من سخافة الصحافة التي تجلت في حرب أوكرانيا إلى حرب إسرائيل وإيران عبر المسيرات والصواريخ ومنها إلى تركيا المتجددة وعلاقاتها المتجذرة مع المؤسسة الامنية في إسرائيل وصولا إلى صبيان بايدن الذين يسعون لتوقيع اتفاق مع إيران باي ثمن لانقاذ عالمهم. والحكمة دائما تكون في العقل والتجربة.
سخافة الصحافة
تغطية الحرب الروسية في أوكرانيا كشفت عن وجه الصحافة البشع، فصحافة اليوم، الغربية والشرق أوروبية والشرق الاقصى والعربية بمعظمها، لا تغطي الحرب أو القصص الانسانية أو المعلومات العسكرية، بل تقدم مراسلين مدججين باللباس الحربي والسترات الواقية مع الخوذ وشعار القناة أو وسيلة الاعلام، ولا شيء غير ذلك، وهؤلاء سوف يكتبون في سيرتهم الذاتية انهم غطوا الحرب كما ستمتلئ وسائل التواصل بصورهم الحربية وبعضهم سينشر الكتب عن الحرب وقصصها التي ربما سمعها من الاخرين ويشتهر هؤلاء على حساب القتلى والجرحى والمباني المدمرة والخراب.
الصحافة الغربية اثبتت عنصريتها البيضاء من خلال مراسلين تافهين للقنوات الكبرى والصغرى، أما الصحافة العربية فظلت بعيدة عن التغطية الحقيقية ولا حاجة لذكر الصحافة الشرق أوروبية وصحافة الشرق الاقصى أن صحت تسميتها صحافة، والتي لا تقدم شيئا سوى تقارير باردة مثل ثلوج أوكرانيا.
إن توقفنا قليلا عند الصحافة الإسرائيلية المتحدرة من المدارس الغربية لا نجد فرقا كبيرا ونراها تأخذ خطا واضحا إلى جانب أوكرانيا على عكس قيادة إسرائيل التي تدعم بوتين سرا واحيانا علنا، الصحافيون من إسرائيل لا يقدمون اي معلومة مهمة أو جديدة، اللهم الا واحد وهو رون بن يشاي، صحفي مخضرم كان قد كشف عن مذبحة صبرة وشاتيلا ابان حرب لبنان الاولى الامر الذي ادى بلجنة التحقيق التي اقيمت حينها، إقصاء ارئيل شارون عن وزارة الدفاع، هذا المراسل لصحيفة يديعوت احرونوت وموقعها على النت، يقدم المعلومة والقصص اللافتة، ويعتبر احد ديناصورات الصحافة التقليدية، لكن الحقيقية.
حرب القرن الحادي والعشرين كشفت عورة الصحافة التي ادعت الموضوعية والمهنية وباتت كمن تحاول اظهار مفاتنها كي تكسب الانتباه والمتابعة، وكما يقول المثل الدارج في بلدتي دالية الكرمل فان الصحافة المعاصرة اصبحت "غشيم ومدعي".
تركيا وإسرائيل
لقاء رئيس الدولة الإسرائيلي اسحق هرتسوغ مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وافرز خلال اقل من 24 عن مكالمة هاتفية بين الرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس اردوغان كما افرز كما يقال، طلبا تركيا من حماس وقف اي عمل عسكري أو حركي من الاراضي التركية وطلبا لمغادرة تركيا باسرع وقت ممكن.
من جهتها، اصدرت حماس بيانا يقول أن الحركة تقاوم إسرائيل من داخل الاراضي الفلسطينية، الضفة وغزة فقط، ولا تتخذ من اي دولة أو مكان مقرا لاستهداف إسرائيل عسكريا كما جاء في بيان الحركة.
إسرائيل وتركيا ستعودان إلى التنسيق الامني وستحصل شركات تل ابيب الامنية مرة اخرى على عقود ضخمة من وزارة الدفاع التركية والصناعات العسكرية، تعاون امني كان مزدهرا قبل تدهور العلاقات مع تل ابيب وانشغال اردوغان بامور استعادة الامجاد العثمانية وقيادة الاخوان المسلمين.
يبدو أن احلام السلطنة تبددت وقيادة الاخوان لا تجلب راحة البال ولا الهدوء للرئيس التركي مريض القلب، اذ نصحه طبيبه الإسرائيلي بالراحة وتخفيف الاعباء خاصة وان الرئيس اردوغان على عتبة انتخابات جديدة ستحدد مصيره الشخصي ومصير حزبه، العدالة والتنمية، مع بروز خصوم كانوا في الماضي القريب شركاء.
تركيا تعود للمحور المعتدل بعد تجربة غير ناجحة مع محور الممانعة والتطرف خاصة وان إيران قائدة ذلك المحور لا تقبل المشاركة مع احد.
هجوم اربيل
إيران هددت إسرائيل بضربها بعيد استهداف موقع إيراني في سوريا ومقتل ضابطين من قوة قدس التابعة للحرس الثوري الإيراني وايضا بسبب قصف إسرائيل لموقع إيراني يحوي مسيرات وتدمير اكثر من مائتي مسيرة داخل الاراضي الإيرانية، اللافت انه في كل مرة تستهدف إسرائيل موقعا إيرانيا في سوريا أو غيرها وتقتل عناصر لإيران تهدد إيران بضرب مصالح إسرائيلية في الخارج، تنفذ بعضها بنجاح مثل اربيل وتفشل في معظم الاحيان مثل محاولة ضرب سفارة بالهند أو قنصلية في تايلاند أو اغتيال رجال اعمال إسرائيليين في تركيا أو قبرص ولا اصل مسيراتها المفخخة أو المحملة بالمتفجرات إلى اهدافها في إسرائيل أو الاراضي الفلسطينية.
إيران لا تهاجم إسرائيل على ارضها مع أن إسرائيل تضرب في إيران وتفجر مفاعل نطنز وتخرب منشآت نفطية ومواقع صواريخ باليستية وتضرب مصالح حيوية من كهرباء ومصافي نفط وغيرها في الداخل والخارج اذ تسرح طائرات وصواريخ إسرائيل وتمرح في سوريا ولبنان واليمن والعراق.
هجوم اربيل ما زال غامضا، والمخفي فيه اعظم من المكشوف وقد تكون إسرائيل تلقت ضربة موجعة ستضطرها للرد مباشرة ضد إيران فهل تكون الحرب الاوكرانية مقدمة لحرب إسرائيل وإيران في ظل تعثر المفاوضات النووية والعودة فيها للمربع الاول؟
ادارة بايدن وصِبيانه
الولايات المتحدة قد تكون في ادنى حالاتها بعد انفجار الحرب الاوكرانية واستخفاف فلاديمير بوتين بتهديدات بايدن الخجولة ووقوف أوروبا والناتو موقف المتفرج المشجع في هذه الحرب.
الولايات المتحدة وأوروبا من بعدها يستعطفون السعودية والامارات رفع انتاج النفط لوقف ارتفاع الاسعار الجنوني بسبب الحرب والتوترات الاخرى في العالم.
كل ذلك يحدث بعد عجز الولايات المتحدة وحلف الناتو عن وقف آلة الحرب الروسية عن التوغل في أوكرانيا حليفة الغرب النائم المتشرذم بين نفط إيران وغاز البحر الاسود والمتوسط وخيرات الخليج الجمة، سياسة الغرب الاستشراقية اكل الدهر عليها وشرب فهي لا تُنتج غير التشنجات والخلافات والتوتر.
اسعار النفط في ارتفاع كبير و"ما راحت" غير على المواطن العادي من موسكو مرورا بفرنسا وبريطانيا والى الاميركيتين ومن بعدها الشرق الاوسط وصولا إلى الصين وضواحيها، اما صبيان بايدن فيسعون جاهدين لتوقيع اتفاق مع إيران ظنا منهم انهم ينقذون العالم.
دوائر ونقاط
اتخاذ القرارات لا يحتاج إلى دوائر واقسام وخطوط عريضة أو رفيعة، اتخاذ القرار يحتاج قيادة مسؤولة واشخاص حكمتهم في عقولهم.
التعليقات