لا يكاد يمر يوم الا ونشاهد او نطالع اخبارا عن احتراق او تعطل سيارات في شوارع المدن العراقية، والتي تتسبب بوفاة واحتراق من فيها بسبب رداءة جودة البنزين او استعمال الغاز فيها، وهي حوادث جنائية يجب ان يدخل الحق العام فيها طرفاً لان الاضرار والنتائج التي تترتب عليها لا تختص بالطرف المتضرر(صاحب السيارة) بقدر ما هي جريمة بحق المجتمع، لان السيارات المحترقة والطرق والشوارع والبيئة التي تتضرر من الاحتراق كلها اموال عامة وتلحق ضررا بالجميع.

ويمثل أعلان وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان ومحافظة أربيل يوم الخميس 28 تموز 2022 معاقبة 21 محطة وقود بسبب رداءة جودة البنزين المباع والتلاعب بنوعيته، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحابها، كما انه خلال شهر حزيران الماضي تمت معاقبة 172 محطة وقود، منها 6 محطات عوقبت مرتين بسبب تكرار المخالفات، وذكر البيان أسماء محطات الوقود التي كررت التلاعب وطمأنت المواطنين بمواصلة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يقوم ببيع البنزين ذي الجودة الرديئة، داعياً إياهم إلى الإبلاغ عن المحطات المخالفة.

ان معاقبة قرابة 200 محطة تعبئة وقود للسيارات في مدينة واحدة (اربيل) وخلال شهرين فقط يبين حجم جرائم التلاعب والغش وخداع الناس وسرقة اموالهم بل وسرقة حياتهم التي مات الكثيرون حرقا بسبب احتراق الكثير من السيارات وهو ما يدفعنا الى السؤال عن: ماهية الاجراءات القانونية التي اتخذت بحق تلك المحطات؟ وهل ان هذه الاجراءات مناسبة مع جسامة الاثار والمخاطر التي تسببها والاضرار التي لحقت بالمواطنين؟

ان الغرامات او اجراءات الغلق لبعض هذه المحطات غير كافية لمعالجة هذه الجرائم التي يمكن تصنيفها بجرائم خطيرة يتطلب الامر تطبيق قانون العقوبات اولاً، وقانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 الذي مضت فترة طويله على صدوره لكنه الى حد الآن لم يفعل او يطبق، والذي نصت المادة (6) منه على حقوق المستهلك في الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بحماية حقوقه ومصالحه المشروعة، وما يثبت شراؤه أي سلعة أو تلقيه أي خدمة مبيناً فيها قيمة وتاريخ ومواصفات السلعة وعددها وكميتها ونوعها وسعرها، والضمانات للسلع التي تستوجب طبيعتها مثل هذا الضمان واعطت المستهلك وكل ذي مصلحة الحق بالتعويض أمام المحاكم المدنية عن الضرر الذي يلحق به أو بأمواله من جراء ذلك، والحصول على خدمات ما بعد البيع.

ان الحقوق التي منحها القانون للمستهلك هي حقوق كثيرة وكبيرة حيث اعطى القانون الحق ليس فقط للمستهلك المتضرر، وأنما يجوز كذلك لذوي المتضرر بالأضافة الى الغير المتضرر من فعل المنتجات المعيبة، ويمكن المستهلك رفع دعوى التعويض أمام المحاكم الجزائية، كما يجوز له رفعها أمام المحاكم المدنية، كما يستطيع التدخل في الدعوى المرفوعة على المنتج من قبل مجلس حماية المستهلك أو الجهات ذات العلاقة بصورة مباشرة، وللمستهلك اثبات مسؤولية المنتج بكافة طرق الاثبات، لان الضرر الذي اصابه نتيجة خطأ المنتج واقعة مادية يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات.

تفعيل وتطبيق قانون حماية المستهلك، وتشكيل مجلس حماية المستهلك ولجان التفتيش المرتبطة به هو في مصلحة المستهلك، أي في مصلحة الجميع لان القانون نظم اجراءات دعوى حماية المستهلك بصورة مفصلة وضمن للمستهلك الوصول الى حقه في التعويض بأسرع طريق.

وندعو الادعاء العام بوصفه ممثل المجتمع ان يوسع دوره ويقيم دعاوى الحق العام امام المحاكم الجزائية والمدنية وملاحقة اصحاب المحطات والتجار والمستوردين للبنزين وكل البضائع والسلع التي يتم تقديمها بطريقة الغش والخداع والاحتيال على المستهلك الذي اصبح الطرف الضعيف بل الاضعف في كل معاملة، لان المسؤولين والسياسيين واصحاب النفوذ هيمنوا وسيطروا على التجارة والاستثمار مما جعل المواطن بلا حماية ولا قدرة على مواجهتهم وهو حال العراق الذي يعيش المواطن والمستهلك العراقي بدون أي حماية وان القانون هو مجرد حبر على ورق.