أعلنت مسئول لجنة الانتخابات فی وزارة‌ الداخلیة‌ لنظام ولایة‌ الفقیه أن النتائج الأولیة تفید بأن إبراهیم رئیسي حصل علی أکثر من 17.8 ملیون صوت من أصل 28 ملیون صوت. والتأکید علی « النتائج الأولیة» معناه أنهم سیزیدون خلال الساعات القادمة من نسبة‌ المشارکین ومن حصة إبراهیم رئیسي أیضاً.
بادیء ذي بدء یجب التأکید ألف مرة‌ وأکثر أن لا معنی للانتخابات في ظلّ نظام ولایة الفقیه ولم تکن عملیة الانتخابات طوال حکم هذا النظام، والتی یتبجح بها خامنئي کل یوم، سوی مسرحیة ولا یعني سوی دیمقراطیة مزیفة وانتخابات مزوّرة؛ لکن هذه المرّة تحولت إلی مهزلة. ومن الواضح بمکان أن خامنئي لما أبعد الأقربین بنفسه من هذه المسرحیة ففي الحقیقة نصب إبراهیم زئیسي لیکون رئیسا لنظامه. إبراهیم رئیسي یعتبر خلاصة نظام ولایة‌ الفقیه خلال ثلاث وأربعین عاماً من القمع والإعدام والمجازر والحروب الخارجیة‌ وتصدیر الإرهاب.
ولفهم مغزی ما یفعله نظام الملالي ووزارة‌ داخلیته فی إعلان نتائج الانتخابات یجب أن نستذکر ما فعله النظام فی الانتخابات السابقة، حیث تعوّد نظام ولایة‌ الفقیه أن یعلن نتائج الانتخابات دائما بزیادة خمس أو ست مرات عن النسبة الحقیقیة‌ للمشارکین في الانتخابات. هذه المرّة أیضاٌ هکذا فعل. هناک غرفة فی وزارة الداخلیة باسم «غرفة تجمیع الأصوات» وهذه الغرفة المظلمة هي التي تقرّر النتائج والنتائج النهائیة طبعا بأضعاف مضاعفة عن الأرقام الحقیقة‌ لکن بموافقة جمیع الأطراف أصحاب الحصص.
النسبة المعلنة فی البدایة کانت أقل من نصف الناخبین وخامنئئ یرید أن یعلن فی النهایة بأن أکثر من 50٪ من الناخبین شارکوا فی مهزلة‌ الانتخابات. لأنه یرید أن یقول بأن نظامه مؤید من قبل الأغلبیة وأکثر من نصف من أبناء البلد. ولا شک ‌أن هذا أکبر إهانة بأبناء الشعب الإیراني لأن السمة الأولی لهذه الانتخابات کانت المقاطعة‌ الشاملة. کما أن إعلان هذه النسبة إهانة لمئات الصحفیین الأجانب الذین حضروا لتغطیة‌ هذه المسرحیة‌ وتقریبا کانوا متفقین بأن السمة‌ البارزة لهذه الانتخابات کانت مقاطعتها من قبل الشعب الإیراني.
ومن الطریف أن النظام نفسه أرغم أن یعلن في النتائج المعلنة رسمیاٍ بأن أکثر من أربعة ملایین من الإیرانیین الذین شارکوا فی الاقتراع قسرا لم یصوتوا لصالح أحد من المرشحین وکانت أصواتهم باطلة.
لکن الحقیقة یمکن استقصاؤها بناءا علی تقاریر میدانیة من 1200 شخص من مراسلي قناة الحریة القریبة من حرکة مجاهدي خلق فی مختلف مناطق إیران و من أکثر من 400 مدينة إیرانیة، وکذلک نقلاً عن 3500 مقطع فيديو صوّروها من آلاف مراكز الاقتراع والتي تفید بأن عدد المشاركين كان قليلًا وضئیلا جداً ولم یشارک أکثر من 10٪ في عملیة الاقتراع. کما أن عشرات الآلاف من الإیرانیین سیشارکون فی المؤتمر العام للمقاومة‌ الإیرانیة في 10 و11 و12 من الشهر القادم یولیو وسیقولون مرة أخری کلمتهم التی لن تکون سوی إسقاط النظام. فی العام الماضي کانت المشارکة في هذا الحدث علی الإنترنت من خلال تواصل شبکات واسعة بین أکثر من ثلاثین ألف نقطة‌ من مختلف مناطق العالم. وسیکون مؤتمر هذا العام أوسع من ذلک.
کما شارک ملایین من أبناء الشعب في حملة کبری بالهاشتاق «#رأی _من _سرنگونی=#صوتي إسقاط النظام» خلال الاسابیع الأخیرة.
وهناک تقاریر مفصّلة من العدید من مراکز الاقتراع تفید بأن عدد المراجعین من الصباح حتی المساء لم یتجاوز عشرات. علی سبیل المثال و لا الحصر حضر 27 شخصًا فقط في مركز الاقتراع في مسجد النبي في شارع خميني وسط مدینة طهران العاصمة حتى الساعة الثانیة‌ بعد الظهر. کما أن الدائرة الخامسة عشرة بطهران في ميدان خراسان، وهي من أكثر المناطق المکتظة بالسکان في طهران، والتي تضم 169 مركزًا للاقتراع، شارك 8000 شخص فقط في الانتخابات بعد 6 ساعات من بدء التصويت.
لکنني أعتقد أن النتائج التی تم الإعلان عنها وبالمحصّلة وصول إبراهیم رئیسي للرئاسة في إیران له مدلول کبیر ویعتبر تحدیاً للایرانیین وللرأي العام العالمي لأن التصویت الأکثر لإبراهیم رئیسي سفّاح مجزرة ثلاثین ألفا من مجاهدي خلق فی العام 1988 یعتبر إهانة کبری لضمیر الشعب الإیراني وللضمیر الإنساني عامة في العالم. وواضح للجمیع بأن رئیسي لیست له خلفیة خلال أربعین عاما الماضیة سوی تنفیذ الإعدامات وممارسة التعذیب بحق عشرات الآلاف من مجاهدي خلق وبأبناء الشعب الإیراني ویحق له فقط أن یجلس علي کرسي الاتهام فی محکمة‌ الجنایات الدولیة ولیس علی کرسي الرئاسة. لحسن الحظّ‌ - والحمد لله- بقي مئات من الضحایا الذین یشهدون علي جرائمه کشهود عیان لهذه الجرائم. ونحن سنعمل لمثول هذا المجرم ضد الإنسانیة أمام المحاکم الدولیة وفي المحاکم العادلة في إیران المستقبل بإذن الله.
مجیء إبراهیم رئیسي الذي یعتبر دمیة وأداة طیّعة بید خامنئي أثبت ما أکّدت علیه المقاومة‌الإیرانیة منذ أربعین عاماً بأن نظام ولایة‌ الفقیه لا یقبل الإصلاح وکما قال السید مسعود رجوي زعیم المقاومة‌ في عام 1983 لصحیفة لیبراسیون الفرنسیة «أفعی ولایة الفقیه لن تلد حمامة‌ الدیمقراطیة». خامنئي بذلک أنهت حقبة سیاسة‌ الاسترضاء والمهادنة مع نظامه، السیاسة التي کانت سیاسة متّبعة في الغرب حیال هذا النظام خلال العقود الأربعة الماضیة ویجب علی الدول الغربیة وبعض دول المنطقة التی راهنت علی هذا الوهم أن تدین ما تمخّض من هذه السیاسة أي تربّع إبراهیم رئیسي علي عرش السلطة‌ في إیران.
وفي ختام هذا المقال أری من اللازم التأکید علی حقیقة دامغة وهي أن الشعب الإیراني أدی واجبه من خلال مقاطعة هذه المهزلة تجاوبا مع نشاطات معاقل الانتفاضة ودعوات المقاومة الإیرانیة، کما أن السیدة مریم رجوي أیضاً قدّمت تهانیها مساء أمس إلی أبناء الشعب بسبب مقاطعته الشاملة للانتخابات. والآن جاء دور الامم المتحدة والدول الغربیة وکذلک الهیآت الدولیة‌ المدافعة عن حقوق الإنسان والبرلمانات فی الدول الدیمقراطیة ویجب علیهم إدانة هذه العملیة وفرض مجرم ضد الإنسانیة کرئیس علی شعب أعزل فی بلادنا. لأنه لاشک أن خامنئي من خلال إبراهیم رئیسي أعلن الحرب علی الشعب الإیراني وعلی الشعوب المقهورة فی بلدان الشرق الأوسط وعلی المجتمع الدولي. وهذا تحدّ کبیر یجب علی العالم رفضه وإدانته.
*رئیس لجنة القضاء في‌ المجلس الوطني للمقاومة ‌الإیرانیة