الزيادة السكانية المرعبة داخل بلدى مصر تُولد ما أطلق عليه بعض الكُتاب والصحفيين مصطلح "ثقافة الزحام" تلك الثقافة التي تعتمد على المثل الشعبي القائل "أنا وبعدي الطوفان" وذلك لأسباب عديدة يمكن سردها في عدد من النقاط.
وفق رؤيتي ومعايشتي اليومية لتلك الثقافة في مجتمع الـ 100 مليون نسمه، كلما زاد أي شيء بالحياة عن حد الاكتفاء أو التشبع أصبح رخيصًا بلا قيمة، بداية من المشاعر مرورًا بالممتلكات والأموال نهاية بالبشر.
ولأننا بمصر نزيد عدديًا بلا وعي أصبحنا كبشر بتلك البقعة من العالم بلا قيمة حقيقة مجرد كائنات حية مجازًا تأكل وتشرب وتنام وتتكاثر كالحيوانات الضالة أحيانًا وتموت كما جاءت بلا إضافة لمجتمعها أو العالم.
في ظل الزحام تختفي الطبقة الوسطى، حيث يصبح الغني أكثر غناء وتتسع ثروته وتتضخم ويحتل كل منابر المجتمع من إعلام وتعليم وثقافة وفرص حياتية ومهنية بمعنى أدق يحتل كل سبل الحياة الأدمية. يواجه تلك الطبقة مباشرة الفقر بتنوع درجاته وما يشمله من أفراد مفخخة باستعداد فطري للجريمة والإرهاب وإعطاءها المشروعية عبر تفسيرات فاسدة للنصوص الدينية، ولوي للمبادئ الإنسانية والأخلاقية. وهنا الخطورة فصناعة أفراد بضمير "إنساني فاسد" لن ينصلح بسهولة كما أن ضحايا إصلاحه ممن لا ذنب لهم يزدادوا كلما تأخر الإصلاح.
لا أساتذة في الزحام وثقافته ولا تعليم ولا تسليم من جيل لجيل بأي مجال إبداعي أو غير إبداعي، الجميع متمسك بالجمود متمسك بمكانه لا يبارحه سوى إلى القبر، ولهذا لا عجب أن تجد أن جيل الراحل وحيد حامد كان تقريبًا أخر جيل بمصر تمتع بفكر وجود أساتذة وإضاءات بالطريق للوصول للإبداع للوصول للناس. الأن حدث ولا حرج تستقطب أساتذتك من عالم الموتى من التاريخ تبحث وسط الماضي عن معلم وقيمة، لأن الواقع ليس إلا حفنة من الذئاب التي لديها اعتقاد راسخ أن وجودك معناه فنائهم في إنكار واضح للتنوع ونظل بدائرة إما أنا أو أنت معركة وجود تستخدم فيها كل الأسلحة الغير مشروعة.
الزحام يخلق الفوضى في كل شيء وأي شيء بدءًا من السير بالشارع مرورًا بالمؤسسات المختلفة نهاية بفوضى الدماغ، وواحدة من المشاهد الدالة على تلك الفوضى إشارات المرور التي تتوقف تمامًا بعد أن تتسابق السيارات في محاولات فوضوية بائسة قنص العبور أولاً دون مراعاة للأخر فينتهي الأمر بالتوقف التام لا أحد يتحرك.
الزحام يخلق عدم الاحترام للقوانين.. عدم احترام مساحات كل فرد.. يدعم الكذب والتلون والبذاءة.. يدعم الشر والفساد.. يدعم الأنانية والجمود.. يدعم نفي الأخر وقهره أو قتله بدم بارد.. البشر بمصر أصبحوا ثروة تخريبية فهل من مُنقذ لأحفاد بناة حضارة ال 7000 عام؟
" شكة "
** عامل الناس بالطريقة التي تناسبهم وليس بما ترجوا أن يعاملوك به.
** نحن من يصنع من بعض البشر ألهه ثم نبكى لتجبرهم.
التعليقات