‏لا أعرف قُدْرة لها مفعول السحر كقدرة المرء على التغاضي.. إنها قدرة تهزم شهوات نفسه، وتكفيه الكثير من الشرور،وتفتح له أبواب الصعود!

‏التغاضي عبارة مضمونها:

‏لا مُتَّسَع ولا مكان ولا وقت للمشاحَنات..

‏لا مُتّسع ولا مكان ولا وقت لتحميل الصدور والقلوب ما لا تحتمل


بالتغاضي ننجو من عثرات الظنون، وننهض من وحل الانتقام، ونزداد في قلوب العباد حُبًّا على حُبّ.

‏وإن أسمى مراتب التغاضي التماس الأعذار للآخرين، وتجاهل زلاتهم تجاهل المحسن الباذل، لا الأحمق الجاهل!

‏هي مرتبة تُعَلِّم النفسَ السمو، وتجبلها على القوة، وتمنحها شهادة مروءة مع مرتبة الشرف.

وبما أنك تعلم أن الضّعف طبيعة إنسانية، وأن الخطأ قرين الصواب، فاجعل من طبيعتك التماس الأعذار للناس، ونافسهم على اختلاقها، وأسرف فيالْتماسها، فما حُمِدَ الاختلاق إلا في ابتكار الأعذار للآخرين، وما حُمِدَ الإسراف إلا في كثرة التأويل الحسن.

كن على يقين من أن التماس العذر الخاطئ خير لك من عواقب اليقين الذي ينفرك من الناس،أو ينفر الناس منك.

‏كلنا خطّاء،وخير الخطائين ملتمس الأعذار.

‏إن أصاب شُكِر،وإن أخطأ شُكِر.

‏الرأي الأصوب أن نُخْطِئ عمداً في التماس أعذار بعضنا،فتعالوا نخطئ خطأ من يشتري نفسه ومن يُحِب أن يكون فنار خير.