نحن لا نؤمن بالتنجيم لكننا نصدق الإحتمالات ويأخذنا الفضول للتسمر أمام التلفاز لمشاهدة المنجمين وعلماء الفلك للكشف عن توقعاتهم المتعلقة بأبرز أحداث العالم، فهل تبدو توقّعات المنجّمين للسنة الجديدة صدفة أم حقيقة عندما تتحقق؟
اللافت أنه بالرغم من التطور في ميادين التعليم والطب وغيرها، فإن المحطات الفضائية تحتفي في ليلة رأس السنة الميلادية بالمنجمين و المتنبئين بالمستقبل، يجد المتفرج نفسه متابعاً مشدوداً بدافع الفضول لوابل من الأكاذيب و التنبؤات التي لا تمت للواقع بصلة، تكهنات تتكرر سنة بعد سنة لا تختلف في تفاصيلها بالكثير أو القليل ومع ذلك فقد أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة.
إن استغلال وسائل الإعلام لهذه الظاهرة وخاصة في ليلة رأس السنة، مرده إلى تحول المنجمين وعلماء الفلك إلى باب ربح يدر الكثير من الأموال، بفعل نسب المشاهدة المرتفعة التي يحققونها.
الواقع إن نجاح ظاهرة التنجيم تعتمد على طرفين، الأول هو المُنجم الذي يتمتع بذكاء وحنكة وبثقة كبيرة في النفس وقدرات مذهلة على الإقناع، والطرف الثاني وهو المتلقي الذي يمثل سيكولوجية الإنسان المقهور والمهزوم الذي يحاول البحث عن حلول ووصفات غيبية لمشاكله الواقعية، كما أكدت العديد من الدراسات في الوطن العربي أن نسب الإقبال على مراكز الدجل والمداواة بأدوات ومعارف غير طبية تعد نسباً عالية ومخيفة لأن الأرقام التي تضبط هذه الظاهرة وتفسرها تعد أرقاما مهولة. فالعالم العربي ينفق سنوياً أكثر من خمسة مليارات دولار على أعمال الدجل والشعوذة، وأن الإحصائيات أشارت إلى أن نحو 70 بالمئة من المترددين على الدجالين المشعوذين من النساء!
ويبقى السؤال مطروحاً، كيف لنا أن نعطي للدجل والتنجيم هذه المساحة الكبيرة؟ رغم إيماننا بمقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا"، بل وفي عصر العلم والتكنولوجيا.
مفارقة غريبة.
التعليقات