لاشك أن ما حدث في تونس مؤخرا هو شبيه
ما حدث في تونس آخر أيام زين العابدين ..
و اقصد من زاوية لحظة الانكسار و التي لا يحسب لها حساب حتى تقع الواقعة . الاغلب ان الطغاة يراهنون على الوقت لحل المشاكل .ولكن الوقت غالبا ما يكون ليس في صالحهم ، فغضب الجموع أسرع.

عدم فعل شيء يوازي تماما فعل الشيء الخطأ و ربما ادهي و امر و اشر . لذلك نحن أمام دروس مستفادة من تجربة تونس و التي تتشايه ظروفها ظروف ليبيا و هي الأقرب لنا في كل شيء . فتونس ليبيا اخري و ليبيا تونس اخري. و لا حل لهما الا التكامل الاقتصادي و التنموي. فالجغرافيا قدر الشعوب . و نحن قدرنا الجغرافيا و التاريخ معا .

لاشك أن ليبيا امام لحظة تاريخية مشابهة لتونس
تتطلب منا فعل شيء قبل وقوع الواقعة و التي قد تكون انفصال الكيان الليبي.. او عودة شبح الاحتراب خاص و في وجود قوات أجنبية لا تريد أن تغادر و من مصلحتها البقاء . او امام عودة قفل النفط او توطين مزيد من المهاجرين الافارقة مما قد يغير التركيبة الديموغرافية في ليبيا .

اليوم و قبل غدا يتطلب المشهد السياسي الليبي تنازلات مؤلمة من جميع الأطراف، فالوضع خطير و أشباه الساسة يتنازعون عن المال المشاع و هو مال النفط و الميزانية .وضع فيه شباب مسلح يريد حصته من النفط و المال المشاع و تاجر فاجر يريد رفع الدعم و تخصيص شركات القطاع العام .وفي غياب مشروع وطني جامع يمنع تشظيء الكيان نفسه. هذا الكيان الذي يواجه تحديات كبرى من غياب الوعي بالهوية الليبية الجامعة إلى تفكك المؤسسات ..و التدخل الأجنبي و الخلاف على توزيع التنمية و مشروع اقتصادي يقوم على العدالة
و يستفيد من ثروات هائلة تنضب و تتناقص مع الوقت .نحن في مشهد اقرب الى مشهد درامي شبيه بغرق سفينة تيتانيك و هي تغرق بيننا الحكومة تعزف الموسيقي الجنائزية و تاجر يريد أن يبيع المشط قبل غرق الجميع فوق سفينة الوطن .

اما الحلول فهي لاشك مؤلمة من حيث التنازلات الكبرى لصالح الاتفاق على وحدة ليبيا و الوصول بسرعة الى توافق في قاعدة دستورية و مشروع اقتصادي و الأهم خطوات سريعة مثل فتح المقاصة على مصارف المنطقة الشرقية و رفع العقوبات الجماعية على المواطنين هناك و تحسين قيمة الدينار الليبي و تخفيض سعر الدولار امام الدينار
في ظل ارتفاع سعر النفط اليوم حتى ترتاح الناس .

و تركيز الحكومة على الإعداد للانتخابات القادمة في 24 ديسمبر من هذا العام و علاج جائحة كورونا و حل مشكل الكهرباء من خلال صيانة ما هو متاح الآن بدلا من التركيز على مشروعات التنمية التي هي باب ذهبي للفساد. والحل يبدأ من مشروع وطني سيادي و خارطة طريق و اصطفاف مجتمعي وراء المشروع و الا فإن الشعوب في حالة فيض الكاس لا تعد شعوب عاقلة و مستعدة ان تغرق السفينة التى تحملها ، و تتبني شعار " عليا و على أعدائي" ، خاصة نحن الليبيون المعرفون بطبيعة العناد للاسف.

كاتب ليبي