أزمة سياسية تعيشها بريطانيا سببها ضعف الاستقرار السياسي والتغييرات التي تحصل في اوربا جراء الازمات المتعاقبة والتي اطاحت برئيس الوزراء البريطاني السابق (بوريس جونسون) من حزب المحافظين، ثم ترشيح وانتخاب (ليز تراس) التي تولت رئاسة الحكومة لمدة 44 يومًا فقط لتعلن استقالتها وتفتح ابواب الازمة من جديد.

ازمة بريطانيا هي البحث عن زعيم لحزب المحافظين الذي يحتل الاكثرية في مقاعد مجلس العموم البريطاني (البرلمان) وبالتالي يحصل على اكثرية الاصوات التي تجعله يصل الى كرسي رئيس الوزراء، وهو سباق يعتمد على الخبرة والكفاءة والقدرة على تقديم الوعود القابلة للانجاز، والا سيكون مصيره كمصير سابقيه.

هذه الازمة بسيطة وهي ضمن حزب واحد يقبل بالتعددية ولا يرفع شعارات (ما ننطيها لأحد) فمن الممكن ان يصل الى هذا المنصب الاول شخصا بريطانيا (اصلياً)، اومن اصول هندية (ريشي سوناك) اوربما حتى اصول عراقية (الزهاوي)، لان الديمقراطية وآليتاها ونتائجها محترمة ومطبقة بالسلوك والتصرفات الشخصية اليومية قبل ان تكون منهاج ودليل عمل للسياسيين الملتزمين بها قولا وعملا، لان الحزب عندهم "ليس وسيلة لتحقيق الطموحات الشخصية لأي فرد" بل للخدمة العامة واختيار الاكفأ والاجدر.

هذا ما يجعلنا نفكر بالأزمة العراقية التي هي ازمة زعماء، لان الكل يعتبر نفسه زعيماً ورئيسا وقائدا وبالتالي يصعب الوصول الى أي حل في ابسط المواضيع، وهي ازمة ليست خاصة بالعراق وانما الكثير من دول الجوار والشرق الاوسط (التعبانه مثلنا)، والتي ترتبط بالتربية الحياتية والموروث الاجتماعي بل وحتى العائلي الذي يفرض او يُفصل ادوارا ومناصب لكل عائلة اوشخصية تصل الى منصب ما، فيحاول ويقاتل ان يجعل هذا المنصب حكرا او ارثا عائليا له ولأقاربه ومنطقته وقوميته ومذهبه.

في حياتنا العراقية اليومية ابن الحاكم حاكم وابن الضابط ضابط وابن الوزير وزير وهكذا تدور ماكينة التفكير والتلقين والايهام من ايام الطفولة الاولى التي تجعلهم يرتدون البدلة العسكرية وكلهم برتب عالية ويحملون نجمات كثيرة من دون ان نرى او نجد طفلا يرتدي بدلة عريف او رئيس عرفاء سوى الفنان المرحوم سعدي الحلي عندما قدم انشودة (صار النصر محبوبنا) للجيش العراقي.

الازمة العراقية مستمرة الى وقت غير معلوم وحافلة بالمفاجآت وكل شئ متوقع او غير متوقع ممكن ان يحدث بالعراق الذي ينفرد بدخوله العام الثاني بعد اجراء الانتخابات المبكرة الى اليوم بدون حكومة، تُرى ماذا لو كانت الانتخابات اعتيادية؟ ولم تحدث تظاهرات ولا شهداء ولا ضحايا فربما كانت تتأخر الى عدة سنوات!!.

اما في بريطانيا فالموضوع واضح وبسيط أي انه حتى يوم الاثنين يتم تقديم تزكية المرشحين لمنصب رئيس الحزب، بعد ذلك يتعين على النواب إما الاتفاق على اسمين ويتوجب على أعضاء الحزب اتخاذ قرار بشأنهما عن طريق التصويت عبر الإنترنت بحلول الجمعة 28 تشرين الأول/أكتوبر، وإما على اسم واحد يتولى بأثر فوري منصب رئيس الوزراء وينتهي عندهم موضوع البحث عن زعيم.

#فضاءـالرأي