اعترافات رئيس سابق للعراق تجلب الخذلان لنفسه وللمنصب الذي احتله وللكرسي الذي جلس عليه، بسبب الممارسات والسلوكيات السلبية التي مارسها والتي يشم منها الاستهجان والاستخفاف والاستهزاء بالبلد وباهله، وهذا ليس ببعيد عن هذا الرئيس لانه معروف بتملقه وعبوديته للمرحوم طالباني، وهو المسؤول الذي جلب المواجهات العسكرية بين القوات العراقية واقليم كردستان بعد فشل استفتاء مسعود برزاني، وهو الذي كان بمقدوره منع اجراء العملية العسكرية من اصلها، لان موقعه الرئاسي وفر له مهمة دستورية وهي الرعاية والسهر على تطبيق الدستور العراقي الدائم.
هذا الرئيس الذي تربع على كرسي الرئاسة اربع سنوات، لم يحقق شيئا بحجم مثقال ذرة للعراقيين ولا لشعب الاقليم، عرف بانتهازيته وانانيته واعتماده على جهلاء عائلته لتمشية امور الرئاسة في حينها، وهو الذي تسبب بالخارج بمواقف محرجة ومخجلة جدا للعراق دبلوماسيا وسياسيا في سفراته، حيث ارتكب ممارسات وافعالا مشينة للبلد ولتمثيل الدولة، وضرب به المثل في الخروقات البروتوكولية نتيجة التدخلات الجاهلة لافراد عائلته في كل صغيرة وكبيرة في امور الرئاسة، وضاق به العراقيون ذرعا، وكم مرة خرجت اصوات بازاحته وتغييره واحلال شخص اخر مكانه.
والغريب في هذه المرة يبدو انه لا يشعر بالخجل في كتابة مذكراته، ويبين بافتخار انه كيف لجأ الى كتابة وارسال مذكرة ترشيح للرئاسة كممثل عن حزب كردي حاكم بالاقليم، فيعترف انه كان في مطعم فاخر في باريس بفرنسا، واتصل به ليكتب مذكرة لتقديم نفسه كمرشح، واذا به لم يجد ولم يحمل ورقا ولا قلما، وحسب ما قاله فان بنته المرافقة معه جهزت له ورقة منديل للكتابة عليها، ثم تغيرت االفكرة للانتقال الى مطعم اخر، ليطلب من نادله جلب اوراق وقلم لكتابة مذكرة التقديم على منصب رئاسي في العراق، وذلك في مكان لا يليق ابدا بالاهمية الرمزية للمنصب لدى العراقيين، ولا يعقل من حيث المشهد والموقع اختيار مكان بهذه العفوية الساذجة التي تحمل استهزاءا واستهجانا واستخفافا بكل العراقيين وبكل مكوناته الشيعية والسنية والكردية، لهذا يجب سحب البساط من تحت اقدام هذا الرئيس الناكر للعراق ولاهله ولكرده، والمستخف برموز الدولة، ولابد من اصدار قرار من الحكومة او قانون من البرلمان لالغاء وسحب الحقوق التقاعدية للمنصب الرئاسي الممنوح له، ومنحه راتبا تقاعديا عاديا، وذلك كرد فعل لاعادة الاعتبار لرموزية المناصب السيادية في العراق، الذي استهان بها.
فهذا الذي يفتخر به رئيس مثل العراق اربع سنوات، فعل نكراء وعمل شنيع، يتقصد الاستهزاء بموقغ رئاسي سيادي في الدولة، ويستخف برمزيته السياسية والقيادية لدى العراقيين، واي استخفاف يبرزه تجاه البلد واهله وذلك من خلال قبوله بتقديم ورق منديل له لكتابة مذكرة الترشح.
وهنا لابد ان نبين بخصوص المنصب الرئاسي والمواقع الوزارية المتعلقة بالتمثيل الكردي في بغداد، فان الحقيقة تبين ان هذا الحضور لم يحقق اي مكسبا ولا انجازا للاقليم ولا لكرد العراق، وكل ما تحقق هو مجرد العيش بترف ورفاهية مغرورة غير معهودة للممثلين الحزبيين نتيجة الاموال والامتيازات الطائلة التي وفره لهم نظام الحكم للنواب والوزراء والمدراء العامين وغيرهم، وكذلك بسبب اموال السحت الحرام المتأتية من صفقات الفساد التي تبرم في ظلهم بالبرلمان او الحكومة او الهيئات الاخرى.
ونوضح ان موقع رئاسة الجمهورية هو بالاساس مخصص حسب المحاصصة المقيتة للكرد، وهذا المننصب لم يمثله اي سياسي جدير ولائق به سوى الرئيس المرحوم جلال طالباني، واما الرئيسين اللاحقين فقد فشلا فشلا ذريعا في منح هذا الموقع حقه ووزنه ودوره السياسي والقيادي، وذلك لعدم جدارة اي منهما قاطبة، فهما لم يخدما القضية الكردية ولا القضية العراقية ابدا، والمعلوم ان الخلفية الحزبية لهما متسمتان بمواقف لا مبدئية ولا اخلاقية من الناحية السياسية، وخاصة الحالي مهما فقد تبدل لونه وموقفه وانتمائه السياسي بالاقليم كم مرة كلاعب السيرك على الحبل جهرا ونهارا، وكان مكروها على انصار حزب الطالباني، والمعروف ان وجودهما وعدم وجودهما بالمشهد او الحدث لا اعتبار له لانهما مساويان للا شيء، ولحد الان لم يثبت اي نفع منهما لا للعراق ولا للاقليم ولا للكرد مطلقا، والحقيقة المرة لم يجنى من هذا الموقغ سوى المواقف السلبية المضرة على اهل البلد، وتدفق الامتيازات والاموال الطائلة التي تسرق من جيب العراقيين الى جيوب الفاسدين الحاكمين.
ولهذا بات من الحكمة ان يراجع الحزبين الحاكمين بالاقليم موقفيهما من مسألة الرئاسة، وان يقررا انسحاب الكرد منها، ويبدل الموقع برئاسة البرلمان، فهو المكان الاجدر والانسب للاقليم لبحث القضايا والمشاكل والازمات العالقة والخروج منه بحلول وقرارات وقوانين تخدم الكرد وتخدم جميع العراقيين، ولكن في هذه الحالة يجب اختيار شخصية سياسية كفوءة متخصص بالدستور والتشريعات والقوانين، وان يتسم بشخصية ايجابية و بصفات النزاهة والشفافية، وان يكون نموذجا فاعلا للشخصيتين العراقية والكردية.
وللمعلومات فان اتجاهات السياسة بالعراق في المرحلة المقبلة لا تبشر بالخير، لا سيما ان المشهد مرتبط بانسحاب القوات الامريكية القتالية، والانتخابات قد تؤجل، والساحة تكون مكشوفة للمليشيات العسكرية المحسوبة على ايران، ومواقف البرلمان والحكومة والرئاسة ستكون ضعيفة وغير قادرة للتأثير على الوضع القادم.
ولهذا فان التعديل السياسي لنظام الحكم السائد بالعراق ضروري وله ااستحقاقات وطنية، وهو يعيد التوازن القومي الديني في المناصب الرئاسية السيادية الى مجراه الطبيعي، والمتمثل بان تكون رئاسة الحكومة للمكون الشيعي، ورئاسة الجمهورية للمكون السني، ورئاسة البرلمان للمكون الكردي، ويذلك يستقيم بعض الامور، وقد يساعد على حل مشاكل عديدة عالقة ومرتبطة بالمحاصصة المقيتة الجارية في المناصب الرئاسية السيادية، والله من وراء القصد.