عد 100 يوم من بدء الانتفاضة التي غطت 282 مدينة إيرانية، خاطب أحمد خاتمي، إمام الجمعة في طهران، بالشباب الإيرانيین في صلاة الجمعة قائلاً: "كثير من الناس الذين انخدعوا في أعمال الشغب وتأثروا بالفضاء السيبراني. یا من في العشرينيات، في سن المراهقة، اعلموا أن أعداء شبابكم ومستقبلكم يستهدفونكم".

قبله، ادعى عدد من مسؤولي النظام أن الانتفاضة الحالية نتجت عن الوجود العفوي والغير هادف لـ "جيل Z"، الشباب الذين تمرّدوا على التقاليد القديمة بسبب حالتهم العمریة.

يقول عزت الله ضرغامي، وزير ثقافة الملالي، إن المحققين وحراس السجون في النظام لا يفهمون لغة المعتقلين خلال الانتفاضة وهم ناشئین.

وكتبت صحيفة اعتماد الرسمية "شباب السبعينيات والثمانينيات (حسب التقويم الهجري الشمسي) محبطون ومحاصرون في مشاكل عائلية ونتيجة لذلك يصبحون متمردين". وظهر الشيء نفسه لمدة شهرين في احتجاجات الشوارع أو على أسطح المنازل في جميع أنحاء البلاد".

بالإضافة إلى تلخيص الانتفاضة على أنها شباب متمرّدون أوالتمرّد بسبب العمر والانقطاع الثقافي، يزعم الملالي أن تعاملهم مع هذا الجيل كان استرشادیا وتعليميًا حتى يتمكنوا من الحصول علی الطريق الصحيح من خلال اكتشاف إنجازات النظام. في 30 كانون الأول (ديسمبر)، قال المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، "مثيري الشغب هم أبناؤنا المخدوعون: بعد التحدث إلينا لمدة نصف ساعة، يشكون من سبب عدم تقديمكم لنا إنجازات النظام عاجلاً!"

کذبان اثنان في هذا الادعاء:

الكذبة الأولى هي ادعاء التعامل الاسترشادي بدلاً من القمع: حتى اليوم، قُتل أكثر من 750 متظاهراً، معظمهم من الشباب، بالنيران المباشرة أو بالضرب من قبل الشرطة أو تحت التعذيب. حكم الملالي على 100 متظاهر بالإعدام وقتلوا أكثر من 70 طفلاً.

الكذبة الثانية هي أن الانتفاضة كانت نتيجة تمرد الشباب الذين انفصلوا ثقافيًا عن الجيل السابق، ووفقًا لإحدى صحف النظام، فإنهم "يعيشون في عالم مختلف عن العالم العقلي" لقادة النظام.

لكن الحقيقة هي أنه على عكس مزاعم قادة النظام، فإن الشبان والشابات الذين يخاطرون بحياتهم وينزلون إلى الشوارع ويصرخون "الموت لخامنئي" يعرفون جيدًا ما ذا يريدون وما ذا لا يريدون. يريدون الحرية والديمقراطية وحكم الشعب والتخلص من النظام الديني المتطرف. ولا يريدون حكم القوة والقتل والتعذيب من قبل الملالي والعودة‌ إلی الماضي.

هذه المطالب التي ترددت في شوارع إيران اليوم ليست جديدة على الإطلاق، وأهل إيران ليسوا غرباء عنها. كان عمر هذه المطالب أربعة عقود، في ظل حكم الملالي، وقبل ذلك تحت حكم الشاه.

تم اعدام ثلاثين ألف سجين في عام 1988 في غضون أشهر قليلة بموجب فتوی من الخميني وبید أمثال إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للملالي. في ذلك الوقت، كان جميعهم تقريبًا في عقد العشرین من العمر، تمامًا مثل أولئك الذين يبلغون من العمر عشرين عامًا. على عكس ما قاله الملالي، لم يكونوا منبوذين ثقافياً ولا جاهلين برغباتهم. هم أيضا کانوا یبحثوان عن الحرية. فاطمة مصباح، التي كانت تبلغ من العمر 13 عامًا فقط عند إعدامها في عام 1981، وضعت حياتها أيضًا من أجل قضية الحرية. وسلك أكثر من مائة ألف من شهداء المقاومة هذا الطريق بوعي تام.

قبل ذلك، في عهد شاه، كان معظم الأشخاص الذين تم إعدامهم من منظمتي المقاومة الرائدتين، مجاهدي خلق وفدائيي الشعب، هم أيضًا في العشرينات من العمر.

بالطبع، بعد المجزرة، بذل الملالي قصارى جهدهم لمحو الرغبة في الحرية والديمقراطية وحكم الشعب من عقول الجيل الجديد. هذا الجهد "الثقافي" المزعوم، ولكن ضد الثقافي للغایة، فريد من نوعه تاريخيًا. شارك الجميع في هذا التلاعب الثقافي، من الكتب المدرسية إلى الأفلام المصطنعة حتی الوكلاء السياسيين الأيديولوجيين في المدارس. حتى الآن، تم نشر مئات المجلدات من قبل أجهزة النظام المختلفة وتحت أسماء متعددة ضد منظمة مجاهدي خلق. "الموت للمنافقین" (مجاهدي خلق) هو الشعار الرئيسي لمراسم صلاة الجمعة الرسمية للنظام على مدى الأربعين سنة الماضية.

في عام 2019 وحده أمر النظام بعشرين مسلسلًا وفلمًا ضد منظمة مجاهدي خلق. في شهر يوليو من كل عام، تنظم وزارة الإعلام معرضًا للصور والوثائق في جميع المقاطعات الـ 31 لمدة أسبوع واحد حول عملية «الضیاء‌الخالد» التي نفّتها منظمة مجاهدي خلق عام 1988 ضد النظام.

لذلك، كان الجيل الجديد تحت القصف الثقافي للملالي منذ التعرّف على أنفسهم.

ومع ذلك، فإن الشباب في العشرين من العمر الذين يتشاجرون مع القوى القمعية في الشوارع هم بالضبط استمرار لمُثُل وأفعال مئات الآلاف الذين قضی علیهم النظام قبل عشرين عامًا. معظم أعضاء وحدات مقاومة مجاهدي خلق، التي کانت وراء استمرار الانتفاضة لأكثر من ثلاثة أشهر، هم أیضاً من ضمن هؤلاء الشباب.

هذا ليس انقطاعا وإنما استمرارًا لنفس المُثل بين الأجيال - أفكار حان وقتها.

الملالي يخدعون أنفسهم دون سبب: وقال فيكتور هوغو: "لا شيء أقوى من فكرة حان وقتها".
لم يستطع الملالي حتی لإبقاء أطفالهم في منازلهم بعيدًا عن التأثر بالمثل العليا نفسها. أعلن مصطفى میرسليم، عضو برلمان النظام والمرشح الرئاسي، عن اعتقال نجله والحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة أنه من أنصار منظمة مجاهدي خلق! کما أن نخبة الطلاب والشباب الذين فازوا بجوائز دولية يقبعون الآن في سجون النظام بنفس التهم.