دعونا نطوي عهد الصحوة الإسلامية بعد خسائر فادحة، ونقول "أهلاً" للصّحوة المدنيّة، التي بدأت الأخيرة عند غرق الأولى في وحل السّياسة وتفرغها في السيطرة وفرض الوصايا على المجتمع من منظور دُنيوي عزل عالمنا العربي عن الحداثة!
منذ سبعينيات القرن الماضي، ظهرت صحوات مناهضة لبعضها من نفس العباءة الدينية، وهي حملات للقضاء على أشكال الحياة المدنية ووسطية الأديان، التي لم تُهاجِم المُختلف وتفرزه وتأمر بقتله حتى يقول أشهد أن لا إله إلى الله، وكل ذلك للّسيطرة على هذه المجتمعات بنصوص دينية ضعيفة إرهابية لا يستفيد منها إلّا من ادّعى صحّتها.
ومنذ ظهور الصحوة الدينية المتطرفة - استمر بعض الأشخاص والجماعات في البلدان العربية بليبرالية وحُرية نمط العيش، الذين حاولوا على مر السنين أيضاً أن يضعوا إطاراً قانونياً يحفظه بعيداً عن وِصايا رجال الدين المتطرفين، نجحت أمثلة بسيطة، وفشلت الكثير بعد حملات إقصاء اجتماعي واغتيالات وإرهاب فكري طالهم وأُسرهم ومن يعلن توافقه مع تلك المبادئ والقناعات.
فاستخدم هؤلاء عبارة "ازدراء الأديان" وجعلوا منها قانوناً يُقصي المُفكّرون، و عبارة "إنكار معلوماً من الدين بالضرورة" وهي التي تُكفّر من تنطبق عليه، ومن ثم جواز قتله مُرتداً!
ثم أتى الاستثناء، مالم نتوقعه أو نحلم به في هذا الوقت العصيب، صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان!
كسر القواعد الإرهابية، نادى بالوسطية، نظر لشعبه وإمكانياته وموارد بلده بنظرة القائد المسؤول، شق طريق تحصيل أموال البلد المسروقة، وضع خطة مُحكمة تليق بعِظم هذا البلد ومُقدّراته ومصيره ومكانته الإقليمية.
لم يكتفِ هنا، بل انتقل لحقوق مدنية ومساواة بين الجنسين، يعطي المرأة السعودية دورها الحقيقي المسلوب في أن تحدد مصيرها وتعيش حلم الإنجاز وأن تكون جزء من هذه القداسة المدنية لمشروع 2030 والتّضحية من أجل إعلاء راية المملكة العظمى.
الأمير محمد بن سلمان: "...وهذه الأحاديث قوية جدًّا، وعلينا أن نتَّبعها، وعددها قرابة 100 حديث"
إن تقليص ما يقارب أربعة عشر ألف حديث (14،000) إلى مائة حديث، يُعتبر المشروع الاجتماعي الأهم على الإطلاق للمنطقة! والذي قد ينتج عنه منهجاً تعليمياً جديداً، وقواعد قد تغيّر موازين الخطاب الديني وتعيده لأصل وسطيته أو كما قال صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس الوزراء.
نرى تقلّب وجه أتباع التيارات الدينية المتطرفة في المساحات التويترية من رواسب الصحونج في المملكة والكويت تحديداً من هذا المُصاب الجلل في مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، وما قد ينتج عنه من تحديد صلاحيتهم في مُمارسة الدين بشكله الحالي، وأن ينتقلوا إلى الصياغة الجديدة ذات الروح المدنية المُسالمة.
التعليقات