محبة المال أصل الخير وليس الشر ـ وحقيقة أتعجب من تكرار الحديث على أنه - المال - ليس أساس بحياتنا، وليس هدفًا في حد ذاته بل ونتمادى في "التمثيل والإدعاء" ونصدق أنفسنا، لنؤكد أن القيمة الأخلاقية أو الفكرية أعلى من القيمة المادية للأوراق الخضراء والصفراء ووو. وذلك بأي حال من الأحوال بتصوري ليس بالحقيقي في سلوكيات غالبية البشر.

المال هو أساس بحياتنا سواء كنا أفراد أو مجتمعات وبدونه لا نستطيع التحرك نحو تحقيق الأهداف الحياتية سواء كانت تلك الطبيعية منها كـ"حق"، أو ذلك الذي يقع بإطار "الطموح".

أى دولة على سبيل المثال تبحث دومًا عن تطوير مصادر دخل "مواردها المالية" وفي حال تدنى تلك الموارد، يحدث إعاقة بشكل أو بأخر في تنفيذ مشروعات بعينها، إذن الفكر المجرد بحد ذاته دون مال لا قيمة له ،والمال دون فكر إهدار.
انطلاقا مما سبق ذكره وبنظرة لما حولنا على نحو "متفحص" تجد أن ما ندعي كراهيته أو وصفه بغير المهم "المال" هو أصل لكل كراهية ورفض ونذالة وأنانية وكذب بين البشر مهما كانت دقة العلاقة فيما بينهم، فالأخوة يتناحرون ببعض الأحيان من أجل تقسيمات أموال ورثهم عن والديهم مثلاً، بعض الأبناء قد يدفعون بأهلهم كبار السن للمحاكم للحجر عليهم والاستيلاء على أموالهم، كل تلك العلاقات وقس عليها الكثير تتفكك وتنهار بل وتتحول لانتقام وعداء وكراهية وحقد من أجل ذلك الذي ندعى إهمال تأثير وجوده "المال".

بوصفي أنثي يعنيني أكثر كيف يمكن أن يُفسد الملل علاقة زواج وحب ويحولها لشكل أخر من الرفض بأحسن الأحوال أو الكراهية والاحتقار والرفض في أكثر الحالات سوءًا. وبنظرة لتجارب السابقين بقصص الزواج والحب تجد أنماطًا متعددة للشراكة المالية الزوجية والتي تعكس بشكل أو بأخر قيمة "المال" واستخدامه كآلية سيطرة أو إبلاغ إذلال أو ممارسة خداع. هناك من تكون أموالهم كزوجين معًا في حال عمل منهم وتحصله على راتب مقابل ذلك، وتقسيم تكاليف مفردات الحياة فيما بينهم على نحو متساوي من واقع جمع الراتبين معًا، وتلك النوعية بتصوري تكون بين أطراف واثقة من الاستمرار معًا، وإن لم تكن واثقة فالجمع المالي هذا فيما بينهم سيؤكد شراكتهم وسيدعمها، ويصبح الانفصال عن ذلك الشريك ضياع مالي لا حدود له، ومن ثم الاحتفاظ به – ذلك الشريك - من قيمة الحفاظ على المال ذاته.

هناك نمط أخر حيث يكون الرجل شاكًا في نوايا امرأته أو العكس، فيكون لكل فرد ذمته المالية المنفصلة الغير معلن عن تفاصيلها وتكون مفردات الحياة من حيث الإنفاق بالاتفاق فيما بينهم، فمتى كانت الزوجة عاملة تحملت جزء- غالبا ما يختلفوا حول جزء كل منهم فهي تقول أنت الرجل ملزم بالجزء الأكبر وهو يقول المساواة أمر مهم أين روحك التقدمية كامرأة معاصرة؟ - ومتى كانت غير ذلك يكون ذلك الزوج ملزمًا بالإنفاق عليها وعلى أبناءه منها بإطار واجبه الاجتماعي والقانوني والديني أيضًا. الآن بعالمنا المعاصر الجميل ومع ارتفاع حدة "المادية" على نحو مخيف، أصبح البعض من الرجال لا يعتبروا أن الحياة متى كانت بعلاقة زواج ماديًا مسؤوليتهم بالمقام الأول، مستغلين على نحو كارثي ومتدني وهو بأصله استغلالي فكرة "المساواة" للتنصل من المسؤولية. من مفارقات القدر الحزين أن تجد رجالًا معتبرين أنفسهم "ضيوف" بما هو مفترض أنه بيتهم، وأمثال هؤلاء لديهم "عمى" لا يرون سوى احتياجاتهم، ومن ثم دائمًا ما يحتاجوا لأن يُتم تذكيرهم بما عليهم فعله لتبدأ "المساومة" على كيفيات التنفيذ ثم وضعها بخانة "ما فعلته لكي" لاستخدامها وقت المساومة على أي احتياج أخر وهكذا تستمر الدائرة الجهنمية بين المانح والسائل بعلاقة مشوهة ليس بها مسؤلية، وإنما "مانح" يلقي بمساعداته من حين لأخر بما لا يضر بمنافعه لمُتلقي يساوم على الحب مقابل تسديد الاحتياج. وتستمر الدائرة الجهنمية ومع الدوران بها يضيع كل ما هو جميل ويتبقي البؤس الذي يقود بدوره للنهاية الطبيعية للمسؤلية المشوهة وللحب المدفوع الثمن. لهذا لكل فتاة تقابل مثل تلك النوعية من "الرجال" لا تدخلي الدائرة الجهنمية تلك، فالخزانة أفضل مئة مرة من الندامة مع رجل تدفعيه دفعًا ليكون مسئول معك وعنك ماديًا، وجوده سيستنزفك نفسيًا وفكريًا وبدنيا، وجوده سيطفئ الضي بعينك والوهج بأنوثتك والأمل بفكرك.

" شكة"
** الأنانية سلوك تكشفه معاملات "اختيار المنافع" ولا تعكسه معاملات العواطف الجنسية البحتة.
** إعلان موت أحدهم من حياتك لا يكون "رسميًا" إلا بوجود أخر يحتل مساحته السابقة.

#فضاءـالرأي