ما زلنا في رحلة داخل أنفسنا عنوانها "تحقيق السلام النفسي" من خلال الأتصال المتناغم بين كل مكونات نفسنا البشرية.
اليوم سيكون حديثنا عن "حب الذات أصل كل الخير وليس مبعث الشرور" بث في أذهاننا لسنوات طويلة بالمدرسة والمنزل ودور العبادة والأعلام - وكل ما يمكن إعتباره أداة تأثير لصنع التفكير وبناء الشخصية - أن "محبة الذات" هى أمر مساوى للأنانية ومدعاه للنفور.
النتيجة الطبيعية لفكر "لا تحب ذاتك حتى لا تكون أنانيًا" كان دومًا أناس يعيشوا حياة محطمة، بحيث نضبت تربة حياتهم عن الإثمار الحقيقي والنجاح الحقيقي.
بل ويؤسفنى القول أنه مع الإمتداد الطبيعي للسقوط في بئر "لا تحب ذاتك" أصبحت حياة كثيرين بيئة خصبة للإيذاء المتبادل مع البشر والحجر والكون كله.
مبدئيًا لا بد من التأكيد على أن الخوف من "محبة الذات" وربطه بالأنانية، لا يصدر إلا من شخص لا يشعر بالسلام مع ذاته والحب لطفله الداخلي، ولهذا يتخذ سلوك دفاعي بالرفض للفكرة كنوع من الحماية ورده الفعل التلقائية للنقص للألم للمعاناة.
لهذا أنا متعاطفة جدًا مع أولئك الرافضين لـ"محبة الذات" وسلسة المقالات حتى الحلقة 10، هى لهم كدعوة لإختبار النعمه والخير والتناغم والتحقق والوفرة والتى سيختبروها فور بدء عملية "محبة الذات" التى تبدأ مع وعينا بالحياة ولن تنتهى إلا بمغادرتنا لتلك الحياة.
فـ "المحبة للذات" عملية ممتدة ومتطورة مع سنوات الحياة أي أنها حيه دومًا. ودعنا نبدأ اليوم بالحديث عن ثلاث خطوات للمبتدئين في درب المحبة لذواتهم.
** المُحب لذاته لا يتحدث مع تلك الذات بلغة هجوم أو تخويف أو إهانه، وذلك يُعنى أن ذلك المُحب لا يعيش داخل وعي "اللوم أو الضحية أو الجلاد" الخروج من تلك الثلاثية المدمرة تخلق شخص مُتمكن من حياته، وقادر على تغيير مسارها دون ضجة مُفتعلة تُصيب الأخرين بنيران حارقه لا داعي لها.
وعي اللوم أو الضحية أو الجلاد شديدي الخطورة على أي علاقة بين مجموعات أو حتى مجتمع كبير لماذا؟ لأن الإنسان الذي يعيش في حالة لوم مستمرة لمحيطه وأهله ومجتمعه وووو يشعر بداخله بالضألة التى هى = الضحية. ومن ثم لا يتحرك بحياته لأي نقطه تطور، فقط يلوم ويشعر بالأسف لذاته فهو دومًا وأبدًا ضحية في يد كيان ما مادي أو بشري.
ذلك الوعي عندما يكون جمعي يؤدى لمجتمع لا يتحرك أبدًا لا ينمو، فقط يُريد الثأر من حدث تاريخي أنتهى أو من شخص كان في سده السلطة ومات وأنتهى أيضًا، أومن أب وأسرة أنتهت أو موجوده دون قوة تأثير.
بنى أدم إن صح التعبير "الأثر الرجعي بالحياة" خطير وثابت ومؤذي لنفسه ولغيره ولا يحب ذاته ومن ثم لا يحب غيره ولا يصنع فارق بالحياة، ولغته العدائية مع ذاته دومًا هى لغته مع الأخرين.
** المُحب لذاته يفهم معاني كـ "العطاء، الرحمة، الدعم" بالموضع الصحيح، ولهذا هو شخص يفهم معنى "الحدود borders" ولكن بالمجتمعات التي لا تفهم أن الحدود الشخصية حماية لتواصل إنساني صحي، يعتبروا أن كل إنسان محترم لحدوده "مغرور، أناني" وهى أمور غير صحيحة على الإطلاق.
الغرور والأنانية مصدرها مشاعر خوف وعدم حب للذات، ولكن الحدود مصدرها الحب للذات الإنسانية العظيمة الخلق. ومن يضع حدود لتحمي ذاته وفق مفاهميمه هو لحياته التي تتناسب مع كونه ذات مستقلة لها تطلعاتها وأمالها وأفكارها عن الحياة، إنسان قادر على الإبداع والعطاء لمحيطه ،لأنه يمنح لذاته الفرصة لتحقيق ذلك، إما الإنسان المُستباح بلا حدود ولا وعي لما يمكنه وما لا يمكنه القيام به هو بائس جدًا ولا يقدم لنفسه أو لغيره نفع حقيقي.
** المُحب لذاته لا يحكم على الأخرين ويضعهم بقوالب، ولا أقصد هنا أبدًا أن يتعاطف مع الجرائم الإنسانية ولا يضع الإرهابي أو القاتل بقالب "الجريمة" بالطبع لا ومليون لا. إنما أقصد الأحكام التى هي تعكس كراهية للذات، بمعنى لا أحكم على سيدة جميلة وتحترم أنوثتها بأنها "عاهرة" أو تستحق أن يتم إستباحتها كجسد وروح وكيان فاعل.
الحكم على الأخرين المتواصل يؤكد إننى أحكم على ذاتي على ما أكرهه بنفسي، فعندما أري الأنوثة = العهر ذلك معناه أننى أكره أنوثتي. وهكذا أترك لكم عنان فهم معنى "الأحكام".
يسعدنى مشاركتى أرائكم بالتعليقات... أترككم في رعاية الله وأمنه وسلامه لحلقه جديدة.
التعليقات