اهتمت السينما المصرية منذ أزمنة طويلة بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الهمم، وسلطت الأضواء عليهم. وهناك أفلام مصرية تشكل علامات في السينما المصرية تحدثت عن ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويعتبر فيلم "الصرخة"، من أهم هذه الأفلام بطولة الفنان الكبير الراحل نور الشريف الذي سلط الأضواء علي قضايا الصم والبكم. ويعد فيلم 'الخرساء" من الأفلام المهمة جدا في السينما المصرية بطولة الفنانة القديرة سميرة أحمد الذي سلط الضوء علي قضايا الفتاة "الخرساء" وما تتعرض له من اضطهاد واستغلال.

ومن الأفلام المبدعة جدا التي تناولت قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة فيلم "توت توت"، بطولة الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد، وبرعت في تجسيد دور فتاة معاقة ذهنيا، تعيش في الشوارع، تعرضت لاعتداء جنسي من رجل أعمال وأنجبت منه.

كما قدم الفنان الراحل عادل أدهم دورا عبقريا في فيلم "المجهول"، وهو دور شخص أصم وأبكم يعمل في فندق صغير، تملكه سيدة عجوز في كندا. وجسد الفنان عادل إمام شخصية جنرال متقاعد فاقد للبصر في فيلم "أمير الظلام"، وسلط الضوء علي مشاكل فئة المكفوفين.

كل هذه الأفلام تشمل علامات في مسيرة السينما المصرية قديمًا، وقدمت تناولًا أو معالجة جيدة لمشاكل المعاقين، وللأسف الشديد، في المرحلة الراهنة، لا تعبر السينما عن قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، بل تحط من قدرهم، وتقدمهم على الهامش، أو تستغلهم كمادة للضحك، كما حدث في فيلم "صباحو كدب"، أو فيلم "غبي منه فيه"، وهي أفلام سطحية.

من المحزن جدا أن صناعة السينما في المرحلة الراهنة تهتم بقضايا هامشية وتصطنع مشاكل لا وجود لها، أو تنتج أفلاما بلا قيمة أو فكرة، وتتعامى عن قضايا نحو 12 مليون معاق في مصر، بحجة أن اضحاك الناس من أهم الأهداف السامية، وهو شعار يؤكد أن غالبية صناع وكاتبي ونجوم الفن في مصر، في غيبوبة، أو أنهم يعانون من إعاقات ذهنية، لا تمكنهم من استيعاب القضايا المجتمعية المهمة.

وفي العموم سواء في السابق أو في الوقت الحالي، لم تسلط السينما الضوء علي النماذج المضيئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل سلطت الضوء علي قضاياهم ومعاناتهم، دون التطرق إلى النماذج المضيئة أو الملهمة، رغم وجود نماذج كثيرة جدا مثل السباح العالمي مصطفي خليل، أول مصري يعبر المانش ثلاث مرات بلا قدمين.

وقصة السباح مصطفى خليل تصلح لتكون فيلماً سينمائيا ناجحاً على الصعيد التجاري والفني. ولد عام 1958، وتعرض لحادث أليم أدى إلى بتر قدميه عام 1971. وبدأ ممارسة السباحة بعد الحادث بعشر سنوات، وعبر المانش أول مرة عام 1992، في 16 ساعة و40 دقيقة، ثم عبره للمرة الثانية عام 1994، وللمرة الثالثة عام 1998، ليكون بذلك أول سباح على مستوى العالم في جميع الإعاقات يعبر المانش 3 مرات، منهم مرة ضد التيار.

وأعتقد أن قصة مصطفى خليل، ملهمة جدا لو تحولت إلى فيلم سينمائي، وأراهن على نجاحه كثيراً، يحقق ايرادات عالية جدا بالاضافة الي أنه سيسلط الضوء علي الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك المئات، بل الآلاف من النماذج الرائعة في مصر قهروا المستحيل، وأصبحوا نجومًا مضيئة.

أتمني أن يستثمر صناع السينما وكتاب السيناريو في مصر اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي والدولة بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتم تسليط الأضواء على قضاياهم واستثمار النماذج المضيئة وتقديمها، لتكون قدوة للآخرين، بالإضافة إلى أن هذه النوعية من الأعمال عادة ما تحقق نجاحات في المهرجانات الدولية.