بعد الحرب العالمية الثانية والخسائر البشرية والمادية التي خلفتها، حيث أرتفاع عدد القتلى من المدنيين والعسكريين، وأنخفاض نسبة الولادة، والملايين من الجرحى والمعوقين، وتدمير البنية التحتية للمجتمعات التي دارت الحرب فوق أراضيها وانخفاض نسبة الأنتاج وأرتفاع نسبة المديونية لتلك الدول.
بعد هذا الدمار والخراب اتفقت الدول على أنشاء هيئة الأمم المتحدة وخصوصاً بعد فشل عصبة الأمم في مهامها، فكان الأجتماع سنة 1945، حيث عقد مؤتمر في سان فرانسيسكو، فكان الاتفاق على تشكيل الجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية بالإضافة إلى منظمات أخرى والكل لها مهام وواجبات، وبدأت دول العالم بالتوقيع على ميثاقها وقبول البروتوكولات والمواثيق التي تضمن حقوق الإنسان وتحافظ على كرامته، وكان الاتفاق على الحيلولة دون قيام حرب عالمية ثالثة على غرار هذه الحرب.
ومن أسوء نتائج هذه الحرب هو أكتشاف الاسلحة النووية والذرية والتي يتصارع دول العالم على أمتلاكها وكان من نتائجها أيضاً هو أنقسام العالم إلى معسكرين: الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي السابق، وظهور بما يسمى الحرب الباردة بين هذين المعسكرين والتي أستمرت حتى تفكك الاتحاد السوفياتي في 26 ديسمبر 1991 في عهد ميخائيل غورباتشوف والذي أعلن أستقالته عبر التلفزة وتسليم كافة سلطاته إلى الرئيس الروسي بوريس يلسن.
بعد هذا التفكك تحول العالم من ثنائية قطبية إلى أحادية القطبية والمتمثل بولايات المتحدة الامريكية، حيث سيطرت على العالم ووضعت يدها على مقدراته وجعلت نفسها الشرطي الوحيد الذي يفرض سيطرته وقراراته على جميع دول العالم ومن يخالفها فهو عدوها، وبدأت بحجة تطبيق الديمقراطية في الدول وممارستها في المؤسسات بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العالم وقامت بالحروب بحجة محاربة الإرهاب خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2011، حيث تغير مفهوم الإرهاب وتعريفاته، فالكل أصبح يعرف الإرهاب حسب نظرته ومسلحته، وعلى هذا الاساس قامت الكثير من الحروب ودُمرت بنية المجتمعات وتفككت المؤسسات العسكرية لبعض الدول وغيرت الكثير من أنظمة الحكم، تلك الأنظمة التي لم تقبل السياسة الامريكية والتي لم ترضخ لها، والتي أتسمت بالديكتاتورية والاستبدادية والتي أنشات الكثير من المؤسسات والاجهزة الأمنية والتي كانت عبارة عن سيوف على رقاب الشعب، وكان مهمتها اخضاع الشعب لنظام الحاكم، وعدم معارضته، فكان نتيجة سياستها القمعية والأعتقالات التعسفية والزج بالسجون بدون محاكماة سبباً في تدخل القوى الخارجية في شؤونها الداخلية، وتدمير بنيتها التحتية ونهب وسرقة ثرواتها الوطنية.
نعم بحجة تطبيق الديمقراطية تقوم الكثير من الدول التي تدعي بانها حاميها بقتل الكثير من البشر وتدمر مؤسسات الدول وكانت سبباً في ظهور الخلافات العرقية والمذهبية وسبباً في ظهور الكثير من المنظمات الراديكالية والتي تقوم بعض الدول التي تصف نفسها بحامي الحريات بدعمها وتزويدها بالسلاح والعتاد وتصب الزيت على النار، ولا شك أن البعض من المجتمعات لديها النزعات الطائفية وفي ظل الأنظمة الديكتاتورية لا تجد لها فرصة لتظهر على الساحة وعند تدخل القوى الاجنبية والفراغ الذي يتسببه غياب السلطات الامنية تبدأ هذه الحركات والجماعات بالظهور في الساحة وتقوم بقتل كل من يخالفها الفكر والثقافة وتنعت كل من يخالفها بالكفر والالحاد، وتمنح نفسها حق القيام بعمليات السلب والنهب بحق الاخرين وسبي النساء والامثلة هي موجودة على الساحة السورية والعراقية والليبية.
وحتى تمنع وتقطع الطرق وتزال أسباب تدخل الاجنبي في شؤون الدول على السلطات الحاكمة ان تحترم الحريات وتمارس الديمقراطية في المؤسسات وأن يكون الجميع متساوون امام القانون وأن تبدل الدساتير الحالية إلى دساتير جديدة تستمد بنودها ومبادئها من مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق والبروتوكولات الدولية التي تطرقت إلى تلك الحقوق والحريات.

[email protected]