قبل ایام اعلنت المحكمة الاتحادیة قرارها بأن (قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان مخالف للدستور).
وإذا نفذ هذا القرار (وآمل أن ينفذ) عندها يسترد حق بيع النفط والغاز من حكومة الإقليم، والذي بموجبه يكون بيع نفط وغاز الإقليم من صلاحية بغداد فقط، والتي ستدفع بدورها رواتب موظفي الإقليم.
من المؤكد أن القرار يأتي في صالح أغلبية الكورد ويسرهم (ماعدا رؤوس الپارتي واليكيتي واصحاب الشركات الذين يضر هذا القرار بمصالحهم).
أن لا مبالاة الكورد أو بالأحرى فرحتهم بهذا القرار، سببه السلطة الفاسدة التي لم تتمكن أو لم ترد أن تنفق ولو جزءا يسيرا من الايراد في خدمة المواطنين.
من الواضح أن مواطن الاقليم لم ينتفع ابدا من إيرادات بيع النفط والغاز، والتي ذهبت إلى جيوب العائلتين وشركاتها ومافياتها.
لو أن الحزبان الحاكمان أو بالاحرى العائلتان أعلنتا اتفاقيات استخراج وتسويق وايرادات النفط والغاز بشفافية، ولم يحصروا هذا الملف الحساس وايراداتها الضخمة في عدة أشخاص فقط. أو صرفوها بالعدل في خدمة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم. لا شك أن مواطني الإقليم في هذه الحالة كانوا سيقفون ضد هذا القرار، وكانوا سيملؤون الشوارع متظاهرين للاحتجاج عليه.
للاسف لن يحدث ذلك لأن نصيبهم وكما أشرت سابقا كان الخيبة والحرمان بدل الخير والانتفاع، وكما يقول المواطنون أن نصيبهم الدخان والسموم بينما الأموال تذهب إلى جيوب المافيات.
أي منطق يتقبل أن يبيع الإقليم ٧٠٠،٠٠٠ برميل نفط يوميا طيلة ثمان سنوات وسعر النفط الان يصل تقريبا الى ١٠٠ دولار. ولا يستطيع أن يدفع رواتب الموظفين بانتظام وبدون مشاكل، حتى أنها الان تدين لهم بـ ٣٢ راتبا. كما أن مئات المشاريع معطلة، والخدمات العامة في اسوأ حال، والرسوم والضرائب في ارتفاع، وفوق هذا وذاك يضيفون على كاهل المواطن ديون قدرها ٣٠ مليار دولار لا يعلم أحد لماذا وممن اقترضوه. هذه كلها سمات هذه السلطة الفاشلة، فلماذا لا يفرح الناس بهذا القرار؟
وكما يذكر في الاعلام فأن ٣٠% فقط من ایرادات النفط تعود إلى خزينة الدولة، والباقي يذهب إلى شركتين لعائلتي طالبانی و بارزانی.
في اي نظام او مكان ما في العالم تكون الشركات أغنى من الدولة، ويكون نصيب الأسد من عوائد النفط والگمرك وغيره، لشركات الأحزاب، إضافة للواردات الأخرى وفي نفس الوقت تسيطر على كافة ميادين الاقتصاد فى البلد؟
نعلم أن فطاحل عباقرة الطرفين (الذين يتكلمون ويكتبون بالأوامر) يظهرون على شاشات التلفزيون ويلقون بتصريحات عديمة القيمة عن لا قانونية هذا القرار، وعن معاداته لمصالح شعب كوردستان، وعن قوة موقف الإقليم، وان الفقرات التي استند عليها القرار لا تشمل الإقليم. والعديد من الأعذار الهزيلة الأخرى.
حسب موازين القوى في العراق، لا يمكن عمل شيء يذكر من قبل سلطة الإقليم، لأن كفة القوى تميل لصالح المرکز، وعدا ذلك فإن السلطات العراقية تعلم أن الپارتی والیکيتي يكسبون أموالا طائلة من بيع النفط ولا ينفقونها على حاجات المواطنين بل يضعونها في جيوبهم، في الوقت الذي نرى فيه أوضاع المواطنين تسوء يوما بعد يوم. ولذا يظهر أن ذلك القرار قد اتخذ من ذلك المنظور.
يظهر أن سلطة الإقليم لا ابالية وليس لديها أي توقعات سياسية، أو قراءة علمية أو توقعات للمستقبل. ظانين أن الوضع الراهن سيظل إلى الابد.
أن الحزبان الحاكمان في الإقليم قد اذوا الناس واهانوا کرامتهم وسببوا لهم الفقر والمصاعب لدرجة أن أي ضرر أو فشل للسلطە الاقلیم يسرهم، لأن السلطة لا تمثلهم ولا تعمل لأجل مصلحتهم، بل إن المواطنون ينظرون إليها كعدو، وهذا هو الواقع.
هذه هي الصدمه الثانية بعد الاستفتاء، للسلطة الكوردية، ولذا آمل أن يتعلموا منها الدروس (ولا أظن أنهم سيفعلوا)، وأتمنى أن لا يدعوا أن انكسارهم هذا هو انتصار كما يفعلون دائما، ولا ينتحلون الحجج الواهية بأن هذا القرار غير قانوني وله دوافع سياسيه. لا أنكر أن معظم القرارات والاحداث في كوردستان والعراق لا تحدث بشكل طبيعي، بل إن ورائها أهداف سياسية. وكذلك فمن المحتمل أن يكون وراءه غرض خاص، أو يكون الصدر وراءه، لإخضاع الپارتي لمطاليب حركته في تشكيل الحكومة، ولكن مهما كانت النوايا والمقاصد والاسباب، المهم أنه من الواضح أن القرار قانوني، لذا اتمنى ان يفزعهم هذا القرار ليتوقعوا الأسوأ.
التعليقات