يوسف سلمان يوسف كما يعرف غالباً باسمه الحركي ـ فهد، وُلد في أحضان عائلة مسيحية سريانية في قرية برطلة التابعة لمحافظة الموصل عام 1901، هو أحد أول الناشطين السياسيين اليساريين في العراق، كما يعتبر من مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي، وبأعدامه عام 1949 أصبح أول سياسي يساري يُعدم في العراق.

لا اريد هنا ان اكتب عن كتاباته ولا عن حياته ولا عن نضاله من اجل وطن حر وشعب سعيد، ولكن اود ان اتحدث هنا عن وصيته الاخيرة قبل اعدامه بساعات.

خلال المؤتمر "الحادي عشر" للشيوعي العراقي والذي انعقد قبل يومين في بغداد، قدم المناضل واحد القيادات التأريخية للحزب الشيوعي العراقي المناضل كريم أحمد، تذكاراً ثميناً لدى الشيوعيين، حيث قدم الساعة اليدوية للشهيد يوسف سلمان يوسف "فهد" لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي ـ رائد فهمي.

وقدم المناضل كريم احمد كلمة بالمناسبة استعرض فيها قصة ساعة المناضل فهد ووصيته، وقال: (حينما حكمت المحكمة العرفية ببغداد باعدام قادتنا الأماجد سنة 1949، ومنهم الرفق الخالد يوسف سلمان (فهد)، وقبل سويعات من صباح 14 شباط اليوم المشؤوم لتنفيذ الحكم، طلب الرفيق فهد من سجانيه، وكآخر طلب له قبل ان يفارق دنياه، أن يختلي لوحده باحد السجناء وهو رفيق شاب من المحكومين بالسجن وليس الاعدام، فلبوا طلبه ولم يرفضوا ولم يراقبوه. فانفردا بزاوية من الزنزانة وطلب منه ان ينقل رسائل شفوية عبر باقي الرفاق السجناء إلى خارج السجن ثم انتزع من معصمه ساعة ووضعها في يد الرفيق الآخر وقال له: كل ما املك هو هذه الساعة ارجوك ايصالها الى الرفاق حال الافراج عنك وهي امانة عندك ولكنها ملك للحزب، وكان يعرف الضائقة التي المت باعضاء الحزب وكوادره المتبقية خارج اسوار السجون والفترة الحالكة في كل البلاد جراء الارهاب والملاحقة والاختفاء وقلة ذات اليد.
واعدم الرفيق فهد وضلت ساعته امانة لدى رفيقنا الشاب لحين الافراج عنه، وحال تم ذلك استطاع ان يتواصل مع رفاق يعرفهم معرفة جيدة وارتأى ان يسلم الامانة بعد وثوقه من انها ستصل إلى قيادة الحزب كذكرى عزيزة من رفيق عزيز شهيد، وذلك في عام 1953 وجرى تسليمها لي شخصيا، وكنت حينها اتولى في بغداد قيادة الحزب مع رفاق اخرين، ولكن كانت معها رسالة من (بهاء الدين نوري) يشرح فيها كل ما جرى تلك الليلة أي قبل تنفيذ الحكم بساعات معدودات وربما يبدو أن الرفيق مصعب (اسمه الحركي او الصحيح لا اذكر) كان حتى لا يعرف القراءة والكتابة أو ليس ضليعا بهما حاله حال معظم أبناء العراق انذاك، وها انا بعد 72 عاماً من الاختفاء والملاحقة والنضال الشاق احتفظت بهذه الامانة الثمينة واليوم حان الوقت لاسلمها إلى حزب فهد وانفذ وصيته) .

اخيرا اقول:

ان يوسف سلمان يوسف ـ فهد الذي رحل عنا ولم يرحل منا بعد 72 عام من رحيله يقول لحزبه في موتمره "الحادي عشر" :

كل ما املك هو هذه الساعة وهي امانة عندكم ولكنها ملك للحزب الشيوعي العراقي.

إنَّ فهد من خلال ذلك كلّه يريد أن يقول: كونوا صادقين مع أنفسكم أولاً وثم مع الاخرين، كونوا نزيهين وجددوا بوصلتكم للاحتفاظ بديمومة النهج والرؤى فيما يخص الابقاء على روح اليسار الحقيقي، كونوا لوطنكم ولا تكونوا لغير ذالك وكونوا سيوف حق تشرع في وجه الشر والحقد والعمالة والتربص بوحدة شعبنا وكونوا أيدي بيضاء تقدم الخبز للفقراء والكادحين وشغيلة اليد والفكر.

المجد كل المجد للمناضل اليساري الكبير يوسف سلمان يوسف ـ فهد