس، وكانت السلسلة وهي من ذهب تفصل بين المتخاصمين في حق وتكشف من منهما صاحب الحق والباطل في القضية، فأيهما كان محقا نالها، والآخر لا يصل إليها.. هذه السلسلة لو أتيحت في زماننا ووقف على جانبيها أعضاء فتح وحماس.. لصدأ ذهبها، ولرفعت سريعا إلى السماء!

قبل الختام.. أبقى لنا خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – صاحب المبادرة العربية للسلام.. حكمة خالدة قبل رحيله.. بعد أن جمع أعضاء فتح وحماس للصلح بينهم في مكة المكرمة، فيما عرف باتفاقية المصالحة.. التي نقضها أعضاء فتح وحماس ما إن غادروا مكة المكرمة.. تقول هذه الحكمة الخالدة ضمنيا.. لا تصدقوهم من بعدي وإن تعلقوا بأستار الكعبة!

ختاما، كانت ولم تزل القضية الفلسطينية في عدالتها.. في طهر "المسيح".. ولكن القائمين عليها في غدر وخيانة "يهوذا"!