إن مسألة فقدان الشغف في الأشياء من حولنا هي حالة طبيعية وشائعة بين الناس لا تستوجب القلق ولا تتطلب البحث عن العلاج إلا اذا بلغت ذروتها بحيث تؤدي إلى إكتئابٍ شديد فهنا ستاخذ صورة المرض الذي يتطلب علاجاً فورياً كي يتماثل المريض للشفاء.

فحين يفقد الانسان الشغف باشيائه الجميلة وأحلامه الممزوجة بالخيال تبدأ مشاعرهُ بالاستغناء عن مسببات حزنه والم قلبه ووجع صمته الذي لايخلو من ضجيج افكاره،،
فتميل روحه للبحث عن السكينة والاطمئنان،، وياخذ العقل زاويته نحو التأمل بعيداً عن الم الفقد والضياع،،
عندها تبدأ مرحلة النضج العقلي لافكاره والاستقرار التام لروحه نحو السلام بعيداً عن صخب وهول الاحداث من حوله وهذا يتحقق من خلال رحلة اساسها التوافق والتناغم ما بين احواله الروحية والعقلية والاجتماعية بحثاً عن الراحة والامان فضلاً عن السيطرة على كلماته وحركاته وكل إنفعالاته وتصرفاته فيكون قادراً متمكناً من جميع حالاتهِ عندالتعامل مع ذاته اولاً ثم مع الغير.

فالنضج هو قرار شخصي واجتهاد وإصرار من اجل التمكن من جميع الامور والسيطرة عليها والسمو بالذات والارتقاء بها نحو الافضل.
إنَّ الانسان الذي ترهقه معارك الحياة وتخونه ظنون الافعال والتصرفات ويتعرض للخذلان من وجوهٍ كان يراها سنده وعكازه عند الانكسارات يعيش حالةً من الصدمة والانهيار فيخسر طموحاته وأحلامه تحت مسمى ظروف الحياة وتجاربها الصعبة فيبدأ صراعٌ مرير مع الحياة بتوالي الاحداث فيخيم الحزن على شمس آماله،، ويعيش العزلة تحت وطأة الصدمة بعيداً عن واقع طموحاتهِ،، ويشعر بالملل واليأس والتضايق من أبسط الأشياء وعدم الرضا عن الذات فيبدأ بالانسحاب من الانشطة الاجتماعية ويقضي المزيد من الوقت بمفرده فتنهال عليه التساؤلات المؤلمة من ذاكرةٍ اوجعتها قسوة الاحداث بعد خوضه لتجارب باتت نتائجها سلبية ومخيبة للآمال!!

هل فعلت الظروف القاسية فعلتها وأبعدتني عن تحقيق الهدف المراد أم أن التفاوت في تقدير الاحداث كان سىبباً في السير بعيداً عن الوجهة الصحيحة للهدف المراد!!

مهما طالت شدة الانكسارات وبلغت الحسرة ذروتها وفعلت تلك الاحداث المريرة فعلتها من ضياعٍ وإنهيار للذات البشرية تبقى الرغبة في العيش بسلام وامان هي الاساس في حياة الانسان الذي يحاول الخروج من هول الصدمة بعد ضياع ومعاناة من شدتها وقسوتها عليه
فيسعى بروحه نحو الإطمئنان ويعيد ترتيب الاحداث في ذاكرته بالشكل الذي يبعدها عن الاوجاع ويميل بنفسه إلى الارتقاء بذاتها بعد فترة من الصراع والانهيار فيسعى نحو الامان.

فمرحلة النضج التي يصل اليها ستمكنه من فهم الحياة بكل تناقضاتها المختلفة والمعقدة وتمنحه نوع من الاستقلالية في التحكم بشؤونه وإتخاذ القرارات المصيرية والمنطقية في الحياة.