على الرغم من أن الصورة العراقية ضلت في حالة أزمات وصراعات مستمرة منذ عام 2003 لحد ألان، إلا أن ما حدث قبيل أيام من هجوم على أعلى هرم للسلطة السياسية في العراق وهو رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، زادت من حجم الأزمة وتداعياتها أكثر فأكثر وأصبح العراق والعراقيين يعيشون حالة رعب لما حدث منتظرين اخطر سيناريوهات محتملة تواجهها البلد في الأيام القادمة.

الهجوم سبقته موجة من الاحتجاجات من قبل أطراف سياسية، أولئك الذين خسروا مكانتهم ومقاعدهم في البرلمان العراقي، والذين يرفضون نتائج انتخابات أكتوبر الأخيرة بأكملها والتي كانت بمثابة ضربة قاضية لهم التي قصمت ظهر البعير، وعلى الرغم من انه لم يعلن احد حتى ألان رسميا ضلوعها في الهجوم -ولن يعلن- إلا أن جميع الاتهامات توجه للإطراف التي ترفض نتائج تلك الانتخابات، وهذا ما ينطبق عليهم المثل الذي يقول (إليك اعني فاسمعي يا جارة).

الوضع السياسي في العراق وان تحسن شيئا مقارنة مع قبل خاصة بعد تولي الكاظمي رئاسة الحكومة وخاصة العلاقات مع العالم ودول الجوار، وأيضا مع إقليم كوردستان التي شهدت خلافات كثيرة حول الميزانية وحصة الإقليم والمناطق المتنازع عليها، إلا أن ما حدث ليس كان غريبا بل كان متوقعا في بلد تعصف به الكثير من النعرات السياسية والطائفية والمذهبية لحد ألان، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المزري والرديء للمواطن العراقي والتي تسير من سيء إلى أسوا في بلد تعيش على بحر من النفط، إضافة إلى التدخل السافر للدول الإقليمية من الشمال إلى الجنوب ومن شرقها إلى غربها.

الجميع استنكروا للصورة السيئة والمقيتة لما تعرض لها رئيس الحكومة، التي كانت فيها حياته مستهدفة شخصيا، لكن السؤال الملفت للنظر ماذا بعد هذه الحادثة الخطيرة والمحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس حكومة منتخبة، من هم الضالعون في هذه المحاولة، وهل سيكتشف هوياتهم للعلن بعد أن أذيع بان الأقمار الصناعية قد رصدت الأماكن التي انطلقت فيها الدرونات القاتلة؟

جميع التكهنات تشير بان ما حصل هو خلط للأوراق وإفساد العملية السياسية في العراق التي تمضي قدما في تشكيل حكومة جديدة إذ أن الكاظمي الأوفر حظا من الآخرين في المعادلة لحد ألان، وأن الحادث في النهاية سوف تصب لمصلحة الكاظمي ليتولى من جديد رئاسة حكومة – منهكة - بعدما استنكر الجميع الحادث واعدوه مساسا صارخا لسدة الحكم في البلد وازدياد شعبيته من قبل الشارع بعد الحادث، إلا أن هناك من يرى إن حظ الكاظمي لتولي السلطة من جديد تحتاج إلى اتفاقات داخلية وخارجية ورضوخ الأخير لمطالب الخاسرين في الانتخابات التي تطالب بالمستحيلات في بعض الملفات الهامة والحساسة في البلد.

استمرار الوضع الراهن والمتأزم في البلد وتفاقمه من دون إيجاد حلول جذرية وشاملة لإنهاء الاحتجاجات لكي تشكل كابينة الحكومة الجديدة تزداد من الأمر سوء أكثر فأكثر، خاصة أن وضع الحكومة ستكون في حالة تصريف الأعمال، وبالتالي ستزداد الصراعات وتتجه بالبلد إلى نفق مظلم أو -لا سامح الله- إلى الهاوية، وهذه هي الطامة الكبرى.