تساؤلات عديدة حول الوتيرة التي تسير بها عودة العلاقات بين الأسد والحمساوية وعن سبب تأخر عودة الحركة الى دمشق اذ وبعد ستة أشهر منذ اعلان المصالحة التي أنهت عقدا من الخلاف يظل ملف المصالحة دون جديد يذكر كما يظل مكتب الحركة موصدا على الرغم من لقاء رئيس مكتب العلاقات العربية والاسلامية في الحركة خليل الحية مع الأسد، فهل كانت المصالحة مجرد بهرجة إعلامية أم انها تحتاج المزيد من الوقت لتنضج وتمر الى مرحلة العلاقات الطبيعية ما قبل الثورة؟
منذ بداية الثورة ظهرت خلافات بين الجناح العسكري والسياسي لحماس. حيث أعلن خالد مشعل قائد الجناح السياسي للحركة في الماضي عن دعمه للتمرد ضد الأسد، فيما ظل الجناح العسكري للجماعة قريبًا من طهران، داعمها العسكري الرئيسي وراعي مصالحها في دمشق. ويشير المراقبون أن توجه الجناح السياسي الى طي صفحة الماضي مع نظام الأسد جاءا تحت ضغوط من حزب الله وإيران، حيث تأمل طهران في إعادة بناء نسخة جديدة من محور المقاومة الذي يجمع إيران وسوريا ولبنان وفلسطين في وجه محور التطبيع الذي تشكل.
كانت خطوة الحركة لإعادة العلاقات مع نظام الأسد مغامرة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لحماس، نظرا للدعم الواسع الذي تتمتع به المعارضة السورية بين الفلسطينيين في غزة فضلا عن دعم قطر المادي لها، ولكن التقارب التركي الإسرائيلي وما نتج عنه من تهديد لقيادات الحركة المتواجدين في أنقرة الأخير أجبر الحركة الى السير الاتجاه الإيراني الرامي الى استعادة الحلقة المفقودة في شبكة تحالفاتها في الشرق الأوسط، في محاولة لإعادة بناء محور المقاومة ولكن هذا القرار أزعج قطر التي لا تزال ترفض المصالحة مع نظام الأسد، وجاء قرار الدوحة بإغلاق مكتب قطر الخيرية في غزة مؤخرا ردا على التقارب الذي حصل بين حماس والنظام السوري.
لم يكن نظام الأسد متحمسا بنفس الدرجة التي أقدمت بها حماس على المصالحة ذلك، لأن النظام السوري لم يغفر بعد خيانة الحركة له في أحلك الظروف: لقد مضي نظام الأسد قدما نحو تلك المصالحة أتى تحت اجبار النظام الإيراني ولحفظ ماء الوجه أمام الدعوات المتكررة لطهران التي لطالما سعت الى ذلك التقارب، ولكي تتجنب دمشق الضربات الاستباقية لإسرائيل ضد كيانات الحركة كان لزاما عدم الذهاب بعيدا في تلك المصالحة وإبقاء مكتب الحركة مغلقا الى اشعار آخر.
يدرك النظام السوري أن حماس وإيران وحزب الله حلفاء معزولون وان المرحلة التي تمر بها سوريا تحتاج الى حلفاء أقوياء لذلك فهي ترغب في أن يكون التقارب مع حماس رمزيا حتى لا يكون رفضا آخرا لإيران التي سعت في مرات عديدة الى التصالح بين الحركة والنظام، وحتى لا يؤثر ذلك أيضا على تطوير علاقاتها مع الامارات المعادية لحماس والتي بإمكانها أن تساهم بشكل كبير في انقاد اقتصاد سوريا المثقل بسنوات الحرب الأهلية خاصة وان علاقات دمشق وأبو ظبي في أحسن أحوالها خاصة بعد ان زار الأسد أبوظبي العام الماضي وردت الامارات الزيارة عن طريق وزير خارجيتها في مناسبتين.
بشار الأسد اليوم أمام ملفات تأخذ الأولوية عن ملف حماس والتمهيد لعودتها الى دمشق: ما يهم الأسد اليوم هو عودة العلاقات مع تركيا بالشكل الذي يحفظ سلامة ووحدة أراضي سوريا وان نجح هذا التقارب فسيمثل الضربة القاضية للمعارضة التي تتخد من انقرة مقرا لها، ثم تأتي علاقة سوريا بمحيطها العربي أيضا كأولوية تنهي بها دمشق عقدا كاملا من العزلة وفي الأخير فان فتح المجال أمام العودة الى دمشق لن يأتي منه سوى المزيد من المتاعب الأمنية خاصة وان إسرائيل لن تبقى مكتوفة اليد من تحركات الحركة داخل سوريا، لهذا فلا مصلحة للأسد بعودة علاقته مع حماس بالمستوى الذي كانت عليه قبل الثورة.
التعليقات