قبل ثلاث أو اربعة أسابيع لا أذكر بالتحديد انسحبت اسرائيل ورفضت اللعب مع المنتخب الروسي معللة بذلك أن روسيا احتلت أراضي اوكرانية وأن ذلك مخالف لقيمها. وسط ترحيب وتصفيق من قبل الفيفا والمجتمع الدولي ولكن عندما انسحب الملاكم الجزائري فتحي نورين لرفضه اللعب مع اسرائيلي قامت القيامة وتمت معاقبته واقصاءه من اللعب في المسابقات الأولمبية، بدعوى أن الرياضة لا علاقة لها نهائيا بالسياسة، فماذا تغير الآن؟
من سخريات القدر أن كيان غاصب ومحتل احتفل قبل شهر من الان بذكرى 73 لأحتلال فلسطين يستنكر ويدين بكل صلافة احتلال بلد اخر.
جميعنا ندين ونستنكر احتلال أو غزو اي بلد سواء كان عربي أو غير عربي اسلامي أو غير أسلامي وأن غزو دولة عسكريًا لبلد آخر يعد احتلالًا واستعمارا بغض النظر عن الدين او القومية، فالاصل في الاشياء عدم استخدام القوة المسلحة لغزو بلد ولهذا فالغزو العسكري هو احتلال عسكري في كل الاحوال.
لكن ما يصدمنا كعرب ومسلمين ان العالم يكيل بمكيالين فيما يتعلق الأمر في القضية الفلسطينية كأنها غير موجودة على هذا الكوكب.
حيث تبين أن ديمقراطيتهم ان تكون معهم أولا ولربما يعطونك مساحة صغيرة توهمك بعدلهم وقبولهم لجميع الاراء ولكن هذا في الامور الهامشية فقط.
انخدعنا بالغرب لسنين بشعاراتهم الكاذبة وانسانيتهم الزائفة وتبين أن مصالح الغرب أهم من مبادئهم وديمقراطيتهم حيث فضحتهم الحرب في اوكرانيا وكشفتهم على حقيقتهم. حيث فجأة اصبح هنالك غزو ليس من عدو خارجي اسلامي او شرق اوسطي، بل من شعوب اوروبا فيما بينها، وصار هناك حديث عن احتلال، وقتلى من المدنيين، وكذلك ممرات آمنة لخروج اللاجئيين، لكنهم من شعوب اوروبية، وهذا كركب المشهد السياسي والاعلامي والانساني الاوروبي! وصارت الامم المتحدة تتحدث عن قرارات لادانة هذا العدوان وقتل المدنيين، وعن حق الشعوب في مقاومة الاحتلال! لا بل فان دول اوروبا واميركا تتسابق بشكل علني او مستتر لارسال صواريخ لاوكرانيا لمقاومة «المحتل الغاشم»، في حين يحاصر العالم ويجوع غزة لان فيها مواسير باسم صواريخ.
الضمير العالمي، وكذلك الامم المتحدة في موقف حرج امام منطقها من القضية الفلسطينية، الذي دعم احتلال وتشريد الشعب الفلسطيني، وأنكر حقه في الوجود والمقاومة، وصار الذي ينكره على الفلسطيني؛ يدعو اليه في اوكرانيا بل يمدها بالسلاح والعتاد.
ولمن لم يرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ما ورد على لسان المذيع الصيني، لي قونج، في 23 مارس الماضي عبر قناة شبكة تلفزيون الصين الدولية "CGTN"، أنقله- نصا- الفقرات التالية من حديثه عن فلسطين:
" لماذا العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا تنتهك القانون الدولي، بينما الضربات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وممارسة الفصل العنصري في القدس، لا تنتهك القانون الدولي؟
لماذا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات شاملة على روسيا، حتى القطط والكلاب الروسية لم تنجُ منها، بينما أمريكا وأوروبا لم تعاقب يومًا إسرائيل؟ هل في نظر الغربيين أن الدم الفلسطيني من الدرجة الثانية، والإنسانية تُصنّف وفقًا للعرق واللون؟
وسيتوقف الاتحاد الأوروبي عن استيراد الغاز الطبيعي من روسيا لأنها احتلت أجزاء من أوكرانيا ، لكنه سيبدأ في استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل لأنها احتلت كل فلسطين.
التعليقات