في سياق متصل بمقاربة بينيت تقليص الصراع، طرح وزير خارجيتة لبيد خطة او رؤية تحمل الاقتصاد مقابل الأمن يتم تطبيقها على سنوات تبدا بتحسين الظرو ف المعيشية للسكان وتنتهى ببناء بنية تحتية كاملة تغير نمط الحياة الأجتماعية مقابل تحقيق الأمن والهدوء على الحدود. ولعل ما يلفت النظر في تصريحات لبيد أمام التخلي عن وهم نزع السلاح في غزة أو إعادة تأهيل غزة مقابل نزع السلاح. هذه التصريحات او الخطة تثير تساؤلات كثيرة : ماذا تريد إسرائيل من غزه؟ وما هي تداعيات هذه الخطة على العلاقة بعيدة المدة بحماس وغزه؟ وما هي الضمانات لتنفيذها؟والسؤال المهم والأهم هل تقبل حماس بالخطة في سياق إقليمى ودولى؟وما علاقة هذه الخطة بالرؤية او المقاربة الأسرائيلية الكلية لتسوية الصراع؟وهل من دور للسلطه؟ وما الفرق بين هذه الخطة وإتفاقات أوسلو؟

إبتداء إسرائيل تتعامل مع الحالة الفلسطينية كحالة منفصله، مقاربة للضفة الغربية الاقتصاد والتسهيلات مقابل بقاء السلطة مع حفظ الأمن. تعميقا لحالة الأنقسام السياسى، وهى نفس المقاربة مع غزة تسهيلات اقتصادية مقابل بقاء حماس كقوة وسلطة حافظة للأمن. إذن هدف إسرائيل الأستراتيجى من الضفة وغزة هو الأمن.

تحقيقا لهذا الهدف هي لا تمانع بوجود سلاح يحفظ هذا الأمن، لكن ليس سلاحا يهدد أمن وبقاء إسرائيل. وهو ما يعنى بالنسبة لحماس وغزة مع حماس القوية القادرة على حفظ الهدوء والأمن وليس مع حماس التي تشكل تهديدا مباشرا، ولا مع تجاوز حدود القوة. إسرائيل لا تريد حلا للصراع بل كل ما تسعى إليه تثبيت إحتلالها بل تحويله لواقع معاش فلسطينيا. وترفض مقاربة الدولة الفلسطينية بحدودها الجغرافية وأن غزة مكونا رئيسا منها. وتحكم رؤية إسرائيل في العامل مع غزة محددات ووقائع على الأرض لا يمكن أن تتجاهلها، اول هذا المحددات: العامل السكانى اكثر من مليونيين نسمة في مساحة صغيرة ملاصقة لمنطقة الغلاف، لا يمكن لأى دولة أن تتجاهل هذا العامل من منظور إحتياجاته اليومية، فلا شك أن سياسات الحصار والتجويع والحرمان أول ما تعود تداعياتهاعلى إسرائيل، فلنتصور السيناريو المخيف الذى يقلق إسرائيل ماذا لو زحف مليون نسمة نحو إسرائيل.

المحدد الثانى السياسى والوظيفة الأستراتيجية التي يمكن أن تقوم بها غزة بالحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية، إدراكا أن لا فتح في الضفة ولا حماس في غزة يمكنها أن تعلنا الدولة، وهذا ما تعمل إسرائيل على تعميقه وتحويل الأنقسام لبناء وكينونة سياسية منفصلة وهذا ما تشجع عليه.

المحدد الثالث الأمنى وإدراك إسرائيل أن غزة تقع في قلب المنطقة الأمنية الأولى لإسرائيل وأن اى تطور للقدرات العسكرية للمقاومة وحماس يشكل تهديدا مباشرا. المحدد الرابع إدراك أن حماس لا تريد الحرب كخيار دائم حرصا على بنيتها المستقله، وكونها حركة أخوانية وحرصا من الكل على الحفاظ على قوتها وتواجدها، وهذا ما يفسر لنا تسهيل الدور القطرى، فهذا ما تحاول أن تستفيد منه إسرائيل وتوظيفه بما يحقق أهدافها الأمنيه، وإدراكا منها أن حماس لن تدخل في تسوية سياسيه تلزمها بالتفاوض المباشر والأعتراف، فالبديل لذلك هدنه طويلة الأمد وحماية للحدود وضبط للفصائل المسلحه في غزه.

المحدد الاقتصادى فإسرائيل تدرك أهمية غزة كسوق اقتصادية، وانها تشكل كتلة إستهلاكية كبيرة وهذا يعود على إسرائيل بالمردود الاقتصادى الكبير، فحجم التجارة تزيد عن ثلاثة مليار دولار. ولا يمكن لأى دولة مجاورة تجاهل هذه الأهمية. المحدد الأستراتيجى أن غزة بدورها وبوجود حماس تحقق لإسرائيل هدف عدم قيام الدولة الفلسطينية.

هذه المحددات هي التي تتحكم في السيناريوهات الممكنة والمستبعده، والبحث عن اليسناريو المشترك. هذه السيناريوهات تتراوح أولا في سيناريو الفناء او انا والطوفان ومن بعدى. فبمقدور إسرائيل بقوتها أن تطبق سيناريو يوم القيامة، وفى الوقت نفسه يمكن للمقاومة ولحماس أن تقوم بنفس السيناريو. وهذا السيناريو مستبعد للعديد من العوامل. السيناريو الثانى سيناريو الحروب المتوالية وهذا سيناريو مكلف ولا يحقق الأهداف الأمنية وهذا ما أثبتته الحروب الأربعة على غزه. وما قد يترتب عليه تداعيات غير مقبولة كما في الحرب الأخيره. السيناريو الثالث الحصار المسيطر بتهدئة وقتية وقد ثبت فشله، وإنهياره السريع. يبقى السيناريو الذى طرحه وزير الخارجية لبيد الاقتصاد مقابل الأمن, وقد يكون اكثر واقعية ويلبى حاجات المنطقة وحاجة حماس في البقاء وحاجة حركة الأخوان والدول الداعمة لها، وهذا سيناريو الحاجة المشتركة،. وتبقى معضلة الأمن التي تحدث عنها ثيوسيديس قبل اكثر من الفى عام, وعقدة إستعداد حركة حماس التنازل عن سلاحها وهذا ما أشار إليه لبيد بالوهم، والبديل لذلك ضبط هذه القوة وعدم تحولها لقوة متنامية تشكل تهديدا دائما. وحرص إسرائيل على وجود حركة قوية قادرة على ضبط الحدود وقوة الحركات الأخرى.

يبقى السؤال المثار عن التداعيات وإحتمالأت القبول وإستعداد حركة حماس بهدنة طويلة الأمد تفقدها صدقية المقاومة. وتحولها لوظيفة سياسيه. وكل هذا معناه أن اى حل وتسوية بعيدة عن الحل الفلسطيني ستخدم الرؤية الأسرائيلية فقط.