الدكتورة "نوال السعداوي"، المولودة في 27 أكتوبر 1931م، والمتوفية في 21 مارس 2021م، طبيبة أمراض صدرية، وطبيبة أمراض نفسية، وكاتبة وروائية مصرية، مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص. كتبت العديد من الكتب عن المرأة في الإسلام، كما اشتهرت بمحاربتها لظاهرة ختان الإناث. أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982م، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان. استطاعت نوال أن تنال ثلاث درجات فخرية من ثلاث قارات. ففي عام 2004 حصلت على جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا. وفي عام 2005 فازت بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا، وفي عام 2012 فازت بجائزة شون مأكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا. (المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).

خاضت "نوال السعداوي" معركة ضد ختان الإناث بداية من عام 1972م بإصدار كتاب بعنوان "المرأة والجنس" الذي سردت فيه تجربتها مع هذه القضية وتأثيرها على الفتيات. وقد تحول هذا الكتاب وما لحقه من كتب أخرى لها تبحث في تصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرأة وجسدها إلى مراجع يتناقلها أصحاب الاختصاص والقراء من العامة في ارجاء الوطن العربي. لم تقتصر كتابات "نوال السعداوي" على تخصصها، أي الطب فقط، بل تعدتها لتشمل الدراسات السياسية والفكرية والدينية والجنس، متحديتا بذلك المحظورات التي فرضتها الثقافة الضيقة في المجتمعات العربية والإسلامية، وربطت بين تحرير المرأة وتطور المجتمعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

كانت دائما تدعو إلى التعامل النقدي مع التراث واتباع مناهج علمية حديثة بعيدة عن الأطر التقليدية في التعاطي مع النص الديني، وهذا ما جعلها عرضة لإتهامها بإزدراء الأديان من قبل رجال الدين المحافظين والمتشددين على السواء، حيث قام البعض منهم برفع دعاوى قضائية تطالب بتطليقها من زوجها. كما انها لم تسلم من الحكومات المصرية في فترات متعاقبة حيث منعتها من مزاولة عملها في وزارة الصحة، وسجنت في السبعينيات من القرن المنصرم.

بفضل جهود "نوال السعداوي" تغيرت أراء ووجهات نظر ملايين الرجال والسيدات في العالم العربي للمرأة، ليس فقط فيما يخص العلاقة الحميمة الشرعية وإنما في المعاملات اليومية وفي الإطارات المختلفة. وبعد عقود من السجال، تم تجريم ختان الإناث في مصر عام 2008م، ولاحقا أصدر "الأزهر" "ودار الإفتاء المصرية" فتوى تحرم ختان الإناث، وعلى إثرها صدرت الكثير من التشريعات والقوانين التي تجرم هذه الممارسة غير الإنسانية وتعاقب كل من يمارسها.

أفكار المثقفين والتنويريين والمبدعين العرب وضعتهم دائما في مواجهة مباشرة مع القوى السياسية والدينية المتخلفة والمهيمنة على الأوطان، والمتحكمة في مصائر الناس والتي ترفض التغيير وتحاربه. وعلى الرغم من الإقصاء والظلم والنفي، وحتى القتل الذي تعرضوا له في أحيان كثيرة، إلا ان هؤلاء المبدعين الأفذاذ صمدوا وكانوا دائما مستعدون لتقديم أرواحهم دفاعا عن أفكارهم ومعتقداتهم.

التكفير والرمي بالإلحاد تهمة مارسها الكثير من فقهاء المسلمين منذ ظهور الإسلام وإلى يومنا هذا. كل من حكم عقله وقدمه على النقل قالوا إنه كافر. كل من رفض التخلف والجهل، وخالف رأي الحكام والسائد من الفكر قالوا إنه كافر. وليتهم إكتفوا بتكفيرهم، بل الأدهى من ذلك أنهم استحلوا دمائهم.

لا شك أن الدكتورة نوال – رحمها الله - ساهمت بعلمها وأفكارها في تنوير المجتمعات العربية، وأماطت اللثام عن العقلية الذكورية المتخلفة التي تتحكم في المرأة وتقمعها منذ ولادتها وحتى وفاتها. ولا أستبعد ان يخرج علينا بعض المتنطعين ويفتون بوجوب عدم جواز الترحم عليها، كما أفتوا من قبل بعدم جواز الترحم على المرحوم الفنان عبد الحسين عبد الرضا.