في الحياة ثمة نياشين وضّاءة، لا ترى بالعين بل بالروح، يعرف بها أهل الفضل والمكارم، إذ يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم..
‏أناس ٌيعيشون أعمارهم بالبذل، ويقسّمون حياتهم على حياة الآخرين، فلا يبقى للأنا فيهم من سبيل
‏أحاديثهم ناعمة
‏كلماتهم عذبة
‏مجالسهم كريمة
‏نظراتهم دافئة

يتسابقون في بلسمة جراح الآخرين
‏لهم هالة تلقي بظلالها أينما حلوا ونزلوا،
‏طيبون في المعشر
‏كريمون في العطاء،
‏صادقون في الحديث
‏يحفظون الأمانة ويرعون أهلها
‏تقرأ السماحة في وجوههم
‏مثل غمائم الظهيرة
‏أينما حلّوا
‏يستبشر الناس بهم
‏ويفرحون بوجودهم ..

علمتني الحياة:
أن أكرم الناس ليس من يبذل ماله، بل من يبذل روحه وشغفه ووقته وإحساسه ليقاسمك وجعك ويناصفك الدموع..

‏ومن الفضائل العالية بين الناس المروءة
‏وهي تصعب على من رضيت نفسه بالدناءة، واستقر حبّ الدنيا في فؤاده
‏وتمكّن واستقر وضرب أطنابه..

فهو لا يعطي إلا حين يتأكد من نصيبه من هذا العطاء، ولا يعفو لأنه يعتبر أن العفو ضعفٌ وخسارة، ولا يصفح لأنه يظن أن الصفح منقصة..
‏مثل هؤلاء يعيشون في الدنيا وكأنها دار الخلود فيخسرون بذلك جوهرها وعمقها
‏ونكهتها وطعمها الرّوحاني ..

وحدهم ⁧‫#النبلاء‬⁩ يسوقُ الله لهم أمثالهم ⁧‫#النّبلاء‬⁩ الصافية قلوبهم، فيمرّون مثل مراكب صغيرةٍ تبحر بالناس نحو شاطئ الأمان وتخفف خلال المسير من أثقالهم وأحمالهم وأمراضهم ومتاعبهم .


ليس كل من يواسيك خاليًا من الجراح
‏ولا كل من يعطيك يملك أكثر منك
‏إنما هو السخاء والإيثار والجود
‏والجود يبلغ منتهاه عندما يلامس الجوانب الإنسانية في النفس البشرية
‏كأنْ يشاطرك أحدهم زاده من الصبر ويهبك ما تبقى في قلبه من أمل

لذلك:
‏أحسنوا استقبال الود فإنه ثمينٌ عزيز
‏ولعمري إنّ أسوأ أنواع الشح هو شح المشاعر ومكارم الأخلاق
‏ومن هنا تتمايز العلاقات ويعاد ترتيبها بحسب جود أهلها بالوصل وكفّ الأذى وفعل الخير والحب وجبر الخواطر

‏فكم من بعيدٍ قرّبه سخاؤه بودّه
‏وكم من قريبٍ أبعده الشح وأقصاه!