الفساد وفقدان القيم ليسا حكراً على دول العالم الثالث. فهما یظهران بين حينٍ وآخر ايضاً في الديمقراطيات الغربية. يمكن ملاحظة أحدث مثال على ذلك في ألمانيا من خلال الرجل الأعلى السابق للبلاد، المستشار الاتحادي السابق غيرهارد شرودر.
لقد كان "إنجازاً" غريباً لديمقراطي مفترض عندما اعتبر شرودر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ديمقراطياً لا تشوبه شائبة"، على الرغم من أن بوتين، بصفته حاكماً مطلقاً، قد حمل مصير بلاده بين يديه لأكثر من عقدين من الزمن، كما لو ان الدولة الروسية التي تمتلك أكبر مساحة من الأرض على وجه الأرض ويبلغ عدد سكانها أكثر من 140 مليون نسمة لم تستطع تقديم رئيساً أفضل.
انه لأمر غريب أن يحول شرودر بكامل قواه العقلية الضحايا المهددين من قبل بوتين إلى جناة، عندما يتهم أوكرانيا بـ "قعقعة السيوف" وبهذا الموقف اكد إفراطه الكبير في التقييم الخاطئ للموقف الحالي الذي يهدد اوربا الشرقية بنشوب حرب دموية. فموقف شرودر لا يمكن ان یندرج تحت خانة حرية التعبير عن الرأي. بل هو إثبات شئ خطير لا يليق بسياسي ديموقراطي سابق. فـ نوربرت روتجن، من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، محق في كلامه عندما وصف شرودر بأنه "موظف مدفوع الأجر" للروس.
ومع كل ذلك، فإن شرودر ليس "فقيراً" او "محتاجاً". فبصفته مستشاراً فيدرالياً سابقاً، يبلغ راتبه التقاعدي الشهري 8000 يورو. بالإضافة إلى ذلك، يكلف مكتبه وموظفيه وخدماته الدولة الألمانية أكثر من نصف مليون يورو سنوياً.
ووفقاً لأقواله الشخصية، يتلقى هذا الصديق الحميم لبوتين مبلغا قدرە 600 ألف يورو سنوياً لعمله في مجلس الإشراف في شركة روزنيفت المملوكة للدولة الروسية. بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك 250 ألف يورو كراتب لعمله في لجنة المساهمين في نورد ستريم 2، المشروع الذي یجعل من المانیا سهلة الابتزاز من قبل روسيا.
إن سلوك شرودر يستحق أكثر من النقد. وعلى حزبه، الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني، ان يتخذ الإجرائات التأديبية اللازمة بحق شرورد و لا يصح ان يًترك هذا الموقف من دون عواقب. لأن الموضوع يتعلق بالنزاهة السياسية والفهم العقلاني للوقائع.
التعليقات