يعتبر النظام السياسي السعودي من أكثر النظم السياسية مقارنة بكل النظم السياسة بحجم المتغيرات والتطورات التي تشهدها بيئته السياسية الداخلية والخارجية، وفى هذه المقاله سأحاول أن أقترب من تحديد فاعلية هذا النظام. والفاعلية تعرف بقدرة النظام السياسي على الوصول إلى أهداف النظام وتحقيقها، وقدرته على البقاء والنمو والتكيف. وتمثل الفاعلية العلاقة بين المدخلات والخرجات المحققة والمخرجات المتوقعه.

ومن منظور منهاج المدخلات والمخرجات يتكون النظام السياسي من ثلاثية بيئة النظام السياسي الداخلية والخارجية بكل محدداتها وهى من تشكل حجم التوقعات والإحتياجات التي يتوقعها المواطن، والمخرجات اى السياسات والقرارات التي تستجيب لهذه الإحتياجات، ويربط بين الأمرين نظام الحكم ومؤسسات صناعة القرارت. والفاعلية ترتبط بقدرات النظام السياسي المتمثلة في القدرة الإستخراجية اى القدرة على تنويع مصادر الدخل والتحول من دولة ريعية إلى دولة صناعية متقدمة، والقدرة التوزيعية أي نصيب الفرد من الناتج القومى ومستوى الرفاه الاجتماعية، والقدرة التنظيمية اى إستكمال منظومة القوانين العصرية الضابطه للسلوك والمنظمة للحقوق، والقدرة التكيفية قدرة النظام السياسي على التكيف والإستجابة للمتغيرات والتهديدات الداخلية والخارجية، والقدرة الرمزية المتمثله في الحب الوطنى والإنتماء واالنشيد الوطنى وقيمة العلم. وترتبط الفاعلية بمأسسة النظام السياسي والتخصص الوظيفى الرسمي بسلطاته الثلاث، والمجتمعى بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدنى، وبتوسيع المشاركة والتمكين السياسي على مستوى القرار والسياسة العامة والوظيفة.

والسؤال: إلى اى مدى توافر مؤشرات الفاعلية هذه على النظام السياسي السعودي؟ إبتداء النظام السياسي وبقراءة سريعة من أكثر النظم السياسية في العالم الذى تتسم بيئته السياسية بالعديد من التغيرات والمتغيرات المؤكدة والمتغيرة، فمستوى التعليم وزيادة السكان والإنفتاح على الثقافات الأخرى وأكثر من مليوني حاج وأكثر منهم معتمرين يحملون ثقافات كثيره، والتحول البارز في دور المرأة بتعليمها، هذه المتغيرات تخلق ثورة في الوقعات والإحتياجات وتطلب رفع فاعلية النظام السياسي، وأن تكون هذه الفاعلية هي هدف الحكم ومن يصنع القرار.

ومن ناحية جيوسياسية وبحكم الموقع الجغرافى الممتد في كل إتجاهاته الجغرافية يخلق العديد من الضغوطات الخارجية والمعيقات والتهديدات لدور المملكة كما نرى في التهديدات الإيرانية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بهدف إحتواء هذه الفاعلية في الدوروالمكانة. وثانيا لعل من أبرز ما يميز حيوية النظام وفاعلية النظام السياسي الحكمة التى يمثلها الملك سلمان وحيوية وفاعلية النظام التي يمثلها ولى العهد محمد بن سلمان بشبابه وعنفوانه ورؤيتة المستقبلية للسعودية ومكانتها.

والسؤال ثانية وهذا هو المهم: هل نجح النظام السياسي السعودي على سلم مؤشرات الفاعلية أن يحقق الوصول إلى أهدافه وتحقيقها؟ بالنظر للواقع السياسي في المملكة نلاحظ مظاهر هذه الفاعلية :ولو نظرنا إلى القدرات ألإستخراجية نجد التحولات السريعة والكبيره في بناء إقتصاد عصرى لا يعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل، فبناء المدن الصناعية والحضارية والإعلامية وما مشروع نيوم الحضارى الذى ينقل السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة دليل واضح على فاعلية القدرات الإقتصادية للنظام السياسي والتي ترفع من قدراته الإستجابية، ومن منظور القدرات التوزيعية فالمؤشرات الإيجابية ملموسه في رفع نصيب المواطن السعودي من الناتج القومى الإجمالى والارتقاء بمستوى الرفاه الإجتماعى وتقديم الخدمات الصحية والدعم للأسرة المعوزة وبناء دور للمسنيين والمستشفيات العصرية والمؤسسات التعليمية والجامعية ودور الرفاه، وألإرتقاء بمستوى الخدمة الحكومية.

تأتى السعودية اليوم في طليعة ريادة دول المنطقه في مؤشر التعقيد الإقتصادى الذى نظمته جامعتا هارفارد وإم تى ى. وما يميز حيوية وفاعلية النظام السياسي السعودي اليوم الثورة في مجال القوانين التي تمنح المزيد من الحقوق والحريات وحماية المواطن وتواكب المتطلبات العصرية في منظومة الحقوق، وتتوافق والتطورات الحضارية التي لحقت بالمجتمع السعودي فاليوم المجتمع السعودي ينطلق من مجتمع الخيمة إلى مجتمع البناء المفتوح، والعمل على خلق التوزان بين المرجعيات الدينية والتاريخية والتقاليد وألأعراف التى يقوم عليها النظام وبين حالة العصرنة والتنوير والتقدم التي تعاصرها اليوم.

تتسم فاعلية النظام السياسي بتطور ملحوظ في عملية المشاركة والتمكين السياسي الذى لم يعد قاصرا على الرجال بل بالنسبة للمرأة، ولم يقتصر على تقلد وتولى الوظائف العادية بل على مستوى المناصب السياسية الكبرى كما في الحكومة وإرتفاع نسبة المواطن العادى في تقلد المناصب العليا بما فيها الوزارات بناء على معايير الكفاءة والقدرة والفاعلية، وفى مشاركة المرأة على المستوى التنفيذي ومستوى مجلس الشورى وتولى إدارة العديد من المؤسسات العامه. ولعل من أبرز مؤشرات الفاعلية قدرة النظام السياسي على التكيف وأفستجابة لحاجات المواطن من تنويع كبير في الخدمات ومن توطين لكثير من الوظائف، ومن إستجابة سريعه لوباء الكورونا وما أظهره النظام من إحتواء الآثار المدمرة للوباء صحيا وإقتصاديا بتوفير اللقاح جماهيريا، ومن أبرز مظاهر الإستجابة الخارجية التعاطى مع الحاجات الإنسانية العالمية ومن الدعم الذى تقدمه السعودية للعديد من دول العالم ومن دورها الداعم في المنظمات الدولية، ومن ارتفاع قدراته في مواجهة التهديدات التى تهدد أمن وبقاء السعودية وإعاقة دورها ببناء القوة الشاملة، وإستجابتها عربيا وخليجيا.

يبقى أن أشير ان هذه الفاعلية والحيوية للنظام السياسي السياسي السعودي ودورها ومكانتها هي التي تفسر لنا المعيقات والتحديات التى تواجهها من الدول الإقليمية المجاورة التي تسعى للسيطرة والهيمنة والنفوذ مثل إيران. فاعلية النظام السياسي تمثلها عنفوانية وحيوية وقوة الدفع التي يمثلها الأمير محمد بن سلمان بقوة الدفع من الشباب السعودي الفاعل القادر على صنع تاريخ مجتمعه وتحريك المجتمع نحو المستقبل. أساسان ومرتكزان للفاعلية الحاكم والمواطن وهما أساس نجاح عملية الفاعلية السياسية.