لا نزال في المائة يوم الاولى ويمكن لنا ان نحلم ونتمنى بالمئتين واكثر مما تبقى من العام بما شاء لنا، لكنها في المحصلة النهائية تستقطع كلها من العمر.. وهناك قول مأثور للحسن البصري يصلح ان يكون قاعدة لا تقبل الخطأ (إذا ذهب يومك ذهب بعضك) فكيف لي أن أحتفل بانقضاء عام من العمر يقربني من الأجل، أو أضيع العمر بما لا يفيد وهو بحساب الزمن والاحصاءات عن متوسط عمر الانسان (اكثر من سبعين عاما بقليل) أيام لا تتعدى 25 الف يوم؟ كيف لي أن أفرح بتقطيع أوصال عمري جزءا جزءا الى أن أغدو نسيا منسيا.. الاجابة وجدتها في دعاء للامام علي إبن الحسين إبن علي إبن أبي طالب نصه ( اللهم إجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والوفاة راحة لي من كل شر)، يصلح ان يكون قاعدة اخرى لحساب الاعمار وهي بالاعمال وليس بالاعوام ...

ومع بداية كل عام تكثر التمنيات.. وهي على قدر الحال.. فأمنية (البطران)، ليس كاستغاثة (الجوعان).. وتتفاوت بتفاوت الحالة المادية والاجتماعية والثقافة..

ومع نهاية العام يبدأ موسم العرافين.. فتجد من بين الناس ومنهم سياسيون ومتعلمون ورجال اعمال وناس من مختلف الاعمار والمهن والمستويات الثقافية يتابعون هؤلاء ويربطون مستقبلهم بما يقولونه.. تراهم يميتون هذا ويمرضون ذاك.. ويطلقون هذه.. ويزوجون تلك.. ويزيلون دولا وافرادا وزعماء ومشاهيرفي مجالات مختلفة.. وكأن الفلكيين والعرافين والمنجمين هم الذين يرسمون مستقبل العالم في العام الجديد ويحددون شخصياته، وليس السياسيون، والحكام والدول...

منذ سنين، والامنيات تكاد تكون متشابهة، تعكس واقع الحال.. تتردد على كل لسان.. عام يتلو عام وهو على حاله.. لا يفرق بين الاعوام لتشابهها في الطعم .. العاطل يحلم بالعمل.. ومن يعيش في الخيم، وكرفانات النزوح أو اللجوء تتشابه عنده الاحلام والاعوام... يحلم بالدفء في هذا الشتاء القارس الذي لن يتوفر، الا في جنته في الارض، وهي بيته... وحلمه أن لا يسمع كلمة سوف من مسؤول بعد أن (سافت) حروفها من كثرة الاستعمال، لكن لا يزال هناك من يداري فشله بها، ويغطي فساده بدثارها، فمتى تلفظ أنفاسها..؟

وأمنية الاماني عند العراقي الا يسمع كلمة إسمها المحاصصة، لانها أخذت الحق من مستحقه.. وأن تعود الاموال المسروقة من حيتان الفساد التي التهمتها، وما أحوج الناس اليوم اليها..

السنوات تتعاقب والاحلام ثابتة عند هدف عله يتحقق وهوأن تسود لغة التسامح والمحبة ويعم الامن والاستقراروالسلام، في هذا العالم المضطرب المليء بالازمات والكوارث، وتنتهي نزعة الانتقام.. وعندها يكون لتوالي الاعوام معنى، وللاحلام جدوى...
وكل عام والناس أقرب الى الحقيقة، وليس الى التمنيات.. والى الفعل المتحقق، وليس الى الوعد المقترن بسين وسوف..
نتمنى أن يصل كل (حالم) الى مبتغاه ..

وكل عام وانتم بخير ...