خبر صدم الجميع في غزة مفاده، توقيف 13 عضو من منتسبي سرايا القدس من طرف حركة حماس، كما تم استدعاء بعض من نشطاء وكوادر حركة فتح بالإضافة الى بعض الشخصيات الوطنية التي تنشط في القطاع. فيما يفتح توقيت هاته الحملة الباب للعديد من التساؤلات حول الغاية من هاته التوقيفات التي لم يسبق لها أن حصلت نظرا لقوة العلاقة بين حماس وحركة الجهاد الاسلامي خاصة مع توتر الاوضاع في جنين والتصعيد الاعلامي المتواصل والذي ينذر بنهاية الهدنة الهشة.

لقد وجدت حماس نفسها في وسط زوبعة كبيرة من التحولات السياسية والضغط الاجتماعي المتزايد في القطاع، مما دفعها الى إظهار بعض من الليونة في التعامل مع الأوضاع المستجدة بالنظر الى الأوضاع الراهنة في القطاع ويبدوا أن عملية اعتقال عناصر من حركة الجهاد الاسلامي وبالتحديد وحدة إطلاق الصواريخ باتجاه حدود الاحتلال يظهر جليا اختلاف الروئ بينها وبين سرايا القدس التي تريد ممارسة التصعيد من جانب احادي وحركة حماس الموجودة في موقف حرج خاصة مع تأخر دخول المساعدات القطرية. وبالتالي فان الخيار الأمثل هو عدم الدخول في مغامرة تصعيدية جديدة لن تلقى الدعم الفلسطيني ولا الدعم العربي.

احدثث هاته التوقيفات صدعا في الموقف الفلسطيني الذي يقرأها بنوع من عدم الرضا والارتياح، حيث استنكرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، حملة الاعتقالات التي طالت صفوفها، وأكدت في بيان رسمي انزعاجها من هذا التحرك الغير مبرر وحملة الاستدعاءات لكوادرها رأت أن مثل هاته التصرفات، تذهب بالداخل الفلسطيني الى المزيد من الفرقة بدل تجسيد الوحدة الوطنية.

ويرى محللون أخرون أن حماس لا ترغب في أن تتخدد أي جهة كانت أي خطوة تصعيدية غير مدروسة العواقب من شأنها أن تزيد من تعقيد ملف دخول الأموال القطرية وهذا مادفع بها الى اظهار وجه اكثر صرامة مع شركاءها في القطاع لتسيد المشهد والتأكيد على أن الأمور داخل غزة تحت السيطرة وأن حماس قادرة على إعطاء ضمانات لهدنة فعلية خالية من المفاجئات، قيما يرى أخرون أن تحرك حماس يأتي في سياق المقترحات المصرية والتي تحظى بالقبول والايجاب من طرف السلطة الفلسطينية وبالتالي فان نوقيت هاته الحملات الأمنية ضد عناصر سرايا القدس تأتي من اجل ردع التوجهات التي لا تهدم مسألة تتبيث الهدنة وتسهيل الإجراءات الخاصة بإعادة الاعمار نظرا لارتباطها ارتباطا وثيقا بالمسألة الأمنية، حيث ان أي خطوة تذهب عكس التيار قد تعود بالملف الى المربع الأول من الملف.

وبين هذا وذاك يبقى الأكيد أن قطاع غزة على موعد مع تحولات جدرية ومستجدات جديدة قد تدفع بالمقترح المصري ومساعي التهدئة الى التثبيت الفعلي على أرض الواقع خاصة إذا كانت هاته التوقيفات الأخيرة ترمي الى محاربة أي جهة تهدد وقف الهدنة، بما فيها حركة الجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى المسلحة الرافضة لجهود التهدئة المصرية والتي تدفع عكس التيار بتعقيد الأمور أكثر فأكثر، وربما سنشهد نسخة جديدة من حماس قابلة للمضي قدما الى سلام مع الاحتلال مقابل شروط تضمن رضى الطرفين وتخدم مصلحة الفلسطينيين قبل أي شي.