لا للاقتتال الكوردي الكوردي:
ان سيناريو اندلاع الاقتتال الكوردي الكوردي بات يفرض نفسه بقوة في أقليم كوردستان وخاصة بعد التصريحات الساخنة الصادرة عن مسعود بارزاني رئيس الديمقراطي الكوردستاني يوم الاثنين المصادف 2 11 2020،والذي هاجم حزب العمال الكوردستاني وقال: بعد هجوم تنظيم داعش الإرهابي توجه البيشمركة الابطال الى جبهات القتال واضطروا لإفراغ العديد من المناطق الحدودية وللاسف وبدل أن يدعم عناصر حزب العمال الكوردستاني تجربة الإقليم قاموا بالسيطرة على مناطق ثم ألحقوها بمناطق اخرى ونصب الحزب نفسه نائبا للحكومة ومنع المواطنين من إدارة أملاكهم والعمل بها كما فرض الضرائب والاتاوات على المواطنين وبالتالي هذه الافعال غير مقبولة والمواقف الوطنية والقومية تظهر بالأفعال لا بالاقوال.
واضاف: يشهد التاريخ أننا جعلنا من الإقتتال الكوردي – الكوردي أمرا محرما ونحن فخورون بهذا الامر لأن شعب كوردستان وكافة الأطراف هي المتضررة من هكذا اقتتال،لكن لا ينبغي أن يُفهم موقفنا هذا بشكل خاطئ ويتم استغلاله وتحدي السلطة القانونية لإقليم كوردستان والسعي لفرض ارادة مسلحين غير شرعيين على شعب كوردستان.

من الذي يتحمل المسؤولية؟
كثيراً ما ترجع بي الذاكرة إلى ايام الاقتتال الداخلي في اواسط التسعينات, لانني أعرف بالضبط ماذا حدث ولماذا اندلع الاقتتال بين الحزبين الكورديين اللذين يقتسمان السلطة (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني)، وعليه كثيراً ما تتكر بعض الاسئلة: في اية ظروف أعلنت حالة الطوارئ والاقتتال المدمرعام 1994 وبدعم من الاطراف الإقليمية بالضد من مصالح الشعب؟ هل كان من الممكن تفادي الاقتتال الداخلي بين الاخوة الاعداء؟ لماذا لم يتم العثورعلى مخرج ما؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية هنا؟
يمكن ان يكون الاجابة على الاسئلة اعلاه:
بأن الجميع يتحمل مسؤولية ماحدث، كل جهة لها خطاياها التي لاتغتفر ولا تنسى بسهولة، رغم انها تفسر بشكل مختلف بالطبع.
ان ضعف الايمان بالديمقراطية لدى طرفي النزاع،وتطبيق سياسة المناصفة،ورفض طريق التنافس السلمي بين الاخوة الاعداء وفسح المجال لنزعة فرض الامر الواقع بالقوة ودورالدول الإقليمية التخريبية على رأسها تركيا وإيران, كلّ هذه الاسباب اجتمعت لتصنع الكارثة الكوردية التي لم تنتهِ فصولها بعد.

ان الصراع المدمربين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني اثبت للجميع ان رفض سبيل السلم والصراع على السلطة والنفوذ وتدخلات الاطراف الاقليمية بالضد من مصلحة الشعب سيعرض إقليم كوردستان أرضاً وشعباً لاشد المخاطر وفي مقدمتها الاحتلال الإقليمي والفوضى الخلاقة على المستوى الداخلي.
وعليه اقول: لو كانت الاحزاب الكوردية اكثر عقلانية وراغبة في حلول وسط واقعية لما حدثت الصدامات الدموية والقتال المدمر، ولكن للاسف, كل شيء كان خلاف ذالك كما اليوم.

تركيا هي المستفيدة من التصعيد الكوردي- الكوردي:
ان تركيا تعتمد على إقليم كوردستان كاحد أهم مصادر الطاقة، علاوة على حزمة المشروعات المشتركة التي تم إبرامها بين الجانبين ومنها إتفاقية الطاقة لخمسين سنة مع تركيا، حيث كشف نيجيرفان البارزاني في برلمان كوردستان في حزيران عام 2014 بأنهم قد عقدوا إتفاقية حول الطاقة لخمسين سنة مع تركيا، واذا ما آقتضى الأمر فإنهم سوف يمددونها، اضافة الى ان أقليم كوردستان اصبح ثالث أكبر سوق للصادرات التركية التي بلغت قيمتها 8 مليار دولار، فالوجود التجاري التركي أصبح منتشراً في كافة أرجاء إقليم كوردستان وعلى جميع الأصعدة منها مشاريع الإعمار والإسكان ومراكز التسوق وشركات استخراج النفط والغاز والخدمات المالية والمصرفية أيضاً، إضافة الى وجود نحو 20 من القواعد والمقرات العسكرية والاستخباراتية التركية موزعة على محافظتي أربيل ودهوك، في إطار اتفاق وقع بين الحكومة التركية وحكومة كوردستان العراق عام 1995.

ان من مصلحة تركيا إشعال الموقف بين الحزب العمال الكوردستاني والديمقراطي الكوردستاني، اعتقادًا أن هذا التطور يساهم في ضمان بقاء قواتها بشكل رسمي وشرعنة وجودها في العراق( بحجة محاربة الارهاب ), ومن ناحية أخرى فإن إضعاف الإقليم من جميع النواحي وتورطه في الاقتتال الداخلي هدف تركي من الطراز الأول، وعليه ليس من المستبعد لجوء تركيا وبشكل علني إلى تقديم دعم عسكري للديمقراطي الكوردستاني في مواجهة العمال الكوردستاني تحقيقًا للأهداف سالفة الذكر.
استعادة الإرث العثماني:

مع دخول تركيا بقوة على خط الأزمة حين أعلنت دعمها للديمقراطي الكوردستاني بالسلاح والعتاد لمقاتلة العمال الكوردستاني،بات من الواضح أن الاقتتال بين الاخوة الاعداء بات يفرض نفسه بقوة وبدفع من اردوغان شخصيا، وان هذا السيناريو الكارثي ربما يكون أكثر ملاءمة اليوم لمصالح اردوغان التوسعية واقتطاع أجزاء من إقليم كوردستان كما فعل في الشمال السوري، وذالك لتنفيذ أطماعه نحو ما أسماه باستعادة الإرث العثماني.

ان كلام اردوغان خلال تجمع لأنصاره بولاية سامسون التركية قبل ايام عندما قال: ( نحن موجودين في سوريا وليبيا واذربيجان، ودفعنا الثمن وقدمنا شهداء في عفرين وادلب وعملية غصن الزيتون ومخلب النسر، وعمليات اخري خارج حدونا. ولكن تذكروا ذلك، كل ارض جرت فيها دماء شهداءنا هي ارضنا نعم هي جزء من وطننا)،ان كلام اردوغان هو دليل واضح وصريح على اطماعه الخارجية والتوسعية فى منطقة الشرق الأوسط وفي العراق وسوريا تحديدًا.

أخيرًا اقول: نعم هكذا تتواصل تركيا تدخلاتها بشكل فاضح في شؤون العراق لتصب الزيت على نارالاقتتال الداخلي بين الاخوة الاعداء، وعليه اقول مخلصاً لكل من يحاول تنفيذ الاجندات الإقليمية التي تستهدف إقليم كوردستان وشعبه بشكل مباشر, ان وضع الإقليم وما يمر به من أزمات صحية واقتصادية واجتماعية وسياسية لايتحمل الاقتتال المدمر والمزيد من الازمات والمشاكل،وعليه يجب ان يكون السلم والسلام والتفاهم بين الاخوة الاعداء المظلة التى يركن إليها الجميع.