الأزمة السياسية في العراق مازالت تراوح في مكانها وبادرة من هنا وبادرة من هناك لكن دون وجود بارقة أمل تلوح في الأفق فبعد أقل من شهرين بقليل سيمر عاما كاملا على إجراء الانتخابات العراقية التي أجريت في شهر تشرين من العام الماضي.
فالاطار والتيار الصدري متمسكين بموقفهم ولم تفضِ المحادثات حتى الآن إلى انفراج في الأزمة فبعد دخول جماهير التيار الصدري الى المنطقة الخضراء وإغلاق بناية مجلس النواب العراقي، رفضا لترشيح تحالف قوى “الإطار التنسيقي” محمد شياع السوداني لرئاسةالحكومة المقبلة توقفت المفاوضات نسبيا.
حيث اتهم الإطار التنسيقي التيار الصدري بالتعدي على هيبة الدولة ومؤسساتها وحذر زعيم الاطار التنسيقي نوري المالكي من “إراقة الدم بين العراقيين” معتبرا أن “دخول المتظاهرين من أية جهة كانوا إلى باحات مجلس النواب والتجاوز على الحماية الأمنية للمنطقة الخضراء يعد انتهاكا سافرا لحق التظاهر المشروع”.
ورغم محاولات البعض الترويج لحصول مواجهات، بين المحتجين والقوات الأمنية والعسكرية في بغداد، إلا أن الصور والفيديوهات المباشرة أكدّت وجود تواطؤ وتنسيق وتسهيل ما بين حكومة الكاظمي والتيار الصدري، بل وحتى مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. فالكاظمي الذي سيستفيد حكماً من إطالة مدى الانسداد السياسي، اكتفى بإصدار بيانين شدد فيهما على المتظاهرين بالالتزام بسلميتهم، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم، حسب الضوابط والقوانين، داعياً إياهم إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء. ثم دعا في بيان ثانٍ المتظاهرين، بالانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب.
اقتحام مجلس القضاء الأعلى
ولم تكتفي جماهير التيار الصدري في اقتحام مجلس النواب بل توجهوا نحو مجلس القضاء العراقي الأعلى في 23 من هذا الشهر وأقدموا على نصب خيام الاعتصام أمام مبنى مجلس القضاء الاعلى مطالبين بحل مجلس النواب العراقي وقرر مجلس القضاء تعليق عمله وعمل المحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا احتجاجا على تصرف الجماهير الصدرية الذي اعتبر أن حل مجلس النواب خارج مهام عمله وكما طالب بإبعاد الخلافات السياسية عن القضاء العراقي.
اصلاح الخطأ
يبدو أن التيار الصدري يحاول اصلاح خطئه الجسيم المتمثل في استقالة جميع نوابه من مجلس النواب الذي سبب فراغا سياسيا واستغله الإطار التنسيقي احسن استغلال فهو كان يراهن على اخطاء التيار حتى يسير اللعبة مثل ما يراد.
مقتدى الصدر علم خطئه متأخرا وحاول على وجه السرعة مسك زمام الامور قبل فقدان المناورة السياسية وسارع بتقديم مقترح حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة تشرف عليها الأمم المتحدة لكن مقابل ذلك يجب أن يبقى العمل على نفس النظام السابق للانتخابات ونفس مفوضية الانتخابات وهذا الطلب قوبل بالرفض من قبل الإطار الذي طالب بالتصويت على الحكومة الجديدة وتغيير القانون السابق وتغيير مفوضية الانتخابات وبعدها يصوت مجلس النواب على حل نفسه والذهاب نحو انتخابات مبكرة.
الموقف الكردي
تشير الانباء القادمة من كردستان الى حصول اتفاق بين الحزبين الكبيرين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني ونص هذا الاتفاق هو تغيير رئيس الجمهورية برهم صالح والاتفاق على مرشح تسوية جديد لرئاسة الجمهورية اتساقا مع الوصفة السياسية التي اخترعها بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بعد الغزو، أي الرئاسة كردية ورئاسة الحكومة إسلامية شيعية فيما رئاسة البرلمان يكون مسلما سنيا، وهي نسخة مكررة للنسخة اللبنانية وفي حال تم تأكيد هذاالاتفاق فهذا يبشر لحصول تقدم جيد في مسار حلحلة الأزمة العراقية ولو جزئيا.
الموقف السني
الموقف السني هو الموقف السياسي الأكثر تماسكا من باقي الاتجاهات فهو يشير الى الاستقرار النسبي بين الحزبين الاكثر حصولا على مقاعد مجلس النواب تحالف عزم برئاسة خميس الخنجر وحزب تقدم بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ولا توجد خلافات كبيرة بينهم وصوتهم موحد على موقف واحد وهو مع تشكيل الحكومة وحل مجلس النواب وسرعة إجراء انتخابات مبكرة.
مخرج للأزمة السياسية
المخرج الوحيد للأزمة العراقية الراهنة هي جلوس جميع الأطراف بما فيهم التيار الصدري لادارة حوار موضوعي وشفاف، وضرورة ابداء المرونة وتقديم والتنازلات اللازمة بينها كما وندعو الاحزاب السياسية الى تحمل المسؤولية وتبدية مصلحة الوطن والمواطنين على المصالح الضيقة ونشد على أيديكم بتشكيل حكومة وطنية على وجه السرعة فالبلاد لا تحتمل تأخيراً بعد الآن.
التعليقات