للإجابة المباشرة على هذا السؤال نقول إن السلام بالنسبة لمليشيا الحوثي الانقلابية يعني زوالها من الوجود!
لذا لابد أن نعرف سبب استمرارها في الحرب وعدم جنوحها للسلام الذي يمكن أن يعيد الاستقرار لليمن .
كما هو معلوم أن محادثات السلام عادة تكون بين أطراف مختلفة تستطيع في وقت من الأوقات وتحت ظروف معينة كالانكسار العسكري أو الوساطات أو التدخلات الخارجية أو الضغوط الدولية أن يقبل طرف أو أكثر بالتفاوض أو إيقاف آلة الحرب ويبحث عن مخرج سلمي وعادة يكون عندما ترجح كفة طرف على الطرف الأخر في العمليات العسكرية كما في الحرب العالمية الأولي والثانية وما حدث في الحرب الأذربيجانية الأرمينية وغيرها من الحروب التي فيها منتصر ومهزوم وأحيانا لا منتصر ولا مهزوم .
في الأزمة اليمنية هناك تقاطعات كثيرة وتجاذبات مختلفة على الصعيد الخارجي والداخلي فخلال 33 سنة من حكم على عبد الله صالح رسّخ فيها حكم القبيلة والمذهب على حساب الدولة الوطنية ولم يبني جيشا وطنياً بعقيدة عسكرية وطنية تجعل مصلحة اليمن هي الأساسي فبعد تسليمه السلطة في 27 / 2 / 2012م لنائبة عبد ربه منصور هادي في الحفل الذي أقيم في قصر الرئاسة بحضور خليجي وعربي ودولي وفق المبادرة الخليجية بصفته رئيس توافقي لفترة انتقالية تجري بعدها انتخابات رئاسية جديدة وكانت الفرصة مواتية لبدء مرحلة جديدة في اليمن تقوم على التبادل السلمي للسلطة في الدولة اليمنية المدنية إلا انه كان هناك من يتربص ويتحين الفرصة للانقضاض على الدولة اليمنية والرئاسة الجديدة ذات الخبرة المتواضعة في فكر وخداع الحوثيين الذين رأوا أن الفرصة سانحة لإعلان الحرب السابعة على صنعاء ليعلنوا في 21 سبتمبر 2012 عن دخولهم صنعاء وبسط سيطرتهم على الحديدة وعدد من المحافظات الشمالية ووسط هذه التقدمات والانتصارات لمليشيا الحوثي المدعومة من إيران لم يجد الرئيس عبد ربه منصور هادي بداً من الفرار من صنعاء إلى عدن العاصمة التي أعلنها مؤقتاً ولكن تقدم الحوثيين كان ممنهجاً حيث وصلوا إلى عدن في عام 2015م ليدق ناقوس الخطر الذي يهدد اليمن ودول الإقليم وخاصة المملكة العربية السعودية ولتنطلق عاصفة الحزم في 26 مارس 2015م بقيادة السعودية و9 دول عربية ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية حيث تم استعادة العاصمة المؤقتة عدن وإخراج الحوثيين من المحافظات الجنوبية ثم توالت الأحداث والاختلافات بين أعداء الأمس وحلفاء الغد لتنتهي بمقتل على عبد الله صالح ويتفرد الحوثيون بالحكم في صنعاء ثم ليعلن قيام المجلس الإنتقال الجنوبي بقيادة محافظ عدن المُقال عيدروس الزبيدي ليشكل عبئاً على الشرعية ويعطي مجالا للحوثي للعب على هذه الاختلافات والاختلالات .
وتستمر المعارك بين تقدمات للشرعية في بعض الجبهات وخسارة جبهات أخرى في ظل اعتلالات في الشرعية وغياب وحدة القرار الميداني وعدم وجود مشروع وطني للتحرير تجتمع علية الأطياف اليمنية وبروز الكثير من الاستقطاعات الداخلية والخارجية المؤدلجة مما صعّب عملية الحسم وأعطى الحوثي المجال لقضم الكثير من الأراضي واحراز الكثير من الانتصارات على بعض الجبهات فسقطت حجور والبيضاء وحجة وذمار وعمران والحديدة إضافة إلى العاصمة صنعاء.
وسط هذا الزخم كان هناك مساعٍ عربية ودولية لحل الصراع اليمني حيث صدر القرار الأممي 2216 تحت الفصل السابع الذي يدين الانقلاب ويدعو لعودة الشرعية وتسليم السلاح ولكن للأسف بقي هذا القرار حبراً على ورق وتم تعيين ثلاثة مناديب أممين لتقريب وجهات النظر ومحاولة الوصول لحل سلمي فكان المغربي جمال بن عمر ثم الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ احمد وأخيرا ثالثهم البريطاني مارتن غريفت حيث أجمع كل هؤلاء المناديب على إدارة الصراع دون العمل على حله وكانوا مجرد مراسيل بين أطراف التنازع والأمم المتحدة دون أن يقدم أحدهم تصوراً لفرض حل عسكري وفق القرار الاممي 2216.
وكان من مساعي السلام لمحاولة إيجاد مخرج لهذه الأزمة مباحثات الكويت عام 2016 والتي استمرت 3 شهور وقبلها مباحثات مسقط الأولى عام 2015 وجرت قبلها مباحثات طهران الجنوب في جنوب المملكة العربية السعودية عام 2016 ثم كانت مباحثات جنيف عام 2018 .
وكانت كل هذه المباحثات والمفاوضات تبوء بالفشل وكانت مليشيا الحوثي هي من يعطل الحل ولا تقدم مشروع سلام مما استدعى مواصلة القتال وكادت القوات الشرعية أن تدخل الحديدة وتغلق شريان التهريب الذي تتنفس منه ميلشيا الحوثي الانقلابية لولا التدخل البريطاني الذي أوقف التقدم حيث أخذت الأطراف لمفاوضات مسرحية في استكهولم واعتبرها الحوثيون محطة للاستراحة واستعادة التحشيد والتموضع والدفع بالمزيد من المقاتلين وباءت محادثات استكهولم بالفشل كما سابقتها من محادثات لتعود آلة الحرب للعمل رغم الهدنة التي فرضت وكانت السعودية وهي تقود التحالف من يقدمها ويفرضها من طرف واحد بهدف وقف القتال والبحث عن مخرج حيث توجت السعودية جهودها لدعم الاستقرار في اليمن وحقن الدماء بطرح المبادرة السعودية بإنهاء الحرب والتي رحبت بها الأمم المتحدة والمندوب الأمريكي ليندركينج والمندوب الأممي مارتن غريفت ورحبت بها الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي وكان الوحيد الذي رفضها هو مليشيا الحوثي الانقلابية للسبب الرئيسي الذي طرحته في بداية المقال ويتفرع مئه عدد من الأسباب منها :
1- أن هذه المليشيا مجرد أداة فقط مرتبطة عقديا بنظام طهران وبالتالي لا تملك قرار الحرب ولا تملك قرار السلام ولا تملك قرار التفاوض.
2- هذه المليشيا ترى في استمرار الحرب و البطش بالشعب اليمني فرصة لبقائها في السلطة ونهب مقدرات الشعب اليمني
3- تحقق لنظام طهران الكثير من المصالح الاستراتيجية على الصعيد الموقع الجغرافي لتهديد الملاحة الدولية عبر باب المندب وبحر العرب وتعتبرها ورقه لتهديد دول مجلس التعاون والسعودية على وجه الخصوص .
4- تحقق لإيران ورقة تفاوضية مع الولايات المتحدة الامريكية بشان الملف النووي وتعطيها قوة تفاوضية مع الاتحاد الاوروبي الذي لا يزال يتمسك بالاتفاق النووي من خلال التهديد باستهداف الملاحة والسفن ولازلنا نشاهد هذه الإستهدافات بشكل مستمر.
5- تحقق لنظام طهران مع مثيلاتها من المليشيات الارهابية في العراق و سوريا ولبنان قوة عسكرية كأذرع عميلة تستطيع ايران ان توعز لها لتضرب بالنيابة عنها دون أن تلحقها المسؤولية الدولية .
6- تحقق لإيران مع مثيلاتها مصدر دخل اقتصادي في ظل الحصار الامريكي القوي المفروض من الولايات المتحدة لاسيما في عهد إدارة ترامب.
7- التمسك بما تراه هذه المليشيا وفق الرؤية الإيرانية الصفوية بالحق السلالي الممنوح لها من الله عز وجل وأنهم هم أنصار أهل البيت وما عداهم يجب محاربتهم .
8- أوهمتهم ايران وفق منظورها العقدي الفاسد كما أوهمت بقية اذرعها بأنهم فقط من يدافع عن المقدسات وهم من سيحرر القدس ويدعم القضية الفلسطينية .
لهذه الاسباب وغيرها ترفض هذه العصابة كل حلول السلام ولن تسلم أو تستسلم إلا بقوة السلاح فحسب .

د. أحمد بن حسن الشهريرئيس مجلس ادارة منتدي الخبرة السعودي